زاد تفاقم حالة عدم اليقين السياسي في جنوب إفريقيا مع اقتراب انتخاب رئيس جديد لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي (الحاكم) من تنامي المخاوف بشأن قدرة هذا البلد على الخروج من الركود الاقتصادي الذي تتخبط فيه البلاد منذ سنتين . ويخشى خبراء اقتصاديون استمرار حالة عدم اليقين التي أدت، من بين أمور أخرى، إلى تراجع واضح في ثقة المستثمرين في آفاق هذا الاقتصاد الذي يعتبر الأكثر تقدما في أفريقيا.
وأظهرت أرقام نشرت أول أمس الثلاثاء عن قسم الإحصاءات، أن اقتصاد جنوب افريقيا لا يزال في الحضيض، إذ سجل نموا شبه منعدم نسبته 0,3 في المائة في متم 2016 ، وهي أدنى نسبة منذ الركود الذي شهدته البلاد في نهاية 2009. ويعزى هذا الانخفاض، حسب قسم الإحصاءات، إلى الأزمة التي أثقلت كاهل البلاد طيلة سنة 2016 على مستوى قطاعي الصناعة الصناعية والتعدين، وهما من الرافعات الرئيسية لاقتصاد جنوب إفريقيا.
وحسب الخبراء الاقتصاديين، فإن جنوب إفريقيا تتخبط في هذا الركود العميق بسبب فشل الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لإنعاش وإستعادة دينامية النمو الاقتصادي.
وأبرزوا أنه تم تأجيل هذه الإصلاحات التي أوصى بها الشركاء الاقتصاديون والماليون الدوليون، بسبب مناخ عدم اليقين السياسي السائد بالبلاد منذ السنتين الماضيتين، مذكرين بالفضائح التي تحيط بهذه الولاية الثانية والأخيرة للرئيس جاكوب زوما.
ويشكل هذا الركود في النمو خطرا محدقا يؤدي بجنوب إفريقيا إلى خسارة التصنيف السيادي وهو ما يخشاه صناع القرار السياسي والفاعلون الاقتصاديون بالبلاد .
وتبقي وكالة التصنيف الرئيسية الدولية خاصة )ستندارد أند بورز وفيتش ريتين) دائما على تصنيف جنوب إفريقيا في مراتب متدنية مع التلويح بخطر تدهور الأوضاع في حال فشلت الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الضرورية .
وقال جيفري سشولتز محلل بفرع وكالة تصنيف بجوهانسبورغ إن " وكالات التصنيف تتابع عن كثب تطور الوضع الاقتصادي بالبلاد" ، مبرزة أنه يتعين على الحكومة أن تظهر وحدتها في عزمها الحفاظ على استقرار البلاد .
وحذرت أصوات من حزب المؤتمر الوطني الحاكم من تداعيات الانقسامات التي تنخر الحزب بخصوص خلافة زوما.
واعتبر بعض المسؤولين من بينهم جيسي دوارت مساعدة الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني أن الحزب الحاكم يواجه خطرا حقيقيا يتمثل في الانشقاق هذه السنة بسبب هذه الانقسامات .
ويتعين على حزب المؤتمر الوطني ان ينتخب قبل متم 2017 رئيسا جديدا يخلف زوما ، وتتضمن لائحة المرشحين اسمين لتولي هذا المنصب وهما نائب الرئيس سيريل رامافوسا والرئيسة السابقة للمفوضية الإفريقية نكوسازانا -دلامين زوما .
و أبرز المحللون الاقتصاديون أن أزمة الانشقاق في البلاد لا تبعث على الاطمئنان. وقال المحلل سشولتز إنه "من المهم بالنسبة لجنوب إفريقيا أن تحافظ على استقرارها من أجل إقناع المستثمرين". من جهة أخرى ، يزيد ركود النمو من تعقيد مهمة الحكومة التي التزمت بتقليص معدل البطالة. وخلال تقديم ميزانية الدولة ، مؤخرا، أشار وزير المالية غوردهان برافين الى ان الحكومة تبقى ملتزمة ببذل جهودها الرامية إلى القضاء على الفقر والبطالة عبر تسريع وتيرة سياسة التحول الاقتصادي .
وعلى الرغم من ذلك، أبرز المحللون أن الأرقام تظهر أن الأهداف المسطرة من قبل الحكومة بعيدة كل بعد عن إمكانية تحقيقها.
وأوضح ميشيل ماناميلا محلل في مكتب للافتحاص في بريتوريا أن "اقتصاد جنوب إفريقيا لا يعطي أي مؤشر عن تحقيق التحسن وأهداف النمو تبدو بعيدة المنال بشكل متزايد" .
وكانت حكومة جنوب إفريقيا قد حددت كهدف تحقيق معدل نمو سنويا نسبته 5 في المائة في أفق 2030 من أجل القضاء على البطالة وتقليص الفقر .
وفي هذا السياق، قال ميك شوسلر محلل بمجموعة (إيكونوميست .كو.زا) " لا يبدو أن المناخ الاقتصادي الراهن سيساعد على بلوغ هدف من هذا القبيل "، مضيفا أن استمرار عدم الاستقرار سيواصل تثبيط عزيمة المستثمرين.