جوهانسبورغ: عبد الغني اعويفية (و.م.ع) يرتقب أن تشهد جنوب إفريقيا مزيدا من تفاقم مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية على خلفية أزمة سياسية لا تلوح في الأفق بوادر انفراجها. فالقرار الصادر الأسبوع الماضي عن المحكمة الدستورية بشأن تمويل إصلاح الإقامة الخاصة للرئيس جاكوب زوما، ساهم في إدخال جنوب إفريقيا في وضع غير مستقر يهدد بإغراق البلاد، المصنف الأكثر تقدما في القارة الإفريقية، في دوامة ركود. إذ أمرت المحكمة، في قرار وصف بالتاريخي، الرئيس بتسديد جزء من تكاليف إصلاح إقامته الخاصة ببلدته الأصلية نكاندلا، في كوازولو ناتال، واعتبرت أيضا أن زوما لم يحترم الدستور من خلال رفضه تسديد ما تم إنفاقه في إصلاح إقامته الخاصة للدولة. وانتهى زوما، الذي أنكر لوقت طويل الاختلالات في التمويل العمومي لهذه الأشغال المقدرة ب16 مليون دولار، إلى الاعتذار الجمعة الماضية، عن اللجوء إلى أموال عمومية، مقرا في السياق ذاته بارتكابه خطأ دستوريا. كما وعد بالامتثال لقرار المحكمة الدستورية، وتسديد التكاليف التي تم استغلالها بشكل شخصي. غير أن الاعتذار لم يساهم في تهدئة التوتر، وهو الوضع الذي يفاقم الضغوطات على المؤتمر الوطني الإفريقي. ونجح المؤتمر، الثلاثاء، في تجميد ملتمس للرقابة، بالبرلمان الذي يهيمن على أغلبية مقاعده، لإسقاط الرئيس زوما، غير أن أحزاب المعارضة والمجتمع المدني أكدوا العزم على مواصلة النضال من أجل عزل رئيس لم يعد بنظرهم قادرا على تسيير البلاد. وينعكس هذا المناخ السياسي الشديد التوتر، بشكل سلبي على العملة الجنوب إفريقية، الراند، التي اتجهت قيمتها صوب الانخفاض مقارنة مع الدولار الأمريكي (تم تبادل الدولار بأزيد من 15 راندا الثلاثاء). وحسب محللي بورصة جوهانسبورغ، فإن التقهقر الجديد للعملة الجنوب إفريقية يعد خطرا، إذ يأتي ذلك في ظل ظرفية سياسية واقتصادية ذات بعد مقلق. ويرتقب أن تواجه المقاولات الجنوب إفريقية، برأي المحلل مارتن ميتنر، صعوبات كبيرة من أجل مواصلة تواجدها ضمن بيئة غير ملائمة، مضيفا أن هذا الوضع سيتجسد من خلال تراجع الاستثمارات ومزيد من الخسائر على مستوى الوظائف. ويحذر الاقتصاديون من أن هذا الوضع لن يساعد اقتصاد البلاد، حيث لا يستبعدون حدوث ركود آخر بعد ذلك الذي شهدته البلاد في 2009، بالنظر لتفاقم معيقات النمو التي تستمر منذ 2015. فقد أظهرت أرقام نشرها مؤخرا قسم الإحصائيات الجنوب الإفريقي، أن التباطؤ يتفاقم ليصل إلى مستوى يعيد إلى الأذهان فترة ركود 2009 . وقد سجل الاقتصاد معدل نمو يقدر ب1,3 في المئة طيلة سنة 2015، في مقابل 1,5 في المئة في السنة التي قبلها. ويعزى هذا التراجع، حسب المحللين الاقتصاديين، إلى الجفاف الذي يضرب البلاد، مما يعيق الإنتاج الفلاحي ويدفع بالحكومة إلى اللجوء للاستيراد في وقت لا تستطيع فيه العملة الوطنية استعادة عافيتها أمام الدولار الأمريكي. ولا تعد الآفاق بالنسبة لسنة 2016 أكثر تشجيعا، فقد قلص صندوق النقد الدولي إلى النصف آفاق النمو الاقتصادي لإفريقيا، ليتحدد في 0,7 في المئة. ويرتقب أن يلقي استمرار معيقات التنمية، المتفاقمة بسبب الأزمة السياسية السائدة، بثقله على تحليل الوضع الاقتصادي للبلاد من طرف وكالات التصنيف. ويعتبر الاقتصاديون أن جنوب إفريقيا تتوقع الأسوأ، إذ قام فريق من وكالة موديز مؤخرا بزيارة للبلد بهدف إعادة تقييم مناخه الاقتصادي. وحذر وزير المالية برافين غوردان، من أنه سيتم أخذ المناخ السياسي بعين الاعتبار من قبل وكالات التنقيط في إطار مراجعة التنقيط السيادي للبلد. وأضاف الوزير، عقب التصويت بالبرلمان على ملتمس الرقابة ضد الرئيس زوما، أن الجنوب إفريقيين يجب أن يكونوا واعين بأن وكالات التنقيط ستأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي خلال التقييم.