تواجه جمهورية جنوب إفريقيا، التي تعاني أصلا من تداعيات أزمة اقتصادية حادة، موجة جفاف حادة هذه السنة، تعد الأسوأ من نوعها منذ 23 عاما، وهو الأمر الذي قد يلحق ضررا أكبر بمؤشرات آفاق التنمية بالبلاد. وحذرت مصالح الارصاد الجوية الجنوب إفريقية هذا الاسبوع من أن موجة الجفاف هذه ستستمر حتى الخريف المقبل، وهي الفترة التي يرتقب أن تتقوى فيها ظاهرة "النينو".
وتعد موجة الجفاف هذه الأسوأ من نوعها منذ سنة 1991، حيث أن البلاد بدأت بالفعل تستشعر تداعيات الظاهرة، خصوصا من خلال الانخفاض الكبير في الإنتاج الفلاحي والارتفاع الملموس في أسعار المواد الغذائية.
وبحسب الخبير الاقتصادي وانديل سيهلوبو، فإنه من المنتظر أن يتسبب الجفاف في تراجع الإنتاج الفلاحي بنحو 29 في المائة، مقارنة بالسنة المنصرمة، موضحا أن محاصيل الذرة، التي تعد المنتوج الفلاحي الرئيسي بهذا البلد، لن تتجاوز 9 مليون طن هذه السنة، مقابل 14.3 مليون طن السنة المنصرمة، لتسجل بذلك تراجعا بنسبة 31 في المائة.
ووفقا لإحصائيات نشرت مؤخرا، فإن القطاع الفلاحي بجنوب إفريقيا سجل تراجعا بنسبة 17 في المائة، بسبب آثار الجفاف، وهو ما سيفرض على البلاد الرفع من حجم واردتها من المنتوجات الغذائية والحبوب للاستجابة للطلب الداخلي رغم ضعف العملة الوطنية.
فتحت ضغوط داخلية وخارجية قوية، فقدت العملة الوطنية (الراند) أكثر من 15 في المائة من قيمتها هذه السنة، مقابل الدولار الأمريكي.
وفي سياق ذلك ، تعتزم السلطات في جنوب إفريقيا فرض قيود على استهلاك الماء، خصوصا في بعض المراكز الحضرية، من قبيل إقليم غوتنغ، الذي يعد الأكثر اكتظاظا بالسكان في جنوب إفريقيا، والذي يضم العاصمة بريتوريا والمركز المالي لجوهانسبورغ.
وحسب محللين محليين، فإن الأمر يتعلق بأزمة جديدة لن تكون السلطات قادرة على إخفائها أو تجاهلها، وبكارثة منتظرة ستكون لها آثارا وخيمة على الاقتصاد الوطني، وذلك حسب يومية "ذو تايمز" الواسعة الانتشار.
وترى هذه اليومية أن الحكومة لم تقم بالاستثمارات الكافية لتطوير إدارة المياه في البلاد، فيما يتوقع محللون آخرون تفاقم العلل الاقتصادية في هذا البلد الذي يعد الأكثر تصنيعا في إفريقيا.
الجدير بالذكر أن جمهورية جنوب إفريقيا التي لا يتجاوز معدل النمو بها 1,5 في المائة، تعيش على وقع مناخ اجتماعي متوتر، متمثل على الخصوص في تنامي الحركات الاحتجاجية المطالبة بتحسين ظروف الاجتماعية والاقتصادية، خاصة لفائدة الأغلبية من السكان السود الذين لا يزالون يعانون من مظاهر الإقصاء على الرغم من مرور أكثر من عشرين سنة على انتهاء نظام الفصل العنصري.