يتهاوى الدولار منذ أكثر من سنة، بحيث تدنو قيمته، في مقابل أورو واحد، من دولار ونصف، هذا التطور يفترض أن تكون له انعكاسات متباينة على الاقتصاد المغربي، لا سيما في ظل اعتماد المغرب، منذ أكثر من سبع سنوات، لسلة عملات مكونة من الأورو بنسبة 80 في المائة والدولار بنسبة 20 في المائة. غير أن العلاقة المتوترة بين العملتين الأكثر تداولا في العالم ساهمت في التخفيف من تفاقم العجزالتجاري المغربي، على اعتبار أن الواردات الأساسية للمغرب مسعرة بالدولار، لكن الواردات المسعرة بالأورو، من قبيل مواد التجهيز، يمكن أن ترتفع قيمة فاتورتها، الشيء الذي سيؤثر على تكاليف الإنتاج وأسعار المنتوج النهائي. وقد اعتبر مصدر من مكتب الصرف، في تصريح ل«المساء»، أن ارتفاع قيمة الدرهم في علاقته بالدولار كان عموما إيجابيا بالنسبة إلى الاقتصاد المغربي، على اعتبار أنه ساهم في التخفيف من تداعيات ارتفاع أسعار البترول والمواد الأولية التي يستوردها المغرب من السوق الدولية، خاصة وأن المنتوجات البترولية تشكل، حسب السنوات، ما بين 20 و22 في المائة من مجموع الواردات المغربية. وهذا التأثير الإيجابي لعلاقة العملة الوطنية بالورقة الخضراء يطال كذلك المديونية الخارجية للمغرب المسعرة، في جزء كبير منها، بالدولار. وبالنسبة إلى المنتوجات الأخرى، خاصة تلك الآتية من البلدان التي ترتبط عملاتها بالدولار والتي ربط معها المغرب اتفاقيات للتبادل الحر، فقد سجل تطور ملحوظ في الواردات القادمة منها، مما يضر بالإنتاج المحلي، من قبيل بعض منتوجات النسيج والبسكويت.. في نفس الوقت، يشير ذات المصدر إلى أن تراجع قيمة الدرهم المغربي في علاقته بالعملة الأوربية الموحدة له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المغربي بالنظر إلى أن أغلب الصادرات المغربية توجه إلى الاتحاد الأوربي. ويعتبر محلل مالي، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن المغرب لم يستفد كثيرا من ارتفاع قيمة العملة الأوربية الموحدة في علاقتها بالدرهم المغربي، على اعتبار أن ثمة معطى هيكليا يتمثل في ضعف تنافسية الاقتصاد الوطني، وهو ما يِِؤشر عليه النمو المتواضع للصادرات المغربية، فقد تراجعت صادرات النسيج مثلا إلى الولاياتالمتحدة، في نظر المحلل المالي، ليس بسبب ارتفاع قيمة الدرهم في علاقته بالدولار، بل نتيجة ضعف معرفة المصدرين بالسوق الأمريكية، في الوقت ذاته يبدو أن بعض البلدان المماثلة للمغرب، التي تربط عملتها بالدولار أو تتوفر على عملة معومة مثل مصر، تتوفر على إمكانيات كبرى للمنافسة فى السوق الدولية. وتشير بعض التحليلات إلى أن تراجع قيمة الدولار، ساعد على التخفيف من تفاقم عجز الميزان التجاري المغربي خاصة بالنسبة إلى المنتوجات المسعرة بالدولار التي يعول المغرب في تلبية حاجياته منها كثيرا على السوق الدولية، وهذا ما يتجلى على مستوى فاتورة البترول، فقد ساعدت متاعب الدولار على انخفاض طفيف لفاتورة البترول الخام لتصل، في حدود نوفمبر الماضي، إلى 22.8 مليار درهم مقابل 23.1 مليار درهم في الفترة ذاتها من سنة 2006 رغم التهاب أسعار الذهب الأسود في السوق الدولية. نفس الملاحظة تسري على واردات الحبوب التي ارتفعت بشكل كبير بسبب الجفاف الذي عرفه المغرب في الموسم الفلاحي الماضي، فقد ساهم وصول سعر الطن من القمح في السوق الدولية إلى حوالي 400 دولار في ارتفاع فاتورة الحبوب، أي القمح والشعير والذرة، التي انتقلت في متم نوفمبر الماضي إلى 12.4 مليار درهم، مقابل 4.8 ملايير درهم في الفترة نفسها من السنة الفارطة، غير أن تراجع قيمة الدرهم في علاقته بالعملة الأوربية الموحدة سيساهم في الرفع من قيمة بعض الواردات من قبيل مواد التجهيز والتي يستوردها المغرب من أوروبا. وفي رصده لأداء العملة الوطنية في الربع الثالث من السنة الفارطة، يشير بنك المغرب إلى أنها ارتفعت ب1.65 في المائة في علاقتها بالدولار الأمريكي، في نفس الوقت الذي انخفضت ب 0.35 في المائة في علاقتها بالعملة الأوربية الموحدة. وتراجعت في علاقتها بالجنيه الإسترليني والفرنك السويسري والين الياباني على التوالي ب0.17 و0.31 و0.91 في المائة. ويلاحظ البنك المركزي أن هذا التطور تواصل خلال أكتوبر ونوفمبر الماضيين، على اعتبار أن الدرهم المغربي سجل في علاقته بالدولار ارتفاعا بنسبة 4.23 في المائة، في الوقت الذي تراجعت فيه قيمته في علاقته بالأورو ب0.85 في المائة. يشار إلى أن المغرب عمد في أبريل 2001 إلى تعديل سلة تسعير الدرهم، ليحصر تركيبتها في الأورو والدولار الأمريكي، فقد ترتبت عن إحداث الأورو في 1999 مراجعة تركيبة السلة من أجل تعويض العملات الأوربية القديمة بهذه العملة الجديدة، حيث أوضح بنك المغرب، في تقريره السنوي لسنة 2006، أن تعديل سلة تسعير الدرهم بمعامل ترجيح يبلغ 80 في المائة و20 في المائة، على التوالي بالمقارنة مع الأورو والدولار مكن من تحسين التنافسية، حيث ظلت نسبة التضخم في المغرب، عموما، دون المستوى المتوسط المسجل في الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنطقة الأورو.