جراء الانقسامات الحادة التي تهدده، لا سيما بخصوص حصيلة الرئيس جاكوب زوما، يرتقب أن يعيش المؤتمر الوطني الإفريقي، الحزب الحاكم، سنة 2017 على إيقاع تطورات حاسمة من أجل استمرارية هذه التشكيلة التي لم تعد تستجيب على ما يبدو لتطلعات الشعب الذي تقوده منذ سنة 1994. ودفعت الهزيمة التي تكبدها المؤتمر الوطني الإفريقي خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2016 على خلفية سلسلة من الفضائح تورط فيها الرئيس زوما، عددا من قادة ومناصري حزب نيلسون مانديلا للتساؤل حول المسار المستقبلي لهذه التشكيلة السياسية.
واعتبر المحلل السياسي سيفو سيب أنه من المرتقب أن يطغى انتخاب زعيم جديد للحزب في دجنبر المقبل على المشهد السياسي للبلاد منذ مطلع السنة، مشيرا إلى أن التصدعات داخل الحزب يصعب إخفاؤها.
ويرى بعض المحللين أن فضائح وهزائم الحزب خلال انتخابات السنة الماضية لم تكن سوى النقطة التي أفاضت الكأس، على اعتبار أن المؤتمر الوطني الإفريقي تشكيلة تقوم على مزيج من العناصر والإيديولوجيات المتناقضة.
وبالفعل، نجح الحزب في البقاء في السلطة منذ نهاية نظام الميز العنصري (الابرتايد) سنة 1994 بفضل تحالف مع الحزب الشيوعي والمركزية النقابية كوساتو.
وأوضح المحلل سيب أنه بعد أزيد من 20 سنة على وصوله للسلطة، أصبح المؤتمر الوطني الإفريقي مسرحا لتباينات بين التيارات الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية والتقليدية والإفريقية والاجتماعية الليبرالية، مؤكدا أنه لم يعد ممكنا احتواء هذه التناقضات بسبب تنامي التحديات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
ويرى بعض المحللين في هذا التطور نضجا في المشهد السياسي لجنوب إفريقيا، في حين يتخوف آخرون من استفحال الانقسامات إلى درجة ترهن مستقبل هذه الديمقراطية الجنوب إفريقية الفتية.
ويتعين على الملاحظين انتظار الخطاب الذي سيلقيه زوما في الثامن من يناير حول حالة البلاد. ويتوقعون أيضا تعديلا قد يجريه رئيس الحكومة خلال الشهر الجاري.
وتسعى الدائرة المقربة من زوما إلى استخدام هذا التعديل للتخلص من أعضاء الحكومة الذين ساندوا مقترح الرقابة ضد الرئيس.
وحذر المراقبون من أن أي تسوية حسابات مع اقتراب انتخابات الزعيم الجديد لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي ستزيد من حدة التوتر، وهو الوضع الذي يهدد بخيبة أمل ما تبقى من أعضاء هذا الحزب.
وتستأثر هذا الانتخابات، التي ستحدد مسار الحزب في أفق الانتخابات التشريعية لسنة 2019، باهتمام المؤتمر الوطني الإفريقي.
ووسط الاصوات الداعية إلى رحيل زوما، يستعد مناصروه للمرور إلى السرعة القصوى في محاولة لفرض وزيرة الخارجية السابقة نكوزازانا دلاميني زوما، وهي الزوجة السابقة للرئيس، بهدف تجنب أي متابعة قضائية ضد زوما عند نهاية ولايته.
من جهة أخرى، يسعى نائب الرئيس سيريل رامافوزا، لتعزيز حظوظه لشغل المنصب الذي كان يتطلع إليه منذ عهد مؤسس الحزب نيلسون مانديلا الذي كان اعتبره خلفا له لولا المؤامرات التي حيكت لإبعاده عن مقاليد قيادة الحزب.
ويعتبر المحلل السياسي المعروف بجنوب إفريقيا رالف ماتيكغا أن سنة 2017 ستكون سنة جنوب إفريقيا، التي ستكون محط اختبار للديمقراطية الناشئة في هذا البلد، مشيرا إلى إمكانية دخول قوى أجنبية للتأثير على مسار الانتخابات.
ويرى محللون آخرون أن انتخابات دجنبر 2017 ستكون حاسمة بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي قبل كل شيء، إذ "سيتعلق الأمر بالفرصة الاخيرة لاستمراريته أو زواله".