بدأ الملك محمد السادس أمس الخميس زيارة رسمية لغانا، وهي الأولى من نوعها لهذا البلد الإفريقي، وذلك في إطار جولة جديدة تشمل كلا من غينيا (كوناكري)، التي يترأس رئيسها السيد ألفا كوندي الاتحاد الإفريقي حاليا، ومالي وكوت ديفوار، وكانت الدول الأربعة قد دعمت عودة المغرب إلى المنظمة القارية رغم الضغوط التي مورست عليها من طرف الجزائروجنوب إفريقيا، ومنها من طالبت بإعمال المنطق والقواعد الدولية وتجميد عضوية دولة الوهم التي لا تتوفر على أي شرط من شروط الدولة. وقد حظي الملك محمد السادس لدى وصوله إلى بلد نيكروما باستقبال كبير يعبر عن رغبة هذا البلد الإفريقي الأنغلوفوني في تطوير علاقاته مع المغرب في مختلف المجالات، وخصوصا بعد انتخاب الرئيس الجديد نانا أكوفو أدو خلفا لجون دراماني ماحما في دجنبر الماضي، الذي يتجه إلى إحداث تغييرات تمكن هذا البلد الإفريقي، الذي يعتبر ثاني اقتصاد في غرب إفريقيا ويعرف استقرارا مستداما ويتوفر على ثروات مهمة تضم البترول والذهب والكاكاو(ثاني منتج عالمي)، ويرغب في تجاوز الأسباب التي جعلت بلده لا يستفيد من إمكانياته المهمة في بناء تنمية قوية تنعكس على مستوى معيشة الساكنة.
وفي هذا الإطار يندرج انفتاحه على المغرب الذي يحمل مشروعا للتنمية المشتركة قائم على أساس تعاون جنوب-جنوب و رابح-رابح يهدف إلى الدخول في مرحلة جديدة من التحرر الإفريقي تقطع مع الإرث الاستعماري ومن الإيديولوجية العالمثالثية التي لم تنتج غير الدوران في الحلقة المفرغة للفشل التنموي.
وينتظر أن تكون هذه الزيارة الأولى للملك محمد السادس لأكرا فاتحة تعاون شامل يغطي مجالات متعددة، تمتد من الفلاحة إلى الصناعة والمعادن والبناء وغيرها، خصوصا وأن غانا، التي تمر حاليا بأزمة مالية ناتجة عن انخفاض الأسعار الدولية للبترول والغاز والمواد الأولية، تعول على تنويع اقتصادها وتقوية تنافسيته والدخول في شراكات جديدة تخدم هذا الهدف، واختارت لهذه الغاية حكومة مكونة من كفاءات وخبراء وجعلت من تجديد الحكامة هدفا أولويا من أجل خلق مناخ ملائم للاستثمار.
وغانا تعرف أن المغرب يتوفر على إمكانيات وخبرات مهمة يمكن أن تساهم في بلوغ أهدافها في عدد مهم من القطاعات التي يراهن الرئيس الغاني الجديد على تطويرها، وخصوصا الفلاحة، حيث يعتزم بناء مجموعة من السدود وأيضا بتطوير التقنيات الفلاحية، وفضلا عن خبرة المغرب في ميدان السدود والسياسة المائية المعروفة، فإن مجمع الفوسفاط يطور إنتاج الأسمدة بما يلائم الفلاحة الإفريقية، ومنها زراعة الكاكاو الأساسية في غانا.
ويسجل المغرب حضورا في الاقتصاد الغاني مند سنوات، حيث استثمر في هذا البلد 6،1 مليار دولار لحد الآن، ويعتبر البنك الإفريقي التابع لمجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية من المؤسسات المالية المهمة بهذا البلد، حيث فتح عددا كبيرا من الوكالات في العاصمة أكرا ومدن غانية أخرى تلعب دورا مهما في تعبئة الادخار وفي تمكين المواطنين والمؤسسات من قروض وخدمات مالية مختلفة، ويوجد المغرب في قطاع التأمين وإعادة التأمين وفي قطاع الإسمنت، حيث يعتبر معمل إسمنت إفريقيا التابع لمجموعة الضحى من أهم المزودين لسوق البناء بغانا، وهناك أيضا جالية مغربية نشيطة في هذا البلد في عدد من القطاعات، بما فيها القطاع الاجتماعي.
ومن المتوقع أن يعرف الحضور الاقتصادي المغربي في غانا دفعة قوية، حيث ينتظر التوقيع على عدد مهم من اتفاقيات التعاون والشراكة بمناسبة زيارة الملك محمد السادس لهذا البلد، التي تستغرق ثلاثة أيام في شقها الرسمي، وتهم القطاع العمومي والقطاع الخاص على حد سواء، ويتوقع أن يترتب عليها رفع الاستثمار المغربي إلى أكثر من ضعف مستواه الحالي في المدى المتوسط، وقد أعلن البنك الإفريقي التابع لمجموعة عثمان بنجلون عن اعتزامه فتح 50 جديدا من أجل تسريع تطور الخدمات البنكية به وتوفير التمويل للاستثمار المحلي في هذا البلد الذي تتوقع المؤسسات الدولية تحقيقه لمعدل نمو مرتفع يقارب 6 في المائة في السنوات المقبلة بفضل استغلال آبار بترولية جديدة تم اكتشافها.