يستأنف اليوم، الاثنين الملك محمد السادس، جولاته الإفريقية بعد نحو عشرة أيام قضاها في إقامته الخاصة في الغابون. المحطة الأولى التي يرتقب أن يصلها الملك محمد السادس اليوم، هي العاصمة الغانية أكرا، معقل آخر من المعاقل الأخيرة لجبهة البوليساريو في إفريقيا. فيما ينتقل الملك منتصف هذا الأسبوع إلى غينيا، الحليف التقليدي للمغرب، يليها معقل آخر للبوليساريو، وهو زامبيا التي أجلتها الأجندة الملكية منذ أسابيع، قبل أن يعود الموكب الملكي إلى منطقة الغرب الإفريقي، في زيارة إلى كل من مالي والكوت ديفوار. العاصمة الغانية أكرا، حيث جرت الشهر الماضي ترتيبات مكثفة لاستقبال الملك محمد السادس، ستشهد استقبالا حافلا للملك محمد السادس، حيث تعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لهذا البلد الأنغلوفوني، والذي يعيش حاليا انتقالا للسلطة بعد انتخابات رئاسية جرت شهر دجنبر الماضي، وانتهت بفوز نانا أكوفو أدو. هذا الأخير كان قد جهّز العاصمة أكرا بمظاهر احتفالية استثنائية لاستقبال الملك منتصف يناير الماضي، قبل أن يُعلَن عن تأجيل الزيارة في اللحظات الأخيرة. فيما شهدت غانا تنظيم منتدى اقتصادي كبير بين رجال الأعمال من البلدين، يرتقب أن يشار إلى بعض من ثماره بمناسبة الزيارة الملكية إلى هذا البلد الإفريقي. غانا هي من الدول الإفريقية القليلة التي مازالت تعترف بالجبهة الانفصالية، لكنها تتوفر على إمكانات اقتصادية واعدة، حيث تصنف كأكبر منتجي الذهب في إفريقيا، إلى جانب دولة جنوب إفريقيا. المحطة الثانية من الجولة الملكية، ستكون هي العاصمة الغينية كوناكري، حيث يوجد صديق كبير واستثنائي للمغرب على رأس الجمهورية. الرئيس ألفا كوندي، والذي لعب أحد الأدوار الحاسمة في القمة الأخيرة للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بعدما تأجل طرح الطلب المغربي بالانضمام، إلى غاية انتخابه رئيسا جديدا للاتحاد الإفريقي، ليتولى شخصيا مهمة مواجهة خصوم المغرب، يتقدمهم الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما. كوندي الذي خصه الملك محمد السادس بأحد أطول لقاءاته التحضيرية للقمة، حرص على إلزام معارضي انضمام المغرب باحترام المنهجية الديمقراطية المتمثلة في وجود أغلبية مؤيدة لانضمام المغرب. أحد زعماء الحزب الحاكم في غينيا، إبراهيم كيطا، دعا في تجمع أسبوعي لأعضاء الحزب جرى السبت الماضي، إلى التعبئة الشاملة لتنظيم استقبال شعبي حافل للملك محمد السادس، والذي يرتقب أن يحل بغينيا هذا الخميس. بعد المحطة الغينية، ينتظر أن يحل الملك محمد السادس أخيرا بالعاصمة الزامبية لوساكا. هذه الأخيرة كانت قد استعدت بدورها لاستقبال الملك محمد السادس بداية شهر دجنبر الماضي، قبل أن يتم تأجيل الزيارة إلى موعد لاحق. زامبيا هي معقل آخر من معاقل البوليساريو في إفريقيا، وهي دولة مجاورة لجنوب إفريقيا. الرئيس الزامبي إدغار لونغو واجه في تلك الفترة تحركا دبلوماسيا ضاغطا من جانب الجارة القوية سياسيا واقتصاديا، جنوب إفريقيا، والتي بادرت إلى استقبال رئيس جبهة البوليساريو إبراهيم غالي. هذا الأخير انتقل حينها من بريتوريا إلى العاصمة الزامبية لوساكا، بعدما حصل على دعم دبلوماسي قوي من ثاني أضلع المحور المعادي للمغرب في إفريقيا بعد الجزائر. لكن الرئيس الزامبي ينتمي إلى الجيل الجديد من الرؤساء الأفارقة، المتحررين من قيود الماضي والساعين إلى بناء علاقات اقتصادية مثمرة مع جميع الدول الإفريقية. أكثر المحطات المقبلة للجولة الملكية في إفريقيا، ستكون هي العاصمة المالية باماكو. هذه الأخيرة تعتبر ساحة لمواجهة دبلوماسية حامية بين المغرب والجزائر. مالي تحرص على الحفاظ على توازن دقيق بين الغريمين المغاربيين، وتبقى بالتالي منفتحة على مبادراتهما معا. ففي جوابها الرسمي الموجه إلى المفوضية الإفريقية بشأن الطلب المغربي بالانضمام إلى الاتحاد الافريقي، قالت مالي إنها توافق على الطلب مع احترام القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي. الإشارة الأخيرة جاءت إرضاءً للجزائر التي تفسر هذا القانون بضرورة الاعتراف بالبوليساريو، وإرضاءً للمغرب، أيضا، الذي صادق على قوانين الاتحاد بدون تحفظ. فيما تحولت العاصمة المالية باماكو في الأسابيع القليلة الماضية، إلى وجهة شبه يومية لدبلوماسيين جزائريين، بهدف استباق الزيارة الملكية. كل من وزير الشؤون المغاربية والإفريقية في الحكومة الجزائرية، ورئيس مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي، وشيخ الطريقة التيجانية في الجزائر، حلوا بالعاصمة المالية في الأيام الأخيرة. وتلعب الجزائر ورقة اتفاق السلام الذي وُقِّع برعايتها بين السلطات المالية وباقي أطراف الأزمة في شمال مالي، للإبقاء على جارها الجنوبي هذا بعيدا عن مجال النفوذ المغربي. فيما علم "اليوم 24" أن الملك محمد السادس سيقوم بمجموعة من التدشينات، أحدها يهم مصحة تحمل اسم محمد السادس، كان الملك محمد السادس وضع حجرها الأساس في زيارة سابقة. المحطة الأخيرة المبرمجة حتى الآن في أجندة الجولة الملكية في إفريقيا، ستهم دولة الكوت ديفوار، أحد أكبر الاقتصاديات الصاعدة في منطقة غرب إفريقيا، وحيث بات المغرب ينافس فرنسا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية الموجهة لهذا البلد. الرئيس الإيفواري الحسن واتارا، يعتبر أحد أكبر حلفاء المغرب داخل القارة الإفريقية، لكنه يواجه حاليا اضطرابات سياسية وعسكرية ناجمة عن تحركات متكررة لعناصر من الجيش الإيفواري ترفع مطالب مادية في وجه السلطات.