أثار الإعلان أمس الأحد عن "التوقيع بالأحرف الأولى بالجزائر على اتفاق للسلام والمصالحة الوطنية في مالي" استغراب العديد من الملاحظين الدوليين، الذين رأوا فيه محاولة يائسة من السلطة الجزائرية لتقديم نفسها كا"صانعة للسلام الإقليمي"، في الوقت الذي يكشف فيه الواقع عن "فشل صارخ" للدبلوماسية الجزائرية. فبعد أن تبين أن تسمية "دول الميدان"، التي سادت خطأ، قد سقطت مع تنامي تهديدات الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، اكتشفت السلطة الجزائرية اليوم أن وساطتها لتسوية الأزمة المالية كانت فاشلة، كما يدل على ذلك رفض تنسيقية حركات أزواد، التي تنتمي إليها حركة التحرير الوطني لأزواد، التوقيع على هذا الاتفاق بالأحرف الأولى.
وسجل الملاحظون أن عبقرية الدبلوماسية الجزائرية وآلياتها الإعلامية لم تتمكن من إخفاء هذا الواقع، الذي يكشف مدى "غياب التحضير" لدى النظام الجزائري من أجل تنفيذ هذه المبادرة، ونزع فتيل أزمة ليست غريبة عنها بشكل كامل.
بهذا الصدد، أكد مارك لافيرين، مدير المركز الوطني للبحث العلمي، أن "الجزائر أرادت أن تقدم نفسها كصانعة للسلام، لكن تبين مع رفض تنسيقة حركات أزواد أنها تفتقر للتحضير"، واصفا هذا الاتفاق بÜ"صيحة في الوادي".
وقال هذا الخبير إن "هذا الاتفاق لا يعالج الإشكاليات العميقة، وإنما يعالج فقط جرحا في جسم مريض بكامله".
من جانب آخر، أشار مراقبون آخرون بنوع من السخرية إلى "الوساطة" الجزائرية، مذكرين بأن الأزمة في مالي نشبت في الأصل بسبب "تواطؤ وإهمال متعمدين من قبل السلطات الجزائرية".
وفي هذا السياق، أبرز بيتر فام، مدير أفريكا سانتر، التابع لمجموعة التفكير الأمريكية المرموقة أطلانتيك كاونسيل، أن "مقاتلين من البوليساريو انضموا إلى الجماعات الإرهابية التي تنشط شمال مالي، زد على ذلك تدفق الأسلحة القادمة من التراب الجزائري، دون الحديث عن التموينات بجميع أشكالها".
وهكذا تكون السلطة الجزائرية، من خلال الإسراع إلى الإعلان عن توقيع اتفاق بين مختلف الأطراف في مالي، قد أرادت إخفاء فشل آخر لدبلوماسيتها، ولكن التعبير أيضا عن رغبة متلعثمة ومعاناة من عدم قدرتها على الاضطلاع بدور ريادي على الصعيد الإقليمي.