أبرزت صحيفة "إيل فوغليو"، التي عادت إلى الجولة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس، مؤخرا إلى إفريقيا، أن المغرب "بصدد كسب" المعركة ضد الإرهاب، لاسيما من خلال تشجيع ونشر إسلام معتدل باعتباره "حصانة ضد التطرف الديني". وأضافت الصحيفة في عددها ليوم الأربعاء أن المغرب انخرط منذ سنوات في مكافحة التطرف الديني والإرهاب، وهو نهج ظهرت اليوم "مساهمته الكبيرة في الاختيارات الاستراتيجية" للمملكة، مذكرة في هذا الصدد بجولة جلالة الملك بغرب إفريقيا.
وذكر كاتب مقال تحت عنوان "النموذج المغربي"، بأن المحطة الأولى من الجولة الملكية كانت هي مالي، حيث "تلعب الرباط، سواء بطلب من الرئيس المالي، إبراهيم بوباكر كيتا، أو من مسؤولي الحركة الوطنية لتحرير أزواد، دورا حاسما في عملية التهدئة وإرساء الديمقراطية" في البلاد.
وحسب "إيل فوغليو"، فإن وساطة المملكة تندرج في إطار أوسع للتعاون بين البلدين "تجسد بشكل أكبر" من خلال التوقيع على العديد من الاتفاقيات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية.
واعتبرت الصحيفة أن هذا النوع من المبادرات من شأنه كبح جماح التطرف الديني" خصوصا وأن "الفقر والتخلف يشكلان مرتعا مثاليا لانتشار التهديد الإرهابي والقوى الانفصالية في منطقة أزواد ".
وذكرت الصحيفة، في هذا الصدد، بقرار المغرب تكوين 500 من الأئمة الماليين، والذين ينتظر أن ينضاف إليهم مرشحون جدد من تونس وليبيا وساحل العاج وغينيا كوناكري والغابون، بهدف تعزيز الإسلام المعتدل".
وأضافت أنه "إذا كانت زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تواصلت في كوت ديفوار وغينيا كوناكري والغابون، قد لاقت نجاحا باهرا، فإن ذلك يرجع بالأساس إلى الوضوح الذي يتطلع إليه الرباط، منذ مدة، إلى لعب دور لا محيد عنه في خلق ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية أفضل من أجل انتشار الإسلام المعتدل لمواجهة التطرف الديني.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتجارية الأخرى مع البلدان الأربعة التي شملتها الجولة الملكية، تصب أيضا في هذا الاتجاه، مذكرة بإلغاء تأشيرة الدخول للمغرب بالنسبة لمواطني الغابون، وبناء أزيد من ثلاثة ألاف سكن شعبي في مدينة ماتام، بغينيا كوناكري، وتطوير شبكة الألياف البصرية العابرة لإفريقيا التي تشرف عليها مجموعة (اتصالات المغرب)، والتي تربط المملكة بموريتانيا ومالي وبوركينا فاصو والنيجر على مسافة 5698 كلم، وإطلاق مشاريع التنمية في مالي، لاسيما إعادة بناء الأضرحة التي تم تدميرها من قبل الجهاديين خلال النزاع.
وذكرت "إيل فوغليو"، نقلا عن جوزيف ك غريوبوسكي، رئيس "معهد الدين والسياسة العمومية بواشنطن"، أن المغرب يتموقع "كمرجع معتدل وديمقراطي في الساحة الإفريقية، قادر على إطلاق، وبقوة، استراتيجية الجنوب-جنوب من خلال الاستثمارات والشراكات التي تواكب تطوير البنية التحتية في إفريقيا حتى تتمكن من استخدام مواردها الخاصة للشروع في الإقلاع الاجتماعي والاقتصادي الذي طال انتظاره".
وأوضح غريوبوسكي، حسب الصحيفة، أن الأمر يتعلق بالمقاربة التي تنهجها الرباط في الحرب ضد الإرهاب، "والتي لا تقتصر على القمع فحسب، بل تشجع أيضا الإسلام المعتدل ضد التطرف الديني"، وهو ما يجعلها "محط تقدير من قبل الجميع".
وخلصت الجريدة إلى أن "المغرب، وبعد مشوار يمتد لأزيد من عقد من الزمن، يمثل اليوم بارقة أمل تسمح بتخطي القضية الليبية المعقدة والغموض الذي تعيشه الجزائر والعصابات الجهادية التي تقض مضجع شمال إفريقيا".