نام الجنرالات دهرا قبل أن يستفيقوا فجأة ليكتشفوا أن اللغة الفرنسية ليست وطنية ولا رسمية بالجزائر، ما يفرض عدم استعمالها في الإدارات العمومية للدولة. وفي هذا الإطار، نشرت كل من وزارات الشباب والرياضة ووزارة التكوين المهني قرارات تمنع استعمال اللغة الفرنسية في الإدارات العمومية. هذا القرار جاء كردّ فعل على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي صرحّ مؤخرا بأن الجزائر لم تكن موجودة قبل 1962 وأن الأمة الجزائرية لم يكن لها أثر يذكر قبل ذلك، متهما نظام العسكر بالاستثمار في ما سماه بريع الذاكرة من خلال تحريف التاريخ ومعاداة فرنسا في مقابل التغاضي عن الاستعمار التركي وتمجيد الفترة العثمانية... إلا أن ردّ فعل كابرانات فرنسا لم يكن موفقا، إذ أن استنادهم إلى دستور البلاد من خلال القول بان قرارهم باستعمال اللغة العربية عوض الفرنسية داخل الإدارات العمومية جاء "تكريسا للمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، كما هو منصوص عليه في الباب الأول من الدستور، سيما المادة الثالثة منه التي تؤكد على أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية للدولة". الوقوف عند المادة الثالثة من الدستور، التي تنص على "أن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية للدولة، دون ذكر المادة الرابعة"، هو تجنّ على الدستور وعلى الأمازيغية التي نصت المادة الرابعة على أن "تمازيغت هي كذلك لغة وطنيّة ورسميّة"، وبالتالي فإن كابرانات فرنسا يكشفون وجههم الحقيقي المناهض للثقافة واللغة الأمازيغية.. ولئن كان قرار نظام العسكر يدخل في باب المزايدة على فرنسا ورئيسها ماكرون، فإنه يهدف كذلك إلى ضرب مكون أساسي من مكونات المجتمع الجزائري الذي يتحدث بالأمازيغية، وخاصة أبناء القبائل الذين يرفضون منذ عقود حكم الطغمة العسكرية ويطالبون باستقلالهم الذاتي بعد أن ملوا من الاحتقار والقمع التي تمارس عليهم وعلى ثقافتهم ولغتهم، وهو ما اتضح من خلال حملات التمشيط التي تشنها المخابرات ضد مناضلي حركة "الماك" ووصفهم بالإرهابيين...