منذ تعيين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يحاول النظام العسكري انتهاج سياسة العصا والجزرة مع نشطاء الحراك الشعبي الذي انطلقت شرارته الأولى في 22 فبراير 2019، والذي يطالب برحيل الجنرالات عن تدبير الشأن السياسي للبلاد، وبناء نظام مدني ديمقراطي بعيدا عن أوامر مؤسسة الجيش التي تسيطر على الحكم منذ انقلاب محمد بوخروبة وسرقة ثمار الاستقلال. وفي هذا الإطار تستهدف السلطات الجزائرية نشطاء في الحراك ومعارضين سياسيين وصحفيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشهد البلاد زيادة في الملاحقات غير القانونية والإدانات التعسفية، خاصة مع إصرار الحراك الشعبي على مواصلة النضال حتى استئصال النظام العسكري الدكتاتوري. نظام العسكر لجأ إلى حيلة مفضوحة لتلميع صورة الرئيس المعيّن عبد المجيد تبون، حيث يأمر من جهة بشن حملة اعتقالات ومحاكمات بالجملة في حق نشطاء الحراك والمعارضين للجنرالات، ومن جهة أخرى يعطي أوامره لتبون العسكر قصد إصدار مراسيم للعفو على المعتقلين، في محاولة لاستمالتهم وترتيب الأجواء وتوهيم الرأي العام بان الرئيس هو الآمر والناهي في البلاد. وتنفيذا لهذا المخطط المكشوف، أمر عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري المعين من قبل الجنرالات، بالإفراج عن شباب معتقلين على خلفية الدعوة أو المشاركة في تظاهرات الحراك الاحتجاجي، بحسب بيان نشرته وزارة العدل مساء امس الأحد. وجاء في البيان، الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، أنه "بمناسبة الذكرى ال59 لعيدي الاستقلال والشباب، أوصى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بتدابير رأفة لفائدة الشباب المتابعين جزائيا والموجودين رهن الحبس لارتكابهم وقائع التجمهر وما ارتبط بها من أفعال". وأضافت الوزارة أنه تم الإفراج عن 18 شخصا و"العملية مستمرة لغيرهم"، لكنها لم تحدد عدد المعتقلين الذين سيشملهم العفو. ويوجد حاليا أكثر من 300 شخص وراء القضبان على خلفية الحراك و/أو قضايا حريات فردية، وفق "اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين". وأوقف أغلب هؤلاء في الأسابيع السابقة لمسرحية الانتخابات التشريعية التي نظمت في 12 يونيو الماضي، والتي عرفت مشاركة هزيلة جدا فيما قاطعها أبناء منطقة القبائل كتعبير لهم عن رفض نظام العسكر والتوق إلى الاستقلال. وليست هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها نظام العسكر وقناعه المدني عبد المجيد تبون، إلى آلية العفو لإصباغ طابع ديمقراطي على حكمها، فقد أصدر الرئيس الجزائري المعين عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لاستقلال الجزائر (5 يوليو 1962)، عفوا عن ستة نشطاء من "الحراك الشعبي". وقال بيان للرئاسة الجزائرية آنذاك إن تبون وقع مرسوما يتضمن إجراءات عفو عن كل من: "رياحي مليك، وعلال نصر الدين، وبحلاط الياس، وشداد جلول، وداود جيلالي، وخاضر حسين". كما أعلن تبون خلال خطاب، ألقاه في فبراير 2021، عن عفو رئاسي يشمل 60 مسجونا من "معتقلي الحراك" من المحكوم عليهم نهائيا بعقوبات الحبس النافذ لأفعال مرتبطة باستعمال الشبكات الاجتماعية أو مرتكبة أثناء أعمال التجمهر... ومن حق "رئيس الجمهورية"، حسب دستور العسكر، إصدار عفو عن المساجين، ويتمّ ذلك عادة في الأعياد الوطنية الكبرى على غرار عيدَي الاستقلال والثورة، وكذلك في الأعياد الدينيّة كعيدَي الفطر والأضحى... وكانت السلطات قد منعت الاحتجاجات في منتصف مارس 2020 ضمن الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، قبل أن يستعيد الحراك الشعبي هذه السنة زخمه بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاق شرارته الأولى يوم 22 فبراير 2019، وهو ما جعل نظام العسكر يصعد لهجته وممارساته ضد المعارضين ونشطاء الحراك...