أكد المشاركون في الورشة التنسيقية، التي اختتمت أشغالها اليوم الثلاثاء بمراكش، على ضرورة رفع التحدي للحد من الهدر المدرسي الذي يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لزواج القاصر. وأبرزوا خلال هذا اللقاء، الذي نظمته رئاسة النيابة العامة على مدى يومين حول زواج القاصر والهدر المدرسي، أهمية الولوج إلى الخبرة الطبية والبحث الاجتماعي كوسيلة للحد من هذه الظاهرة وإظهار الدوافع الأساسية والاستثنائية لتزويج القاصر. وأشاروا إلى أن هذا اللقاء، الذي يندرج في إطار تنزيل مقتضيات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء وتفعيلا لاتفاقية التعاون المنبثقة عنه والموقعة بين رئاسة النيابة العامة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وبتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونسيف)، يروم فتح نوافد أخرى للتعاون بين النيابة العامة وقطاع التربية والتكوين، مما يتطلب تعزيزها للحفاظ على المصالح الفضلى للأطفال بالمملكة. وشدد المتدخلون على التركيز على تلقين التلاميذ المهارات الحياتية، حتى يكونوا قادرين على الاندماج في الحياة الاجتماعية والتواصل وتقبل الرأي والرأي الآخر، وكذا جعلهم قادرين على التعايش وحسن الاختيار، مشيرين إلى أن هناك مراجعة لآليات الاشتغال في المدارس للتوعية والحد من الهدر المدرسي الذي يعد أحد العوامل الأساسية في زواج القاصر. من جهة أخرى، أبرز رئيس وحدة تدخل النيابة العامة في القضايا المدنية والتجارية برئاسة النيابة العامة السيد حسن إبراهيمي، خلال العرض الذي تقدم به حول موضوع "دور النيابة العامة في الحد من زواج القاصر"، المحددات المرجعية التي تؤسس لتدخل النيابة العامة في هذا النوع من القضايا، والتي تنقسم إلى اثنين، منها ما تجد أسسها في المرجعية الدولية التي تحث على العموم على ضرورة مراعاة المصلحة الفضلى للطفل في جميع الاجراءات القضائية وفي المبادرة التشريعية. وتطرق إلى بعض المحددات المرجعية على مستوى القانون المغربي، من بينها دستور 2011، لا سيما الفصل 32 من الدستور الذي يتحدث عن ضرورة مراعاة مصالح الأطفال في مختلف النزاعات بغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية، وكذا المادة 3 من مدونة الأسرة التي تعطي للنيابة العامة دورا أساسيا باعتبارها طرفا في جميع القضايا المرتبطة بالأسرة وبالأساس زواج القاصر. وقال إن محاربة الهدر المدرسي باعتباره رافدا لتزويج القاصر يشكل إحدى المداخل الأساسية للحد من هذه الظاهرة، التي تنتج عنها أعطاب اجتماعية تؤثر بشكل مطلق على الخلية الأسرية. من جانبها، أوضحت رئيسة شعبة النيابة العامة المتخصصة برئاسة النيابة العامة السيدة عزيزة هنداز، في عرض حول "المعطيات القضائية في الدراسة"، أن النيابة العامة تحرص على إيلاء هذه الفئة من الأطفال ما تستحقه من العناية، وجعلت حمايتها ضد كل أشكال التمييز والعنف في صلب اهتماماتها، مشيرة إلى أن هذا الاهتمام يتجلى في إعداد دراسة تشخيصية حول زواج القاصر تحت إشرفها. وقالت إنه يمكن اجمال اهداف الدراسة في مساهمة رئاسة النيابة العامة في النقاش الدائر حول تزويج القاصر، ومعرفة حجم هذه الظاهرة في جميع أشكالها، وتشخيص واقع الممارسة القضائية في مسطرة تزويج القاصرات، والوقوف على الاشكاليات ذات الطبيعة العملية المرتبطة بالمسطرة القضائية لتزويج القاصر، وتعزيز دور النيابة العامة كطرف أساسي في مسطرة زواج القاصر من أجل الحد من الأذونات المتعلقة بهذا النوع من الزواج. وسعى المشاركون في هذا اللقاء إلى تسليط الضوء على هذه الظاهرة بكل تجلياتها واقتراح الآليات الكفيلة بالوقاية منها وتسخير كل المعطيات القانونية والاجتماعية المتاحة لتحقيق ذلك. وشارك في هذا اللقاء التنسيقي قضاة النيابة العامة وممثلو الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكشآسفي، وذلك لتدارس أنجع السبل لنجاح خطة العمل من أجل الوقاية من زواج القاصر للحد من الهدر المدرسي، وذلك عن طريق السعي بشكل مشترك لتفعيل إلزامية التعليم الأساسي.