أبرز مشاركون في ندوة نظمت٬ أمس الأربعاء بالدار البيضاء٬ الأبعاد والمكونات التاريخية والحضارية والثقافية والسياسية التي تؤكد٬ بشكل موضوعي وعلمي رصين٬ على مغربية الصحراء كحقيقة تاريخية٬ وعلى عراقة العلاقة العضوية التي جمعت على الدوام بين الأقاليم الجنوبية للمملكة والدولة المغربية.
وأوضح المتدخلون في لقاء تقديم كتاب "الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية" للباحثة بهيجة السيمو٬ ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب٬ أن كل الوثائق المختلفة والمتنوعة التي تضمنها هذا المؤلف تثبت٬ من خلال المعطيات التاريخية والسياسية والثقافية٬ استمراية ممارسة الدولة المغربية لسيادتها على الأقاليم الصحراوية.
وأشاروا إلى أن هذا الكتاب يقدم مادة علمية هامة تشهد على العلاقة التاريخية التي جمعت على الدوام بين الدولة المغربية وأقاليمها الصحراوية٬ وهو ما تجسد من خلال نصوص بيعات القبائل الصحراوية للسلاطين والملوك٬ ومن تسلسل ظهائر شريفة تخص تعيين القياد والولاة والعمال والقضاة على تلك القبائل٬ علاوة على تنظيم المحلات٬ والحركات وتشييد العمران٬ وتحصيل الجبايات٬ وترويج التجارة٬ وتأمين مسالكها٬ وإصدار ظهائر التوقير والاحترام لفائدة شيوخ الزوايا والمرابطين بالصحراء.
وتوقفت الندوة عند مظاهر هذه العلاقة التي امتدت إلى المستوى التجاري وحركة العمران٬ من خلال تنظيم التجارة بالموانئ والمراسي وبناء العديد من القلاع والقصبات والتدخل لفض النزاعات بين القبائل٬ مشيرين إلى الوشائج العضوية التي تربط بين الصحراء والجهات المغربية الأخرى على مستوى تداخل الأنساب وانصهار الأعراق داخل التركيبة البشرية المغربية٬ وعلى الترابط الروحي المتمثل في تبني المذهب المالكي٬ الذي ظل راسخا على امتداد المجال التاريخي المغربي٬ علاوة على الروابط الأسرية التي ظلت تجمع الدولة العلوية بالقبائل الصحراوية المغربية.
وسجل المشاركون أنه استنادا إلى معطيات تاريخية وجغرافية قديمة لعدد من العلماء المسلمين في العصر الوسيط فإن الأقاليم الجنوبية شكلت على الدوام جزء لا يتجزأ من المغرب الأقصى حيث عملت الدول المتعاقبة على حكم المغرب على تعزيز روابطها وسيادتها على هذه المناطق الصحراوية٬ بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي٬ كما شكلت منطلق العديد من هذه الدول المغربية الحاكمة.
وفي نفس السياق٬ رصدوا الجهود البارزة التي قامت بها هذه الدول المتعاقبة من أجل ترسيخ سلطتها على هذه المناطق ورسم حدودها من جهة٬ ومن جهة أخرى الجهود الجبارة التي قام بها٬ على الخصوص٬ سلاطين وملوك الدولة العلوية للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
وقالت المؤلفة بهيجة السيمو٬ في افتتاح هذا اللقاء الذي شارك فيه كل من الباحثين محمد لحمام وحسن الفكيكي٬ إن هذا المؤلف٬ الذي يتكون من ثلاثة أجزاء تتضمن دراسة تاريخية للصحراء المغربية٬ يدخل ضمن مشروع ثقافي تبنته مديرية الوثائق الملكية لنشر الكتب الفكرية والسياسية ارتكازا على الوثائق المتعلقة بثوابت وقضايا الأمة.