صدر مؤخرا تحت إشراف وتقديم بهيجة سيمو مديرة الوثائق الملكية، كتاب جديد بعنوان «الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية»، يقدم مادة تاريخية رصينة تسمح بمعرفة موثقة لقضية الوحدة الترابية للمغرب في عمقها التاريخي. ويستجيب هذا الإصدار لمتطلبات البحث العلمي من خلال ما يقدمه من مادة وثائقية غنية ومتنوعة؛ تصبح بالنسبة للباحث في موضوع الصحراء المغربية رصيدا معرفيا لا عنى عنه، كما يسعى للانخراط في الحوار الوطني الجاري حول مسألة الجهوية الموسعة. ويشتمل هذا المؤلف على ثلاثة أجزاء تتضمن دراسة تاريخية للصحراء المغربية، يؤكد تصنيف موضوعاتها، أن تاريخ المغرب ضارب الجذور في الأقاليم الصحراوية، وأن الامتداد المغربي جغرافيا ومؤسساتيا يسير بكيفية توازي الامتداد الثقافي والفكري المذهبي الذي يشكل إطار هذه الوحدة الراسخة. ويؤكد هذا المؤلف من خلال الوثائق التي يتضمنها - على اختلاف أنواعها - مغربية الصحراء كحقيقة تاريخية، ويقدم مادة علمية تشهد على استمرارية ممارسة الدولة المغربية لسيادتها على الأقاليم الصحراوية، وهو ما يتجلى من خلال نصوص بيعات القبائل الصحراوية للسلاطين والملوك، ومن تسلسل ظهائر شريفة تخص تعيين القواد والولاة والعمال والقضاة على تلك القبائل، وما يوازي ذلك من تنظيم المحلات، والحركات وتشييد العمران، وتحصيل الجبايات، وترويج التجارة، وتأمين مسالكها، ويدخل في هذ السياق إصدار ظهائر التوقير والاحترام لفائدة شيوخ الزوايا والمرابطين بالصحراء. ويتضمن الكتاب بعدا آخر يتجلى في الوشائج العضوية التي تربط بين الصحراء والجهات المغربية الأخرى على مستوى تداخل الأنساب وانصهار الأعراق داخل التركيبة البشرية المغربية، وعلى الترابط الروحي المتمثل في تبني المذهب المالكي الذي ظل راسخا على امتداد المجال التاريخي المغربي. كما يبرز الكتاب الروابط الأسرية التي ظلت تشد الدولة العلوية الشريفة بالقبائل الصحراوية المغربية. ويرصد هذا المؤلف من جهة أخرى، موقع الصحراء المغربية في السياسة الاستعمارية الأوروبية. كما يقف عند المجهودات الجبارة التي قام بها سلاطين وملوك الدولة العلوية الشريفة للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.