ترتبط الصحراء (الغربية) بالمملكة المغربية (الوطن الأم) بروابط ضاربة في أعماق التاريخ؛ و ذلك منذ تأسيس الدولة المغربية مع الأدارسة (788-974م)؛ حيث ظلت مناطق الصحراء خاضعة للسيادة المغربية؛ سواء عبر روابط البيعة؛ التي تحدد أسس الشرعية السياسية؛ أو عبر التواجد السياسي المغربي؛ من خلال تعيين القواد و شيوخ القبائل؛ و من خلال جباية الضرائب؛ و كذلك من خلال توقيع المعاهدات مع الدول الأجنبية ... (1) و كلها مظاهر تؤكد أن المغرب مارس لقرون سيادة كاملة على امتداده الصحراوي؛ باستثناء بعض المراحل التاريخية؛ التي ضعفت خلالها الدولة المغربية؛ و تعرضت نتيجة ذلك لهجمات استعمارية؛ سواء خلال المرحلتين المرينية (1244- 1465) و الوطاسية (1472-1552) حيث بدأ التسرب الإسباني – البرتغالي إلى داخل المغرب؛ و منه المناطق الصحراوية. أو خلال مرحلة القرن التاسع عشر؛ حيث تم فرض السيطرة الاستعمارية الإسبانية- الفرنسية؛ بعد هزيمة المغرب في معركتي إيسلي 1844 و تطوان 1860(2) إن هذه الحقائق التاريخية الثابتة؛ لا تؤكدها فقط المصادر التاريخية المغربية؛ حتى نتهم بالتحيز و الذاتية؛ و لكن تؤكدها الوثائق التاريخية الأجنبية؛ كما تؤكدها المعاهدات التي أبرمها المغرب مع مجموعة من الدول الأجنبية. و هي وثائق جد هامة؛ تؤكد بالملموس أن المغرب ظل لقرون مرتبطا بامتداده الصحراوي؛ الذي يمنحه طابعه الإفريقي؛ و ظلت الصحراء دائما رئة المغرب؛ التي يتنفس من خلالها؛ و لم/لن يفرط في أية مرحلة من تاريخه الطويل في شبر منها؛ لأنه سيكون مهددا بالاختناق . وضعية الصحراء (الغربية) في العصر الوسيط في كتاب للمؤرخ الإسباني (أنطونيو روميو دي أرماس) بعنوان " إسبانيا في إفريقيا الوسطى " (3) الصادر عن مؤسسة الدراسات الإفريقية التابعة للمجلس الأعلى للدراسات العلمية بمدريد؛ نحصل على وثائق كبيرة الأهمية؛ تخص التواجد الإسباني-البرتغالي في الجنوب المغربي؛ خلال العهدين المريني و الوطاسي؛ حيث يقع الجزء الثاني من الكتاب في 310 صفحة؛ تضمنت 161 وثيقة متنوعة ما بين رسائل ومراسيم وتوكيلات ومحاضر ومعاهدات وشهادات وإعلانات ومذكرات وإيصالات ومواثيق؛ تتعلق كلياً أو جزئيّاً بالسواحل المغربية، خاصة الساحل الأطلسي الجنوبي الذي يطلق عليه في الكتاب "الساحل الأفريقي"، وبالضبط تلك المحصورة بين رأس إيغير ورأس بوجدور. من خلال الوثائق التي ينقلها الكتاب؛ يتضح أن التنافس الإسباني-البرتغالي حول الجنوب المغربي؛ مر بمرحلتين: خلال المرحلة الأولى تم اعتماد السطو على المناطق الصحراوية الجنوبية المغربية؛ عبر استغلال الضعف الذي كانت تمر منه الدولة المغربية. خلال المرحلة الثانية؛ اعتمد الإسبان و البرتغال على عقد اتفاقيات حماية مع السكان المحليين؛ لإضفاء الشرعية على تواجدهم الاستعماري؛ و قد كانت عقود الحماية تنص على مجموعة من الشروط: خضوع القبائل لنفوذ الدولة الحامية و دفع الإتاوات و الضرائب؛ التي كان السكان المحليون يدفعونها للسلطة المركزية المغربية . قبول وجود مندوبين مع حامية من الجنود الإسبان أو البرتغال؛ و الالتزام بحمايتهم و الاتجار معهم . تؤكد مجموعة من الوثائق التاريخية؛ التي يضمها الكتاب؛ أنه في إطار الصراع الذي كان جاريا بين الإسبان و البرتغال؛ حول مناطق النفوذ في الجنوب الصحراوي المغربي؛ كان البرتغال هم السباقون إلى تأسيس حصن بالمجال الترابي لقبيلة ماسة؛ التي دخلت ضمن حمايتهم في 11 يناير 1479. و كان رد الإسبان هو بناء حصن على الساحل القريب؛ سمي (حصن سانتاكروز)؛ و تم إخضاع القبائل المجاورة له لحمايتهم . و اعتمادا على هذه الوثائق التاريخية يمكن استخلاص ما يلي: كان التواجد الإسباني-البرتغالي في الجنوب الصحراوي المغربي؛ خلال مرحلة ضعف السلطة المركزية المغربية؛ على العهدين المريني و الوطاسي؛ و هي نفس المرحلة التي احتلت خلالها مدينة سبتة و مليلية. استغل الإسبان و البرتغال ضعف الدولة المغربية و فرضوا الحماية على القبائل المغربية الصحراوية التي كانت تابعة للحكم المغربي. عودة القبائل المغربية إلى الدخول تحت السيادة المغربية؛ مباشرة بعد إجلاء الاستعمار الإسباني-البرتغالي من الجنوب المغربي؛ على يد السعديين؛ بل إن هذه القبائل دخلت مع الدولة المغربية في الجهاد ضد المستعمر . هكذا يبدو أن التواجد المغربي في الصحراء؛ لم يكن تواجدا عابرا؛ و لكنه خاضع للاستمرارية التاريخية؛ و إن مر هذا التواجد السياسي بمراحل تراجع ناتجة عن ضعف الدولة المغربية؛ خلال بعض المراحل التاريخية؛ فإن هذا لا يمكنه أن يبرر أبدا انفصال المغرب عن صحرائه. إن جميع السلالات الحاكمة في المغرب؛ ظلت متمسكة بالامتداد الصحراوي للدولة المغربية؛ و ظلت تدافع عن هذا الامتداد؛ و في هذا السياق يمكن أن نذكر بان أول موجات الجهاد السعدي انطلقت من الجنوب المغربي؛ عبر أجلاء الاستعمار الإسباني و البرتغالي من المنطقة؛ ثم التوجه لاستئصال البؤر الاستعمارية الأخرى في باقي أرجاء المغرب؛ و قد توجت هذه المسيرة الجهادية المباركة بمعركة وادي المخازن (4 غشت 1578)؛ التي لقن خلالها المغرب للبرتغال دروسا بليغة في الدفاع عن حرمة الوطن . وضعية الصحراء (الغربية) في العصر الحديث إذا كانت الدولة المغربية في العصر الوسيط؛ قد تعاملت مع الصحراء كجزء لا يتجزأ من السيادة المغربية؛ فإن هذه الإستراتيجية ظلت سارية المفعول؛ مع الدولة المغربية الحديثة؛ و ذلك رغم التحديات الكبيرة التي عاشتها هذه الدولة؛ نتيجة التحدي الاستعماري لمرحلة القرن التاسع عشر؛ و المستند إلى صناعة عسكرية ضخمة؛ تعتبر ثمرة لقوة الرأسمالية الغربية . و رغم قوة هذه التحديات؛ فإن المغرب ظل ملتزما بأسس الشرعية؛ التي ربطته بامتداده الصحراوي؛ و ظل يواجه التحديات الاستعمارية؛ بمعطيات تاريخية ثابتة؛ تؤكدها الوثائق الأجنبية الغربية؛ أكثر مما تؤكدها الوثائق المغربية. وعلى هذا الأساس؛ فإن المغرب ظل ملتزما بالعقود و المعاهدات التي ابرمها مع الكثير من الدول الغربية؛ و التي تؤكد سيادته المطلقة على امتداده الصحراوي؛ كما ظل دائما يذكر الدول الاستعمارية؛ بأنها نفسها تتوفر على وثائق تاريخية؛ تعترف بشكل مباشر بمغربية الصحراء. إن مجموع المعاهدات التي ابرمها المغرب مع الدول الأوربية –خاصة- تقر صراحة بالسيادة المغربية على جميع أراضي المملكة؛ و منها الامتداد الصحراوي؛ و هذا الإقرار هو اعتراف بانتماء الإقليم الصحراوي إلى الدولة المغربية ، كما أن هذه المعاهدات، على اختلاف مواضيعها وظروف وملابسات إبرامها، تؤكد صراحة اعتراف المجتمع الدولي بالروابط القانونية للمغرب مع صحرائه.الانتماء المغربي للصحراء من خلال المعاهدات المبرمة بين المغرب و دول أجنبية أبرم المغرب مجموعة من المعاهدات مع دول أجنبية غربية -بشكل خاص- و من خلال الإطلاع على بنودها؛ يبدو أن السيادة المغربية على الصحراء واضحة و ثابتة بقوة؛ و باعتراف من دول أوربية فاعلة في صناعة القرار الدولي؛ خلال تلك المرحلة – و حتى حدود الآن- الأمر الذي يفسر الكثير من الغموض؛ الذي قد يفتعله خصوم وحدتنا الترابية؛ و ذلك حينما يتهمون دولا أوربية مثل فرنسا أو انجلترا أو الولاياتالمتحدة؛ بالانحياز إلى الموقف المغربي. و هذه المعاهدات تؤكد لهم بالملموس؛ أن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فهذا ليس انحيازا إلى موقف ما؛ بقدر ما هو التزام مبدئي من هذه الدول بالوحدة الترابية للمغرب؛ و التي وثقتها معاهدات و اتفاقات واضحة؛ تم إبرامها بين المغرب و هذه الأطراف الدولية . معاهدات بين المغرب و إسبانيا تعتبر إسبانيا طرفا أساسيا في النزاع القائم في الصحراء؛ و ذلك باعتبار ماضيها الاستعماري في المنطقة؛ و هذا ما يجعل الموقف الإسباني الداعم أو الرافض لمغربية الصحراء مهما للغاية. و لعل وقفة متأنية مع المعاهدات التي أبرمها المغرب مع الجار الشمالي؛ لتؤكد بشكل واضح؛ أن إسبانيا تعترف بشكل مباشر بمغربية الصحراء؛ و هذا ليس ادعاء البتة؛ بل تثبته المعاهدات التي سنتناولها. معاهدة 1767 أبرم المغرب معاهدة مع إسبانيا في فاتح مارس 1767؛ جاء في المادة 18 منها : "إن جلالة الملك يحذر سكان جزر الكناري؛ ضد أية محاولة للصيد في شواطئ وادي نون وما وراء ذلك، وهو لا يتحمل أية مسؤولية فيما سيقع لهم؛ من طرف العرب سكان المنطقة؛ الذين من الصعب تطبيق القرارات عليهم، إذ ليس لهم محل قار للسكنى؛ وينتقلون كيفما يشاءون؛ ويقيمون خيامهم حيث ما يطيب لهم" (4). و ما يبدو واضحا؛ هو أن هذا البند من المعاهدة؛ يؤكد أن السيادة المغربية تمتد إلى ما وراء وادي نون، أي أنها تمتد إلى جنوب المنطقة المجاورة للساقية الحمراء، وهذا ما يؤكد في الآن ذاته أن سلطة الدولة المغربية تضم واد نون و ما بعده في الصحراء . معاهدة 1799 تتعلق هذه المعاهدة؛ بإقامة منشآت تجارية إسبانية على إحدى النقط الساحلية الواقعة في جنوب المغرب (5) ، وقد حاولت إسبانيا في عهد السلطان مولاي سليمان التوصل إلى السيطرة الفعلية على تلك الشواطئ، لكن السلطان رفض مطالب الملك الإسباني (شارل الرابع). وقد نصت المادة 22 من هذه المعاهدة على أنه، "... إذا حرث لجنس الاسبنيول فيما وراء سوس ووادي نون، فمن جهة المحبة التي لملك إسبانيا في سيدنا أيده الله، يبحث كل البحث ويستعمل عزمه في استنقاذ رعية المحرثين بما أمكن إلى أن يرجعوا لبلدهم". و هذه المعاهدة –كما يبدو- تؤكد ما جاء في المعاهدة السابقة؛ بخصوص فرض سلطة الدولة المغربية على واد نون و ما بعده من مناطق الصحراء؛ و هذا ما يؤكده الرفض السلطاني لطلب الملك الإسباني؛ بإقامة منشآت تجارية إسبانية؛ على إحدى النقط الساحلية الواقعة جنوب المغرب . و في نفس الآن يمكن أن نفهم من المادة 22 من الاتفاقية؛ أن السلطان المغربي يعد الإسبان؛ بتقديم المساعدة في حالة وقوع حادث بحري. و في الحالتين معا لا يمكن للسلطان المغربي أن يرفض؛ أو أن يقدم يد المساعدة؛ إلا ضمن مناطق خاضعة للسيادة المغربية الكاملة؛ و هذا ما يبدو أن إسبانيا تقر به كتابيا؛ ما دام أن الاتفاق أبرم بين الطرفين (المغربي و الإسباني). معاهدات بين المغرب و انجلترا تعتبر انجلترا من بين الدول الفاعلة في صناعة القرار الدولي؛ فقد كانت إلى وقت قريب تقود الرأسمالية الغربية؛ و هذا ما جعلها من بين أكبر القوى الاستعمارية في العالم. و حينما نتحدث عن معاهدات بين المغرب و انجلترا؛ تقر من خلالها هذه الأخيرة بالسيادة المغربية على الصحراء؛ فهذا الاعتراف يعتبر أهم وثيقة يمكن للمغرب أن يعتد بها في صراعه مع خصوم وحدته الترابية . معاهدة 1801 أول معاهدة أبرمها المغرب مع الإنجليز؛ هي معاهدة الصلح والمهادنة بين المولى سليمان وملك إنجلترا جورج الثالث سنة 1801. و تتعلق هذه المعاهدة بموضوع إنقاذ السفن الإنجليزية. و قد جاء في البند 33 من المعاهدة : "... وإذا حصل تحريث للمركز الإنكليزي بوادي نون أو بناحية من سواحله؛ فإن سلطان مراكش يستعمل جهده؛ في تحصيل بحريته؛ حتى يركبوا إلى بلادهم؛ وحتى قونصو النكليز أو نائبه يؤذن له؛ في البحث و الوقوف ما أمكنه في تحصيل مركب حرث في تلك الناحية، ويعينه على ذلك ولاة سلطان مراكش؛ بما يوافق المحبة". ولقد ظل البند 33 محتفظا بنفس المضمون؛ سواء مع المعاهدة التجديدية التي أبرمت بين المولى عبد الرحمان بن هشام والملك جورج الرابع في 1824، أو التي جاءت لتنظيم العلاقات المغربية البريطانية ابتداء من سنة 1856 . (6) معاهدة 1895 و إذا كانت المعاهدة السابقة؛ بين المغرب و انجلترا؛ تخص تقديم المغرب للمساعدة؛ ضمن مجاله الترابي و البحري؛ و هذا ما تقره بنود المعاهدة. فإن هناك معاهدات أخرى؛ تتجاوز الاعتراف الضمني وتسجل اعترافا صريحا بانتماء الأقاليم الصحراوية للدولة المغربية. و في هذا الصدد تحضر معاهدة 13 مارس 1895 المبرمة بين المغرب و انجلترا، حول امتلاك المغرب لمنشآت (شركة شمال غرب إفريقيا) في طرفاية. و قد تضمنت هذه المعاهدة اعترافا إنجليزيا بحقوق المغرب الجنوبية المحاذية للأطلسي. (7). ينص البند الأول من هذه المعاهدة؛ على التالي: " في حالة شراء المخزن للشركة؛ لا يبقى كلام لأحد في الأراضي التي من وادي درعة إلى رأس بوجدور المعروف بطرفاية، وكذلك فيما هو هذا المحل من الأراضي لكون ذلك كله من حساب أرض المغرب" . و ينص البند الثالث على ما يلي: " إن عملية شراء الشركة شاملة لزينة البناء حجرا أو خشبا؛ الذي بالبحر والذي بالبر، كما يكون شاملا أيضا شراء المخزن لذلك ولجميع ما اشتمل عليه جميع البناء المذكور؛ الذي في البر والذي في البحر من مدافع وغيرها، ولا يبقى كلام لأحد في ذلك ولا في تلك الأراضي"(8) لقد شكل إبرام هذه المعاهدة؛ انتصارا للموقف المغربي فيما يرتبط بامتداده الصحراوي، فبعدما كان الموقف الإنجليزي سابقا يعتبر أن طرفاية توجد خارج الحدود الجنوبية المغربية؛ جاءت معاهدة 1895 لتعترف فيها انجلترا بأن طرفاية و الأراضي الواقعة جنوبها؛ هي جزء لا يتجزأ من المملكة المغربية، وليس لأحد الحق في النزول بها إلا بإذن خاص من سلطان المغرب، ومن بين الأراضي المشار إليها كانت توجد أرض الداخلةالمحتلة من طرف إسبانيا. إن الأمر الجلي؛ الذي يجب أن نؤكد عليه؛ هو كون هذه المعاهدات لا تختلف عن سابقاتها مع الإسبان؛ بخصوص الإقرار بالسيادة المغربية على الصحراء (واد نون و ما بعده)؛ و هذا يبدو جليا من خلال تصرف السلطان في أرض تقع ضمن السيادة المغربية؛ و هذا ما لم يعترض عليه الطرف الإنجليزي؛ بل على العكس من ذلك أقر به؛ بل و تم تدوينه في معاهدة؛ تدخل ضمن الأرشيف الدبلوماسي لانجلترا؛ و هذا إن دل على شيء؛ فهو يزيدنا يقينا بمغربية الصحراء . معاهدات بين المغرب و الولاياتالمتحدة إن العلاقات المغربية الأمريكية متجذرة في التاريخ الحديث، إذ ظلت معاهدة السلام والصداقة الموقعة عام 1787 سارية المفعول. وبالرجوع إلى الكتب التاريخية والتقارير الدبلوماسية؛ يتّضح أن العلاقة بين البلدين كانت منذ أمد بعيد، وظلت هذه العلاقة قائمة رغم الاضطرابات التي طبعت القرن 19، علماً أن المغرب وقف إلى جانب أمريكا في حروبها الأهلية وبجانب وحدتها الترابية. و كان المغرب أول دولة بادرت إلى الاعتراف بأمريكا بعد استقلالها سنة 1776. و قد أبرم المغرب مع الولاياتالمتحدة مجموعة من الاتفاقيات؛ سنقتصر منها على ما يرتبط بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية؛ و التي تؤكدها بنود واضحة بين الطرفين المتعاقدين . اتفاقية 1786أبرم المغرب مع الولاياتالمتحدة اتفاقية 1786؛ التي التزم السلطان المغربي (محمد بن عبد الله) بموجبها؛ بتقديم المساعدة والحماية اللازمتين للسفن التي تجنح إلى سواحل الصحراء الأطلسية. تنص هذه المعاهدة في فصلها العاشر على مايلي: "... وإذا ما جنحت سفينة أمريكية بضفاف وادي نون؛ أو على الضفاف المجاورة له، فإن ركابها يبقون في الأمان؛ إلى أن تتيسر العودة إلى بلادهم إن شاء الله". وقد جدد السلطان (عبد الرحمان بن هشام) هذه المعاهدة بمعاهدة أخرى في 16 شتنبر 1836 حملت نفس الشروط ، نصا وعددا، بما فيها الفصل 10 المتضمن للإشارة إلى الصحراء الجنوبيةالغربية والسفن الأمريكية التي تركن إلى شواطئها؛ و أضيفت إليها عبارة: "...أو حرثت سفينة في واد نون أو غيره فإن النصارى الذين بها في الأمان حتى يصلوا بلادهم إن شاء الله" (9) إن ممارسة السيادة المغربية على الصحراء –إذن- واضحة و مؤكدة؛ الشيء الذي مكن السلطان المغربي؛ من ممارستها؛ بل و أكثر من ذلك تسجيلها في بنود واضحة؛ ضمن معاهدات دولية. و ما يزيد هذه السيادة تأكيدا؛ هو الاعتراف الصريح من الطرف المتعاقد مع المغرب؛ بشرعية التمثيل المغربي للصحراء؛ باعتبارها جزءا لا يتجزأ من السيادة المغربية . كلمة أخيرة لا يسعنا في الأخير؛ و من منطلق المنهج العلمي في البحث و التقصي؛ لا يسعنا إلا أن نؤكد بما لا يدع مجالا للتردد؛ بأن الصحراء؛ التي فضل المجتمع الدولي تدويلها ضدا على معطيات التاريخ و الجغرافيا و القانون الدولي؛ ليست سوى إقليما جنوبيا من بين الأقاليم المغربية؛ ارتبطت عبر التاريخ بالوطن الأم (المغرب)؛ خلال فترات القوة التي عاشها المغرب؛ و حتى خلال فترات الضعف و التراجع؛ ظلت الصحراء عصية على الانفصال عن الوطن الأم . و في هذا السياق بالذات؛ كتب (برنارد لوغان) أستاذ التاريخ المعاصر لإفريقيا ما يلي : " خلال 1200 سنة؛ كان النفوذ المغربي يسير في اتجاه الجنوب نحو غرب إفريقيا أو بلاد السودان، وكانت السيادة المغربية هناك واقعية؛ كلما تقوت الدولة، وقد كانت هذه السيادة تتجلى في جباية الضرائب؛ وتعيين المسؤولين الإداريين(قواد؛ باشاوات و ولاة). وعندما ضعفت الدولة؛ اقتصر ذلك النفوذ على الجانب الديني والاقتصادي والثقافي. و خلال كل تلك المراحل؛ لم تخرج منطقة الصحراء الغربية عن السيادة المغربية. (10) و نحن ندعو هنا كل الفاعلين السياسيين؛ إقليميا و دوليا؛ إلى استحضار جميع هذه المعطيات/الوثائق الثابتة؛ الداعمة لمغربية الصحراء؛ و تجاوز كل خلفيات الحرب الباردة في معالجة هذا المشكل؛ الذي يعتبر من مخلفات الصراع بين المعسكرين الغربي و الشرقي؛ و الذي أدى المغرب ثمنه غاليا؛ نتيجة خياراته السياسية و الاقتصادية و الثقافية الواضحة؛ و التي لم تكن تتماشى مع رغبات الدكتاتورية الاشتراكية في منطقة المغرب العربي . المراجع للإطلاع أكثر أنظر: إبراهيم حركات- المغرب عبر التاريخ - الجزء الثالث - الدارالبيضاء - دار الرشاد الحديثة - 1985 – ط: 1 نفسه أنطونيو روميو دي أرماس – إسبانيا في إفريقيا الوسطى- نقلا عن الأستاذ المهدي بن محمد السعيدي – قراءة في الكتاب أنظر احمد السالمي الإدريسي "الأقاليم الصحراوية في الاتفاقيات الدولية المغربية ما قبل الحماية"- مجلة أبحاث- العدد الثامن- السنة الثانية خريف 1985- ص23. نفس المرجع أنظر محمد ابن عزوز حكيم – السيادة المغربية في الأقاليم الصحراوية من خلال الوثائق المخزنية – ج:1 – ط 1981 – مؤسسة بنشرة للطباعة و النشر – الدار اليضاء نفس المرجع "الدبلوماسية المغربية في عشر سنوات: من مارس 56 إلى مارس 66"- بدون ذكر اسم المؤلف - الرباط - مطبعة الأنباء- 1966 – ص: 3042). أنظر محمد رضوان- منازعات الحدود في العالم العربي : مقاربة سوسيو تاريخية وقانونية لمسألة الحدود العربية-الدارالبيضاء - أفريقيا الشرق- 1999- ص51Bernard Lugan – Histoire du Maroc :des origines a nos jours –éd : Perrin - 2000