احتضنت قاعة ميموزا ليلة أمس السبت 04 شتنبر2010 على الساعة التاسعة والنصف لقاء مفتوحا مع الكاتب الوطني لحركة النهج الديمقراطي الأستاذ عبد الله الحريف،في موضوع : ( من “إلى الأمام إلى النهج الديمقراطي: النشأة،التطور والآفاق” )،وقد جاء اللقاء الذي نظمه الفرع المحلي للنهج الديقراطي تخليدا للذكرى الأربعين لتأسيس منظمة ” إلى الأمام” استهل اللقاء عضو الفرع المحلي للمنظمة حسن عريض،بكلمة ترحيبية بالضيف،وبكل الإطارات السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والإعلامية،مشيرا إلى أن هذا النشاط يأتي في إطار البرنامج الذي سطرته السكرتارية الجهوية للجهة الشرقية. بعد ذلك أخذ الكلمة الأستاذ محمد شوية الكاتب الجهوي للنهج الديمقراطي في الجهة الشرقية، حيى من خلالها مدينة تازة ومناضلي المنظمة،وذكر بالنشاط الذي احتضنته مدينة جرادة في إطار البرنماج المسطر من طرف الأجهزة الوطنية للنهج،مضيفا أن هناك لقاء آخر ستحتضنه كل من مدينة وجدة ومدينة جرسيف.وتضمنت كلمة الأستاذ شوية الإشارة إلى أن هناك مهاما كثيرة لازالت ملقاة على عاتق النهج الديمقراطي،وأهمها: بناء الأداة السياسية المستقلة،ثم تقوية وتوسيع وتجذ ير الحركة الديمقراطية. بعد ذلك آلت الكلمة إلى الأستاذ علي الشطري الكاتب المحلي للنهج الديمقراطي،الذي أكد أن مقاربة تجربة النهج الديمقراطي لا يؤطرها منطق التقديس والتنزيه ولا الارتكان والاستنساخ،بل تحكمها المساءلة والمكاشفة اعتمادا على دراسة موضوعية للنشأة والتطور واستشراف الآفاق،وأضاف أن منظمة “إلى الأمام استطاعت على مدى أربعين سنة الحفاظ على وجودها وترسيخ ثقافة النضال وتحمل المسؤولية،واتخاذ مواقف شجاعة وطرح حلول ناجعة تخرج الجماهير الشعبية من حياة الاستغلال والاستبداد وتمكنهم من العيش بحرية وكرامة،وكان المجتمع الاشتراكي العادل هو الحل الأنجع الذي تمسكت به المنظمة وناضلت من أجله،باعتباره حلا تنتفي فيه الطبقية وتسود فيه العدالة الاجتماعية.وشدد الشطري على ضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى هذا المجتمع... أهم المحاور التي دارعليها العرض السياسي للكاتب الوطني للنهج الديمقراطي: انطلق الأستاذ عبد الله الحريف من تحديد الظروف الموضوعية والذاتيةالتي تحكمت في الانتقال من منظمة ” إلى الأمام” إلى “النهج الديمقراطي”. وقد أجمل الظروف الموضوعية فيما يلي: - الاختلال الكبير الذي عرفته المنظومة الدولية بعد انهيارا لاتحاد السوفياتي الشيء الذي أدى إلى تراجع القوى الاشتراكية بكل تلاوينها. - تحول الصين إلى اقتصاد السوق،مما يعني فقدان القوى الاشتراكية لجناح إيديولوجي مهم يمكن الارتكاز عليه في التنظيم والتأطير واستلهام البرامج والتصورات النضالية. – إنهيار الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية وبروز قوى مناهضة للحروب. أما الظروف الذاتية فقد لخصها الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي في النقط التالية: - الأزمة الاقتصادية الخانقة التي جعلت النظام يتحدث عن السكتة القلبية. - إفلاس النظام وافتضاح أمره فيما يخص الجرائم السياسية التي ارتكبها ( تازمامارت- قلعة مكونة...). - تغيرات اجتماعية خطيرة مست الكادحين وأجزاء من الطبقة الوسطى. - اشتعال نضالات جماهيرية ونقابية وحقوقية ( جمعية المعطلين...) - توجه القوى الاشتراكية مثل الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية نحو التوافق الذي أدى إلى التنازل والاستسلام رغم محاولات انتزاع بعض الحقوق عن طريق التفاوض مع النظام. وأضاف الحريف أنه أمام هذا الوضع الذي أدى إلى تراجع اليسار المغربي الماركسي اللينيني،فكر مجموعة من المناضلين في جمع الشتات وإعادة التنظيم،لكنهم لم ينجحوا بسبب التفاوت الكبير في المواقف والمرجعيات على المستوى السياسي خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع القوى الاشتراكية التقليدية،وبالتالي الخلاف حول بعض القضايا الكبرى كالانتخابات،كما أن هناك من رأى أن التجميع سيأتي انطلاقا من سيرورة تاريخية وإعادة الهيكلة عبر إعادة إنتاج خطاب يتماشى مع متغيرات العصر ويضع في حسبانه موارين القوى الجديدة،مما يعني القبول ببعض التوافقات مع النظام المغربي،وفي المقابل ظل البعض متشبثا بمواقف تقليدية ترفض مهادنة النظام والتقارب معه والاعتراف به. محاولة إعادة البناء هذه اصطدمت بتحديات كبيرة كان أهمها قلة الأطر المنحدرة من منظمة ” إلى الأمام”،بسبب دخول جزء مهم منهم إلى السجون،وجزء آخر ذهب إلى المنافي،وجزء آخر ظل محدود الفاعلية بسبب محاصرته من طرف أجهزة النظام،ورغم وجود فئة قوية وعريضة تعاطفت مع منظمة “إلى الأمام” إلا أن ذلك لم يجد شيئا نظرا لكون هذه الفئة لم تكن منظمة ومؤطرة شكل يجعلها ذات فاعلية،وكانت موزعة على إطارات نقابية مختلفة، وهي التي اهتدت في الأخير إلى تأسيس ” النهج الديمقراطي” كحل لهذا التشرذم والركود الذي عصف باليسار المغربي. وعلى الرغم من ضعف الثقافة التنظيمية والتأثر بالاتجاهات الفوضوية النقابية التي مثلتها الحركة الطلابية- يقول عبد الحريف- فإن تجربة ” النهج الديقراطي” كانت مبنية على استلهام قواعد النضال التي أسست لها منظمة إلى الإمام،وتساءل الكاتب الوطني للنهج الديقراطي عن مدى تأثير ” إلى الأمام” في بناء ” النهج الديقراطي”،ليخلص أن أول تجليات هذا التأثير هناك الاستمرارية التي تعني الابتعاد عن التقديس واعتماد المساءلة النقدية البناءة،التي تدعو إلى إخضاع أي تجربة في إطارها التاريخي،بما تحمله من سلبيات وإيجابيات.وتابع الحريف أن المظهر الآخر لهذا التأثير هو إعادة الاعتبار للماركسية التي حولتها التحريفية إلى جثة،بدل أن تكون محفزا للطبقة الكادحة،وفكرا قادرا على فهم قوانين الرأسمالية. ولم يكن لهذا الانتقال أن يأخذ طريقه لولا بعض القطائع التي تبناها النهج الديمقراطي خاصة مع فكر الحركة الوطنية المبني على التوافقات والتنازلات التي ساهمت في إطفاء جذوة النضالات الجماهيرية.بالإضافة إلى القطيعة مع الفكر الشوفيني لهذه الحركة. وقد كرست تجربة “النهج الديمقراطي” ثقافة الصمود والمقاومة ليس فقط في السجون ولكن بتحصين الأفكار والتصورات. ودعت إلى روح المبادرة والاعتزاز بالشهداء الماركسيين اللينينيين،والإصرار على تقييم الأخطاء وتجاوزها وعدم تنزيه الذات. وقد فهم بعض الحاضرين أن العرض السياسي للأستاذ عبد الله الحريف يحمل دعوة صريحة للانخراط في العمل المؤسساتي والدخول في اللعبة السياسية ووضع ” النهج الديمقراطي” في محك الانتخابات،الشيء الذي جعل المداخلات تأخد اتجاهين مختلفين،الأول تصاعدي ونقدي لاذع صب جام الغضب على تجربة النهج ووصفها بكونها تنازلت عن مبادئ الماركسية اللينينية ودخلت في دوامة النظام وخانت دماء الشهداء،والاتجاه الثاني ثمن تجربة النهج الديمقراطي واعتبرها حتمية فرضتها متغيرات الساحة الدولية والمحلية،وأكدت أنها لم تبتعد عن روح الماركسية اللينينية. وكانت ردود الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي في مجملها محاولة امتصاص غضب الرافضين لتجربة الانتقال.