خيمت أجواء التوتر والغليان نفسها، التي سادت المؤتمر الوطني التاسع للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي عقد ما بين 20 و23 شهر يونيو المنصرم، على الندوة التي نظمها فرعها في القنيطرة، أول أمس، بمناسبة تخليده الذكرى ال31 لتأسيس الجمعية، كادت في بعض اللحظات أن تتحول إلى عراك بالأيدي. وتوقفت أشغال هذه الندوة، التي استدعي لتأطيرها كل من محمد السكتاوي، رئيس فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب، الذي تحدث عن قواعد ضمان الحياد والاستقلالية في هيئات حقوق الإنسان، ومحمد الصبار، رئيس منتدى الحقيقة والإنصاف سابقا، لحظات، بعد دخول المشاركين فيها في مشادات كلامية فيما بينهم، وملاسنات حادة، خاصة، بعدما اعتبر عمر باعزيز، المنسق الوطني لشبيبة النهج، هذا اللقاء بأنه مجرد نشاط حزبي لا يمت لأنشطة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بصلة، متهما في هذا الإطار محمد الصبار بمجانبته الصواب أثناء تقييمه للمؤتمر الأخير للجمعية، حينما اعتبر أن المؤتمر التاسع نجح فقط من الناحية الشكلية، وأفرغ من مضمونه الديمقراطي، منتقدا هيمنة مكون سياسي على أجهزته بشكل لا ديمقراطي، وقال إن ذلك كان سببا في لا حياد الجمعية في العديد من القضايا الحقوقية، التي تحكم هاجس السبق في اتخاذ مواقف بخصوصها. واستمر هذا اللقاء على إيقاع المشاحنات والمصادمات الكلامية، من خلال المداخلات والمداخلات المضادة، تبادل خلالها رفاق الأمس الاتهامات، وهو ما أجبر أنصار النهج على الانسحاب من قاعة الندوة، متهمين خالد كوي، مسير الجلسة، والرئيس المحلي للجمعية، بالإخلال بالتسيير المستقل لقواعد النقاش، ومصادرة حقهم في الرأي والتعبير، ومحاولة منظمي الندوة تضليل الرأي العام لتسريب بعض المعطيات المغلوطة حول حقيقة ما جرى بالمؤتمر التاسع، والسعي نحو ترسيخ تصور وحيد وقراءة وحيدة لنتائجه، واستغلال النشاط من طرف حزب الطليعة لشن حملة سياسية على الجمعية وعلى الطرف الذي يقودها وطنيا، مجددين تأكيدهم على أن المؤتمر التاسع للجمعية عرف نجاحا كبيرا، نتيجة الأجواء الديمقراطية التي سادت تحضيراته وأشغاله، والشفافية والصراحة التي صاحبت مناقشة التقريرين الأدبي والمالي. فيما انبرى جل المتدخلين في هذا اللقاء إلى التنديد بما وصفوه بالجشع الذي تملك حزب النهج الديمقراطي على المقاعد، وفرض هيمنته على اللجنة المركزية للجمعية، وتجييش فئة من المنخرطين لا يتقنون سوى فن التصويت، بغاية الإقصاء والهيمنة، وهو ما كرس في نظرهم واقع التفرقة والتشتت الذي تعرفه الجمعية حاليا. وسجل بعض المتحدثين، المحسوبين على حزبي الطليعة الديمقراطي والاشتراكي الموحد، على النهج الديمقراطي والموالين له التعامل بمكيالين في قضية الصحراء المغربية، وانحيازه السافر لأطروحة الانفصاليين، وتسخير الجمعية وقنواتها وهياكلها للتطبيل للمشروع الانفصالي، مقابل نهجه الصمت المطبق حول الانتهاكات التي تمارس في حق المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف، متهمين إياه بالتخابر والعمالة لجبهة البوليساريو المعادية لوحدة المغرب، والانتقائية في التعامل مع الخروقات، وتغليب قيادييه بداخل الجمعية للمنطلقات السياسية والإديولوجية في التعامل مع عدد من القضايا والإشكاليات، بدل اعتماد المقاربة الحقوقية المحضة.