روى مسلم رضي الله في صحيحه، عن عبدالله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “عُذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت بها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبب تذكري لهذا الحديث النبوي الشريف ونحن نستعد للاحتفال بعيد ميلاد سيد البشرية هو البشرى التي حملها إلي القدر صباح يومه السبت 29/12/012 على الساعة الثامنة صباحا عندما خرجت من باب المنزل ليثير انتباهي مواء قطة عمياء وهي تتلمس طريقها إلى فضاء الحرية والانعتاق بعدما شاء قدرها أن يحبسها في إحدى الدور المجاورة المهجورة لأكثر من أسبوعين على الأقل . كيف حدث ذلك ؟ إن القطة المذكورة عمياء أصابها مرض بمعية إخوتها وهي ما تزال في حضن أمها فكبرت وهي بالكاد تتلمس الطريق مستعينة بحاسة الشم والغريزة. عاشت في حديقة المنزل تصعد مقتفية اثر الأكل مستعينة بشجرة لتتسلق إلى الشرفة المؤدية للمطبخ حيث تجد الأطفال بأريحيتهم وعاطفتهم يولونها العناية المطلوبة .هكذا استمرت حياتها إلى أن حدث لها ذات يوم أن تخطئ الطريق وتلج ثقبا في جدران بناء قديم مهجور وتسقط داخل المبنى المظلم وتصبح في حكم المحتجزة التي لا حول ولا قوة لها إلا المواء والاستنجاد … حاولنا إنقاذها لكن صغر الثقب وعمق المبنى حال دون الفعل سألنا عن مالكي المبنى المهجور ولم نجد لهم أثرا … وبعد اليأس من الوصول إليها وأمام الشعور بالذنب كلما سمعنا مواءها الذي يزداد كلما أحست بآدمي قرب الباب. نشرت خبرها بين الناس لأطلب اقتراحاتهم فدلني الحارس عزيزعلى فكرة إدخال قطعة خشب طويلة على أمل أن تتخذها ممرا للصعود. أدخلنا القطعة التي رغم طولها لم يظهر لها اثر داخل المبنى مما زاد من يأسنا في إنقاذ القطة المسكينة …. ودون فقدان الأمل في خروجها أوصيت برمي الأكل لها لإبقائها على قيد الحياة أملا في خروجه من هذا المأزق الذي وجدت نفسها فيه وهي العمياء السجينة ذات المحبسين …هكذا مرت الأيام تموء مرة وتغيب لفترات ليأسها من جدوى المواء وحتى كدت أنساها وتغيب ذكراها حتى اسمعها مرة أخرى . هكذا استمر الحال لأكثر من أسبوعين …وكانت المفاجأة سارة ذلك الصباح الذي وجدتها وهي على فوهة الثقب تتلمس الطريق للخروج .كانت تارة تتقدم وتارة تعود وكأنها تريد العودة مرة أخرى إلى مأزقها حاولت مساعدتها بالنداء ووضع عمود لتتلمسه وشيئا فشيئا استعملت مخالبها لتتسلق مرة أخرى آثار الشجر للصعود إلى الشرفة وهي منهكة القوى ولتجد في نهاية المصعد قطا مد لها يد المساعد وتصل إلى فضاء الحرية الرحب .فما كان لي إلا أن أعود إلى المنزل لأبشر بعودة القطة السجينة وأوصي بها خيرا قبل أن استأنف طريقي… القطة الآن حرة طليقة ازداد تعلقها بالناس تبقى عند مدخل المنزل لتتلمس المارين وتتمسح بأرجلهم وكأنها تقول لهم شكرا على اهتمامكم ومدكم ليد المساعدة وتشبثكم بأمل عودتي مع المعذرة لكونها أخطأت الطريق…….. عبدالسلام يونس