عندما كلفني القسم الاجتماعي بمهمة انجاز ورقة حول مراكز النداء بالمغرب ضمن استراتيجية الجريدة الرامية الى الانفتاح على سبل المعيش اليومي لعشرات الآلاف من الشباب المغربي ، قفز الى ذهني حادثتان الأولى مرعبة وتجلت في الاعتداء الجسدي الذي تعرض له السيد cyril le couer وهو إطار مهم يعمل في مركز النداء “ويب هلب ” بفاس ورئيس مشروع بالشركة وذلك ليلة الجمعة 17 دجنبر الجاري حوالي 10 ليلا بمنطقة الأطلس وبالضبط في طريق ايموزار وهي منطقة مفروض أن تكون آمنة بالنظر الى الاقامات الفاخرة والفيلات الراقية المنتشرة هنا وهناك . لكن الأمن على ما يبدو، لا يستتب إلا في إطار الحملات الموسمية ،أما ما عدا ذلك ، فمصيره قدر .فقد سطت عصابة من خمسة عناصر ملثمة على صديق المغاربة “لوكور” وسلبته هاتفه المحمول وجردته من بعض ممتلكاته ، وحينما لم تتمكن من جواز سفره الذي ظل “سيريل ” متمسكا به باغته عنصران من الخلف بواسطة سيفين نجم عنهما 18 تقطيبة برأسه . الأمر لا يقف عند حد الإهانة بالاعتداء بالسلاح الأبيض بل القضية ستعرف فصلا أكثر نكاية ، فلما حين ذهب المسكين لطلب النجدة بمقاطعة الأطلس والدماء تفور من رأسه ، صادف فردا من القوات المساعدة الذي لم يحسن أداء مهمته . إذ بدل تقديم المساعدة اللازمة في مثل هذه الحالات ، قابله بنوع من الاستهزاء حسب تعبير “سيريل لوكور” . لكن الذي لم يعرفه عنصر القوات المساعدة هو أن المواطن الفرنسي الذي قضى 8 سنوات بالمغرب كائن اجتماعي ويتحدث العربية بطلاقة ، الشيء الذي جعله يترجم مباشرة ما صدرعن عنصر أمني كان المفروض أن يقدم واجبه المهني بدل التشفي والنكاية. ولم يتسن معرفة فيما إذا تم القبض على الجناة ، لكن المؤكد هو أن لوكور وضع شكاية لدى المصالح الأمنية وهو يرقد في حالة صحية مستقرة بإحدى المصحات بفاس . الحدث الثاني في علاقة بمراكز النداء هو محاولة ربط الاتصال مباشرة بأحد أفراد الدور الرابع حيث أقيم مؤقتا . يتعلق الأمر بشابة في العقد الثالث أنيقة ومتأدبة ، وقد تمكنت خلال إقامتي المحدودة أن اعرف أنها ولجت مركز نداء بالعاصمة منذ سنوات ، وأنها حريصة على الالتزام بعملها ومستميتة في الإخلاص له ليس بسبب أهميته ووضعه الاعتباري بالعاصمة ، ولكن لأنه يذر دخلا قارا و”ش ي” المصدر الوحيد الممول لإيجار السكن ولإعالة أسرة مكونة من 5افراد . والحقيقة أنني تمكنت من الإطلاع على جانب من معاناة أسرتها ، كما أصبحت مطلعا عن كثب بتفاصيل ذلك العذاب السيزيفي جراء التنقل اليومي من القنيطرة الى الرباط منذ أكثر من خمس سنوات . كانت “ش ي” شابة في كامل أناقتها ولم يكن شيء يقهرها ويحد من ديناميتها سوى الاستيقاظ باكرا حوالي5 صباحا والعودة متأخرة في المساء ، وتتفاقم المعاناة خلال الفصول الماطرة . كانت النظافة تستحوذ الى جانب الماكياج والفطور على الجزء الأكبر من وقتها وغالبا ما تتناول فطورها الذي هو عبارة عن” بيمو” في سيارة أجرة . أشياء كثيرة غريبة عجيبة تحدث ما بين أن تستيقظ “ش ي” وتستقل سيارة أجرة من والى...حتى تصل الى مقر عملها في الموعد المحدد حوالي الثامنة صباحا بعد أن تكون قطعت حوالي 100 كلمتر ذهابا وإيابا . عندما فاتحتها في الأمر ، فاجأني رفضها العنيد الخالي من أية لباقة ،”لا اخويا ؟؟؟؟بعد علي ؟؟؟ماتدويش معايا في خدمتي ؟؟؟ كان امتناعها أشبه بمساومة الشرف . لقد امتنعت نهائيا ورفضت بكل ما أوتيت من قوة الإدلاء بأية كلمة حول طبيعة و حجم معاناتها ، مع تشديدها على المتابعة القضائية حال نشر أي كلام حولها ، رفضت تماما الخوض في التفاصيل وكانت الصدمة . أما مبررها الوحيد فكان ” لا أريد أن أتحدث عن عملي الى الصحافة ” إنه طرف ديال الخبز ، ولا أريد أن أفرط فيه تحت أي شكل من الأشكال “. من جهتنا نحترم رأي” ش ي” لكننا سنتقاسم حالات أكثر قساوة من حالة “ش ي”وقد يكون هذا الامتناع غير المستحب هوصلب ما نهدف إليه من خلال هذه الورقة ، فالعمل في مركز نداء ليس عملا سريا ، كما ليس ” طابو” فمن خلال التداول في أمره يمكن تحقيق الأفضل وهذا ما نطمح إليه جميعا من خلال هذه المقاربة التأملية للظاهرة. يقول ” ك ز” بنبرة واقعية ” صحيح إن العمل في مراكز النداء ليس مضمونا ، وان نظام الأداء بالساعة ، وليس أجرا شهريا قارا يغطي العطل والمناسبات الاستثنائية . لكن بالمقابل ، هناك مكاسب اجتماعية تحققت نتيجة المطالبة بها والتعبير عنها بصوت حضاري ومتمدن . ويستطرد قائلا ” هناك مراكز نداء باتت بها مساجد ، وتتم بها صلاة الجمعة ،وأخرى توفر لمستخدميها روض أطفال ومراكز ترفيه ، وهذا لم يكن ممكنا ، لولم يتم التعبير عن ذلك بصوت مسموع . وتختم حديثها وقد تهللت أساريرها ” فإلى متى نظل نقول نعم.. نعم ..oui oui .من غير أن نجهر بحقوقنا التي لا يتردد الآخر في الاستماع إليها والتداول في شأنها طالما تم التعبير عنها بتمدن وحضارية؟” لكن ” طالب السنة الثانية بمسلك الإعلام والتواصل بالجامعة ” م ب” يقتحم الحديث ويتساءل قائلا “ لنكن موضوعيين مرة واحدة في حياتنا ..وعندما أحس أن الجميع ينصت إليه تابع بحرية” الذي يمكن تسجيله بخصوص المراكز الندائية التي يديرها مغاربة هو سوء التنظيم وهيمنة النخبوية ” هذا الكلام راق الجميع، وسرعان ما ظهر الحماس في التعبير كل من زاوية نظره الخاصة وتأكد أن الكل يريد أن يدلي بدلوه ” نعم يؤكد “خالد م” بالنسبة للأجانب فهم لا يعيرون اهتماما لبعض الأمور الداخلية للمركز طالما الأموال متدفقة والأرباح في تصاعد . ويضيف بنبرة واثقة ” ومتى حصل انخفاض في الأرباح يتم التدخل والحسم إما بالتوقيف أو الطرد “ويزيد بنوع من التهكم ” التشكي والتماس الأعذار ممنوع وغير مستحب في مراكز النداء، ومن امتهن ذلك يضعون له العراقيل المؤدية حتما الى ما لا يحمد عقباه ، وفي غالب الأحيان يجد نفسه أما خيارين أما الطرد أوتقديم استقالته بنفسه . وتروي “نادية ب” أمثلة حية في هذا السياق فتقول” هناك اليوم مؤطرة بأحد المراكز يشهد الجميع لها بالكفاءة والاستقامة المهنية وهي حامل في شهرها الثامن ولها زوج في نفس مركز النداء الذي تشتغل به ، استقالت بدون ضجة لأنهم يرهقونها في العمل ، ولا مجال ل”بهوت لعيالات” وفشوشهم مثل ما هو معمول به في الإدارات المغربية ، فعندما يقترب الوضع تحصل السيدة على رخصة الولادة ، لكن غيابها الطويل عن العمل يقذف بها أثناء العودة الى منطقة أخرى بحيث لا يسمح لها بممارسة مهامها السابقة، بل تصبح مستخدمة عادية ، وبعبارة أوضح فهي تنطلق من الصفر. ويتساءل “حميد ي” لماذا يشتغل المواطن الأجنبي في نفس ظروف العمل ولا يشتكي” قبل أن يضيف المواطن المغربي يشتكي باستمرار”هي ثقافتنا هي إدارتنا وحتما نقطة ضعفنا .واعتبر ذات المتحدث أن وجبة الغداء التي تقدم أحيانا ببعض مراكز النداء ابتداء من 10.و30 الى 11.30 صباحا توقيتا غير ملائم البتة ، لكنه الانضباط لقوانين الشركة ، وكفى ومن لم يعجبه ذلك ، ارض الله واسعة “ واستغل ” زبون مقهى” فترة صمت ليقدم خلاصة بحث بالفرنسية قائلا ” المراكز التي يشتغل العمال بها لأكثر من 8 ساعات في اليوم يحسون بقلق دائم ، الأمر الذي ينعكس سلبيا على حياتهم الأسرية . أما المراكز التي يشتغل العمال بها 6 ساعات فهم يتمكنون من ممارسة حياتهم بشكل سوي ويستطيعون استعادة عافيتهم، ويعيشون حياة طبيعية سواء في العمل أو البيت . وتابع معلقا حول بعض مركز النداء التي تمنع ذكر الأسماء العربية بقوله ” إن أفراد المجتمع الأوروبي باتوا على علم بذلك ، فهم يتعرفون على المتحدث من خلال اللهجة ، لكن يجب الاعتراف أن هناك مغاربة فرانكفونيون لا يمكن أبدا أن تشك في فرنسيتهم. وتعدد ” نادية ب” سلبيات المهنة فتقول “بالنسبة لسيدة متزوجة مثلي فهي تقضي 14 ساعة يوميا في العمل ، والنتيجة قلق دائم ، وضغط نفسي مستمر وإيقاع عمل متعب ومتواصل سواء خلال الأعياد الوطنية والدينية أوغيرها ، أما سبل الترقي فتتحدث “ن” بسخرية الترقي يخضع لمواصفات سوريالية ولا تتردد في تسميتها “اليوم العالمي للخواض” . قرب المستثمرين الأجانب الأوروبيين من القارة الإفريقية وخاصة المغرب سهل مأمورية هؤلاء في المراقبة الإدارية والمالية ، فطائرة الباطرون تصل صباحا من باريس ويظل محركها مشتغلا حتى تنتهي المهمة ثم يعود إلى عاصمة الأنوار في المساء، خاصة في ظل الارتياح وأجواء الاستقرار الأمني . وهذا من أهم أسباب النجاح . لذلك نجد الاستثمارات في قطاع مراكز النداء بالمغرب في تنامي ملحوظ ، وأرقام معاملاتها في تصاعد مستمر . والمستثمرون في القطاع كانوا مغاربة أوأجانب مرتاحون للمكاسب المالية المرتفعة ، فهل يحدث ذلك في باقي دول المغرب العربي؟ عن هذا السؤال يجيب رئيس ورش بمركز نداء ” قد يحدث ذلك بتفاوت في تونس أو السنغال مثلا ، أما الجزائر لا يوجد فيها استقرار امني ولذلك، فان اغلب الشركات المستثمرة في القطاع النداء لا تفكر في الاستثمار بها ، بسبب ما يسمونه “إرهاب” وتلعب اللغة الفرنسية دورا أساسيا في جلب الاستثمارات في القطاع ، يبدو ذلك جليا من خلال المقاربة التالية حسب “ع م” مهندس معلوميائي ” فالمهندس في مركز نداء بالهند قد لا يتجاوز راتبه 3000 درهم ، في حين قد يصل الى 7000 درهم بالمغرب. اليد العاملة في الهند ارخص بكثير بسبب اعتمادها الانجليزية كلغة تواصل ، من هنا تبرز أهمية اللغة الفرنسية كرقم أساسي في جلب الاستثمار بالقطاع الى الدول الفرانكفونية وعلى رأسها المغرب . وعلاوة على التسهيلات التي يقدمها المغرب من أجل ازدهار القطاع وتطوره ، هناك امتيازات من بينها إعفاء من الضريبة قد تمتد الى 10 سنوات إضافة الى مرونة فائقة في تفويت الأرض لإقامة المشاريع الكبرى ” تكنوبوليس” نموذجا. خاصة في مرحلة يتسم فيها الاقتصاد الفرنسي بالهشاشة ويتأفف المستثمر من الضرائب مرتفعة ارتباطا بالأزمة الاقتصادية العالمية. وتعتبر ” ن ب ” الكاسك المجهز بسماعة طيلة اليوم عقوبة قاسية جدا خاصة بالنسبة للمبتدئين لماله من خطورة على الصحة النفسية والجسدية ” وتضيف في جدية” لكن تغاضي الدولة في ما يتعلق بمراقبة النظام الداخلي لمراكز النداء على أرضها يطرح أكثر من علامة استفهام . وإذا أضفنا قلة الوعي بقانون الشغل لدى معظم المستخدمين في ظل شروط قاسية ومرهقة حيث نجد مراكز نداء تفرض أسماء أجنبية حيث ” فريد” يصبح “فريديريك”فان المشكل سيتفاقم . إنهم مسيطرون على الموقف من كل النواحي القانونية والمالية وبعقلية تدبيرية محكمة و قوية وهذا بدوره عنصر استقرار لهم غاية في الأهمية. الى ذلك، يعيش عدد من الشباب المغربي الذين يشتغلون في مراكز النداء بالعاصمة الرباط اوغيرها من المدن المغربية مثل البيضاءفاسومراكش وغيرها على إيقاع الخوف من تداعيات نفسية محتملة جراء طول ساعات العمل وعدم انسجام مقتضيات العمل بإيقاعها السريع والمتواتر وملاءمتها بسوق الشغل بالمغرب، ويرى الكثير من الشباب المغربي إن تبيئة وملاءمة نظام العطل خاصة العطل الدينية والوطنية وتحديد وساعات العمل فضلا عن أهمية التحسيس بميثاق أخلاقي ينظم المهنة بات أمر جديا تفرضه المواثيق والأعراف الدولية . ويعدد أحد الشباب السلبيات التي تطبع العمل بالمركز مركزا على التي لها أبعاد نفسية جسدية yshosomat bs والتي تؤثث العمل بهذه المراكز ، لكنه سرعان ما يهضمها بشربة ماء على حد تعبيره على خلفية سياسة الانفتاح التي ينهجها المغرب كمعطى عولمي لا مفر منه وكذا عائدات جلب الاستثمار الايجابية وامتصاص حجم غضب البطالة بالمغرب . إلى ذلك، بعد إنشائه قبل أربع سنوات ضمن ثلاثة مراكز ندائية بات مركز الاتصال ويب هلب بفاس رقم 1 في المغرب من ناحية التشغيل . لكن وعلى الرغم من تحقيقه لانتعاش اقتصادي وخدماتي ملحوظ ومساهمته الواضحة في الرفع من دينامية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق مناصب شغل مهمة بفاس وإحداث دينامية تنموية اجتماعية موازية بالمدينة العلمية وخارجها حيث يستقطب أكثر من 1500 مستخدم ، أطرا و إداريين ، فإن تحديات حقيقية تواجه الشركة خلال الشهور القادمة في حال عدم مواجهتها بالجدية المطلوبة . في هذا الإطار يقول مستخدم من الشركة م . ك « طبعا «ويب هيلب» شركة مستقيمة ورائدة ولها حضور قوي على مستوى التنمية الاقتصادية بفاس وتقدم صورة راقية حول الشراكة والاستثمار الناجع والمثمر ، لكن بالموازاة مع هذه الدينامية هنالك إكراهات أيضا» ويصنف زميل له الاكراهات ويوجزها في «مطالب اجتماعية آنية وعاجلة لا تقبل التسويف ويراها بعيدة عن طاولة الحوار الآن. إن العمل في هذه المراكز لا يدر إلا القليل من المال، بالنظر الى متطلبات الحياة بالعاصمة العلمية يقول الشاب الظريف “عماد .ت “القادم من الجامعة ” نعم مراكز الاتصال ساهمت في إيجاد مناصب للشغل، هذا صحيح وبرزت كقطاع اقتصادي مافتئ يتصاعد ، إلا أن النظر الى بعض الشروط والضوابط التي تفرضها إدارات مراكز النداء تظل صارمة مما يجعلها تخطط لاستمرار العاملين في مهمتهم، حيث تضيف عمالا جدد لإدراكها إن القليل من الشباب يمكن أن يستمر فيها لمدة طويلة،و بالتالي فان عدم تحقيق بعض أهدافها المسطرة يظل واردا بنسبة عالية جدا إنها استراتيجية الحفاظ على التوازنات رغم إخلالها الواضح بذاتها . ويشير” عماد. ت” الذي يلج المركز أول مرة “ مراكز النداء تدمج الكثير من الشباب و الشابات أمثالي ، و تعطيهم فرصة أولى كمرحلة تدريبية ، على أن الاستمرار في العمل يتوقف على مستوى التقدم الحاصل في تسويق المنتوج ، مضيفا بأن العملية في نهاية المطاف مشوبة بالكثير من الأسئلة التي تحتاج لإجابات عاجلة من طرف النقابات من جهة والحكومة المغربية من جهة ثانية ولعل ساعات العمل الطويلة والمضنية احد أهم المعضلات التي يجب العمل على الحد من استمرارها . متحدث آخر من نفس المركز أكد على ضرورة و أهمية المتابعة اللصيقة للصحة النفسية للمستخدمين Psychologique من طرف الشركة تأتي حسب تعبيره على رأس الأولويات بالنسبة للملف المطلبي للمستخدمين . في هذه النقطة بالذات يحصل إجماع لدى كل من استجوبناهم من المهتمين والمتتبعين لأوضاع العمال في الشركة على تفاوت مناصبهم وتباين درجات خبرتهم . ويقتحم النقاش شاب في عقده الثاني قائلا ” من شبه المؤكد أن إدارة “ويب هيلب” المسؤولة عن هذا القطاع الحيوي لم تتخذ أي إجراء فعلي لمعالجة المعضلة ، ويزيد موضحا ” هناك عمال مصابون اويحملون إرهاصات مرضية تستوجب عناية خاصة ، أين هي المواكبة الصحية لهؤلاء ؟ وأولئك الذين يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة وتيرة العمل المرتفعة وضغط الأربعة والأربعين ساعة عمل أسبوعيا ، هل يلقون نفس المصير هناك في بلد المنشأ ؟ ويختم متذمرا ” مثل هذه الأمور الى متى تظل خارج نطاق الحوار بين الإدارة والمستخدمين ؟ الواقع أنه لا يمكن تجاهل الحقيقة التالية هو أن مراكز النداء تعرف انتشارا في الكثير من مدن كالدارالبيضاءوالرباط وطنجة وفاس ومكناس والمحمدية... وأكثر هذه المراكز تؤكد على استعمال اللغات الأجنبية كالفرنسية والانجليزية الى جانب أخرى تحرص على اللغة الإسبانية والهولندية. وتعتبر التسهيلات التي قدمها المغرب لاستقطاب الاستثمارات الخارجية من أسباب هذا الانتشار كما أن موقعه الاستراتيجي القريب من القارة الارو بية إحدى أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم، وتعد هذه المهنة من أبرز مهن قطاع ”الأفشورينغ” (تقديم الخدمات عن بعد) التي يراهن عليها المغرب كثيرا، في هذا السياق يورد ”أحمد . ه “ من أسباب الإقبال على مراكز النداء بالمغرب كون الأخيرة لا تشترط التوفر على شهادة جامعية عالية أو أي تكوين أكاديمي معين ، فهي بحكم خلفيتها الاقتصادية تكرس شرطا أساسيا هو إتقان اللغة التي بواسطتها تنفذ الى الأسواق العالمية وتعود عليها برقم معاملاتي جيد. لكن ” حميد ي” متزوج وأب لطفلة يعمل في مركز نداء منذ حوالي ثلاث سنوات، يحمل مراسل الجريدة ملفا مطلبيا ديباجته” أن العمل في مراكز النداء مهنة عالمية . لذلك ،على المستثمرين في هذا القطاع سواء كانوا مغاربة اواجانب أن يحركوا سلاليم أجور و رواتب العاملين بها في المغرب ، لأنها الأدنى مقارنة مع نظرائهم في أوروبا والغرب بصفة عامة” ويرى متتبعون أن معاناة العاملين بمراكز النداء تكبر وتمس الى درجة الخطر الصحة النفسية لفئة المستخدمين القدامى خاصة الذين يتوفرون على أكثر من 3 سنوات من الأقدمية . هنا يتمم زميل له الحديث من حيث انتهى عماد بالقول ” إن هذا النقص في المتابعة للصحة النفسية للمستخدمين يسجل رغم وجود طبيب الشغل بالشركة . وإذا أضفنا النقص الفادح في أطر تسيير الموارد البشرية ( إطاران ل1500 مستخدم ) الى حالة الضغط القوي الذي تمارسه 44 ساعة عمل في الأسبوع وما ينجم عنها من تداعيات نفسية تلقي بظلالها على الحالة الاجتماعية في ظل انعدام برنامج pst برنامج المحافظة على الشغل، تصبح التحديات حقيقية ويصعب التكهن بمستوياتها خلال الشهور القادمة حيث تبدو سخونتها على صفيح.في إطار اتفاقية مع السلطات المحلية في إطار تسيير التوقعات لمناصب الشغل والكفاءات gpec . وتترقب مصادر عمالية أن الشركة مقبلة على وضع ساخن بسبب تهديدات بالإضراب قد تشل الشركة في حال ما إذا لم تستجب لمطالب الشغيلة بالمركز. ولعل «ويب هلب « تدرك أكثر من غيرها أن الإضراب بالنسبة لمراكز النداء يشكل خطرا كبيرا يهدد الشركة بخسائر مادية جسيمة كما يمكن أن يؤثر بشكل أو بآخر على حضور الشركة أمام زبنائها الفرنسيين ، فضلا عن كون الخسارة في مثل هذه الحالات تلامس الملايين من الدراهم عن كل ساعة إضراب . الشركة من زاويتها، وحسب مصادر متطابقة، تهدد بنقل خدماتها الى الجزائر أو تونس ، بل وفوق مكتبها ملف تدرس من خلاله إمكانية الإقدام على مثل هذه الخطوة. تبريرها في ذلك أن العملية تدخل في إطار انفتاحها خارج حدود المغرب وتوسيع نطاق خدماتها واستثمارها. تجدر الإشارة الى انه و بعد عدة لقاءات مع مستخدمي مؤسسة مركز الاتصال “ويب هلب” مغرب سبق للإتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بفاس أن اشرف على تأسيس مكتب نقابي تابع للفدرالية الديمقراطية للشغل بعد انسحاب معظم المنخرطين من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل. وعلى الرغم من أن لا أحد من المستخدمين 1500 بفاس ينكر المكتسبات التي تحققت وتعمل شركة “ ويب هلب “جاهدة على تطويرها خدمة لمواردها البشرية ، فإن على الشركة تفعيل العديد من الإصلاحات والقيام ببعض التدابير الوقائية ، أما على مستوى مستوى الأجور مثلا فالشركة تعتمد نظام تحفيز ودوبل سميك 3400 درهم للمستخدم المبتدئ كراتب شهري . لذلك تبدو الأجور مستقرة وفي تحسن وهي نفس الأجور المعمول بها في مراكز الرباط ، وقد شهدت تطورا ملحوظا خلال الشهر الذي نودعه. الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال هي أن مراكز النداء استطاعت توفير عشرات الآلاف من فرص الشغل لشرائح مختلفة من الشباب المغربي يحدث ذلك في ظل صعوبة إيجاد عمل خلال سنوات مضت عانى منها الاقتصاد المغربي من الركود . ورغم ما يمكن أن يقال بخصوص عملية الإدماج بالمواصفات السالفة كون بعض مراكز النداء لا تهتم بالمستوى الدراسي بقدر ما تهتم بإتقان اللغة الفرنسية أو غيرها من اللغات الأجنبية الأخرى، فإن الأمر يبدو حلا سحريا لان مراكز النداء هذه مهما اختلفت جنسياتها ومهما تشددت في أنظمة الاستقطاب تبدو الأكثر شفافية من غيرها فيما يتعلق بالإعلان عن عروض العمل بشكل مكثف وبارز من خلال الملصقات على الحافلات وعلى الانترنيت وكذا عبر وسائط اتصال متعددة”. ” ع م ” مهندس في مجال المعلوميات من الشباب الطموحين تلقى تكوينا لفترة بفرنسا وعاد لبلده ، ولأنه يمتلك الخبرة والتجربة فانه لم يجد صعوبة في اجتياز الاختبار بعد تقديم نهج سيرته حيث استطاع إقناع محاوريه من الأجانب بلغة فرنسية رصينة حيث حصل على فرصة عمل بأحد مراكز النداء في العاصمة لم يظفر بها العديد من زملائه وصديقاته . يقول المهندس ” إن إتقان اللغتين الفرنسية والانجليزية شرط ضروري ليس للولوج الى مراكز النداء بالمغرب فحسب ،وإنما للتعاطي مع تحديات العولمة ورهاناتها ، ويضيف ”ع م ” متحدثا عن تجربته “عندما يواصل الشباب المغربي البحث عن عمل بأحد المراكز وقد تسمح الظروف بذلك بعد محاولات مضنية فإن ذلك أمرا جيدا ، وقد لا يستمر وقد يغادره الى مركز آخر ، المهم هو تعميق الخبرة وصقل التجربة ، لأنه بعد أن يتمكن من استيعاب خبرات ومعارف وطريقة العمل التي يتلمس صعوبتها منذ الساعة الأولى بالنظر الى صعوبة ما يتطلبه الموقف من تركيز وسعة صدر خصوصا أثناء محاولته إقناع زبون أجنبي بأهمية المنتوج، حتى يجعله يقتنع باقتناء المنتوج عبر الهاتف. فإن ذلك يضيف شيئا ذا قيمة الى حياته بكل تأكيد . ويتابع المهندس الحقيقية إنني كنت أتوقع أن أغادر وأتخلى عن هذا العمل الشاق والمتعب منذ الساعات الأولى ، ولكن علامات استفهام كبيرة كانت تقف أمامي أين اذهب ؟ وماذا بعد المغادرة؟ ولماذا هاجرت وقضيت شهورا في الغربة أليس قصد التكوين وامتلاك الخبرة ؟ ولماذا يشتغل الشباب الأوروبي هناك بنفس الشروط ” مع شرط اعتبار المواطنة” دون تأفف؟ويضيف بعد تنهيدة عميقة ” كنت أفكر بصوت مسموع أحيانا ” نعم قد أتوقف عن العمل بمحض إرادتي كما فعل العديد من الزملاء عذري في ذلك مشاق المهمة والقدرة الفائقة على التركيز التي تخونني في معظم الأحيان ، وقد اتلكؤ في انجاز مهامي مما يعني عدم تحقيق النتائج التي يأملها المركز مني، الشيء الذي يعني طردي . هذا وارد ، لكن ،من أين لي بثمن القهوة ؟ وكيف أدبر أمر اقتناء الجريدة التي أحب والجلوس في المقهى التي أحب ؟ وكيف يتسنى لي دفع مبلغ إيجار سكن الأسرة ومصاريف ضافية تفرضها الحياة ؟ وفي موضوع ذي صلة تعتبر الخدمات عن بعد (الأفشورينغ) أبرز ركيزة في برنامج ”إقلاع” للنهوض الصناعي والذي استقطب العديد من المستثمرين الأجانب، فمشروع الدارالبيضاء (كازا شور) المنجز على مساحة 50 هكتار على بعد 5 كيلومترات عن العاصمة الاقتصادية، يضم 40000 متر مربع مخصصة للمكاتب، وسيشرع في استغلالها خلال ما تبقى من هذه السنة، فيما ستكون باقي المساحة صالحة للاستغلال خلال سنة ,2009 وتبلغ تكلفة كافة مشاريع البرنامج ما يفوق 200 مليون درهم (20 مليون أورو “ وكان موضوع مراكز الاتصال الفرنسية لخدمة العملاء في المغرب قد برز الى الواجهة مؤخرا عندما أعلن كاتب الدولة الفرنسي للتشغيل لوران واكيز عن مشروع قانون يريد من خلاله فرض غرامات على مراكز النداء الفرنسية التي تعمل خارج التراب الفرنسي لأنه يرى فيها منافسة لمراكز النداء في فرنسا وبالتالي تهديدا لوجود الأخيرة”. ويوجد في المغرب أكثر من 140 مركزا للنداء موزعة على أهم مدن المملكة وتقوم بتشغيل أكثر من 30 ألف مغربي مقابل تشغيل 12 ألف موظف في تونس مثلا. وفق احصائيات رسمية وتعول الحكومة المغربية على قطاع المعاملات الخارجية لتقليص حجم البطالة إذ تنتهج خطة لتشغيل 70 ألفا من الشبان حتى عام 2015 بالاعتماد على مراكز النداء”. وكان تقرير اللجنة الأوروبية لإفريقيا للعام 2010 قد اعتبر أن نسبة البطالة في المغرب مرتفعة. وانخفض معدل البطالة في الربع الأول من العام الحالي الى 8.2 من 10 في المائة في الربع الأول وفي عام 2009 بلغ معدل البطالة 9.1 في المئة من 9.6 في العام 2008. وسبق لوزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة المغربي أحمد رضا الشامي أن صرح أمام البرلمان المغربي بأن “تصريح الوزير الفرنسي أقلقنا كثيرا.” وأضاف الشامي حسب وكالة المغرب العربي للإنباء أنه اتصل لدى سفير المغرب بفرنسا من أجل متابعة الموضوع عن كثب إضافة الى إجراء اتصالات أخرى مع المستثمرين الفرنسيين بالمغرب في هذا القطاع ممن سيتضررون من هذه الإجراءات الى جانب اتصاله بوزير الصناعة التونسي من أجل اتخاذ مواقف موحدة”. تقول ” ن ب “سيدة متزوجة تقطن بالقنيطرة ” اشتغل بمركز نداء بالعاصمة منذ ثلاث سنوات مكتبي مجهز بحاسوب كما هو الشأن بجميع المكاتب الأخرى التي تبدو مجهزة بحواسيب وبسماعات casques تعمل عمل الهاتف، ، ويمكن للمستخدم في المركز أن يجري أزيد من مائة اتصال هاتفي يوميا، لكن الأمور تسير في غاية من المهنية والاحترافية إذ كل مجموعة من العمال يشرف عليها مراقب تتركز مهمته في الإنصات على المكالمات وإبداء النصائح أو تقديم المساعدة في حال الاقتضاء . لكن أهم ما يميز طبيعة العمل بالمركز تضيف السيدة ” هو وجود العاملين على شكل مجموعات، حيث تبدو عملية تزجيةالوقت في غير المفيد وكذا الالتفات يمينا اويسارا متعذرة ، لكن الانفراج سيقع بعد حين ، حينما يتمكن المستخدم من انجاز مهمته الاقناعية بنجاح ، حيث يتعلق الأمر هنا ببيع مادة أوتقديم خدمة آنية لزبون . لكن لمراكز النداء حسب “ن ب” ميزة لا تسعفها الكلمات كي تبسطها بواقعية حيث تقول ” انه كلما ترقى المستخدم في مهنته ، زادت حدة القلق لديه ” قلق تفسره ” ن ب” على ثلاث مستويات 1 مع الشركة الأم 2 مع الزبون 3 مع العاملين بالمركز . هذا الى جانب ذلك يلقي بظلاله على نمط الحياة والشكل الاعتباري للفرد في المجتمع ، فالحياة النفسية المعقدة السفر اليومي صعوبة التنقل تداعيات استعمال الكاسك بشكل مفرط ولمدة 9 ساعات يوميا، وخطره على السمع والدماغ والحلق له نتائجه الكارثية بالتأكيد. وتختم نادية ” في انتظار البديل الذي قد يأتي ولا يأتي يظل العمل بالمركز أمرا حتميا حتى في صيغته المؤقتة لدى الكثير من الشباب المغربي من الجنسين . ويشرح ” ح ي” في العقد الثالث والحاصل على شهادة الإجازة في الفرنسية بقوله “ نعم انه عمل موسمي لكن أمام كثرة المصاريف ارتأيت أن أعمل بأحد مراكز النداء للحصول على الحد الأدنى من المال ، واعتقد أن ذلك يشكل الدافع الوحيدللكثيرمن الشابات في مثل سني يحدث ذلك تضيف ” ح ي” في انتظار إيجاد عريس أو عمل آخر مناسب. من جانب آخر، صرحت خبيرة تعمل يعمل لحساب مراكز أجنبية للنداء بالمغرب،” بأن الطلب المتزايد على الشباب راجع بالأساس إلى الخصاص في الموارد البشرية المؤهلة، مضيفة بأن يتم إبرام عقد عمل محدود الآجال، وفي حالة عدم التوفر على المستوى المطلوب يستغني عن العديد من العاملين، ”إذ الاستمرار في العمل رهين بتحقيق جملة من الأهداف”. وتربط معظم الكتابات التي تناولت ظاهرة مراكز النداء بالمغرب ظهورها كمعطى جديد لانفتاح المغرب على العالم الخارجي، ومحاولته السير قدماً على غرار الدول المتقدمة، فكان أن ظهرت هذه المراكز خلال منتصف التسعينيات بالعاصمة الاقتصادية، وكانت حينئذ لا يتعدى عددها رؤوس الأصابع، ولكنها انتشرت تدريجيا بشكل سريع خلال السنوات القليلة الماضية، فوجد فيها الشباب الذي يعاني الأمرين لبطالة والفراغ متنفساً وبديلاً مؤقتاً لأمل طال انتظاره” . وتشير أغلب المقاربات ذات الصلة بالموضوع الى أن ” غالبية المستثمرين بهذا القطاع من الأوروبيين، وتتجلى أهمية المراكز في أنها تلبى حاجة العديد من الشركات إلى تقريب المنتوج أو الخدمة إلى المستهلك، بحيث تجري تلك المراكز اتصالات مع زبناء محتملين، وإذا تم الاتفاق فإن المنتوج يصل إلى حيث مسكنه، وقد استفادت تقنيات البيع الموظفة في المراكز من التكنولوجيا الحديثة (هواتف وانترنيت...) بهدف الرفع من المبيعات، وبالتالي الرفع من المردودية والتأقلم مع جميع المستجدات” ولمواكبة التطور السريع للمراكز برز الى الوجود العديد من المعاهد الخاصة التي فتحت أبوابها لتكوين الشباب على متطلبات تلك المؤسسات، إذ تدرس كيفية تطوير القدرات اللغوية في الفرنسية، وتحسين عملية التحدث عبر الهاتف، كما تدرس طبيعة العمل بالمراكز، علاوة على التكوين في مجال تقنيات البيع، إلا أن جسور الانتقال من فضاء التكوين إلى مجال العمل تشوبها أحيانا تجاوزات”حسب ما أورده مقال في الموضوع نشر على الانترنيت . في سياق متصل، يوضح فاعل جمعوي بمراكز النداء في تصريح للجريدة أن هذا القطاع يعرف تطورا، وما زال في حاجة إلى الموارد والطاقات التي تتقن اللغة الفرنسية والانجليزية وبعض اللغات القادمة ، الشيء الذي أدى إلى عقد شراكة مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بهدف تكوين مجموعة من الأفراد للعمل في تلك المراكز”. وفق إحصائيات الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، بنسبة 186 % بين عامي 2004 و,2007 ليبلغ إجمالي المراكز إلى 188 موزعة على الصعيد الوطني، وإن كانت حصة الأسد توجد بمدينة الدارالبيضاءوالرباط بنسبة 80 %، فالباقي يوجد في مراكش، وطنجة، وتطوان، والمحمدية... مع تحقيق معدل نمو سنوي لعددها ب11 %.ويبلغ عدد العاملين بالمراكز 20 ألف غالبيتهم شباب، وهو العدد الذي لم يتجاوز 5500 في العام ,2004.” يشتغل العامل بمركز النداء نظيرمبلغ مالي يتراوح ما بين 2500 و4000 درهم شهريا، ويستفيد من العطل المقررة رسميا للبلد الذي يعمل لحسابه انطلاقا من المغرب .وغالبية المستثمرين في هذا القطاع فرنسيون بنسبة 86 % ثم الأمريكيين بنسبة 8 %، والإسبان بنسبة 4%، والبلجيكيين بنسبة 2 %، كما أن عمل هذه المراكز موجه بالكامل للخارج، والأجانب المقيمين بالمغرب. ويتطلب من العاملين، علاوة على إتقان اللغة الأجنبية، وحسن الصوت وإتقان تقنيات البيع ومهارة تقديم الخدمات وعرض المنتجات”. ويحصل إجماع لدى كل من حاورناهم حول أهمية العمل في مراكز النداء فيقول أحدهم” لا أقول أن مراكز النداء هي الحل الأمثل للعطالة بالإضافة أنها لا تصب في مجال اختصاصي لكنها الأفضل بالنسبة للقطاع الحر في المغرب.” ويضيف الثاني ”قد يصل مرتبي الى 7000 درهم شهريا في حين أن بعض الزملاء الذين درسوا معي يشتغلون مع شركات مغربية بأجر اقل من ذلك بكثير.” أما الثالثة فتقول” أن أكثر ما تحبه في عملها هو عدم شعورها “بالتمييز نتيجة الجنس أو السن أو المستوى الثقافي أو المنصب الذي تحتله في مركز النداء.. جميع الموظفين سواسية.” وهذا عنصر مشجع على التفوق والمبادرة” من جهته قال” أوليفييه دوها ” احد مؤسسي مركز النداء الفرنسي (ويب هلب) الذي له فروع في المغرب ورومانيا في تصريح صحفي سابق ”ليست هناك تنافسية بين المغرب وفرنسا في مجال المعاملات الخارجية لكن هناك تكامل” وأضاف “اوليفيي دوها” الذي حققت مراكز ندائه حجم تعاملات بلغ 124 مليون يورو العام الماضي “قمنا بإجراء دراسات في بداية العام 2000 على عدد من الدول ووجدنا في المغرب القرب الثقافي والجغرافي وكذلك عامل الفرنكوفونية.. باختصار المغرب يتوفر على طاقات مهمة.” ونقلا عن ذات المصدر فقد تحدث دوها عن الإجراءات التي أعلنت الحكومة الفرنسية أنها تنوي اتخاذها تجاه مراكز النداء خارج فرنسا بقوله ”أظن أن هاجس الحكومة هو الاطمئنان أن ليس هناك أي تسرب غير مراقب لمناصب الشغل خارج فرنسا.” مضيفا ”لا أظن أن هناك نية للتخلص من وظائف في المغرب وضمها الى سوق الشغل الفرنسية على اعتبارها ملك لفرنسا نحن في اقتصاد عالمي... وفي مجال المنافسة الحرة ومنطق اقتصاد السوق واقتصاد التبادل الحر.” ويستفاد من تقارير رسمية أن مراكز الاتصال بالمغرب، وفق إحصائيات حديثة لوكالة تقنين الاتصالات بالمغرب، سجلت نموا مضطردا يناهز 13% بفضل التنافسية التي يتميز بها هذا القطاع الصاعد، فضلا عن كفاءة الشباب المغربي العامل في هذا المجال. محققة رقم معاملات يفوق 6 ملايير درهم، بزيادة حوالي 10 إلى 30% كل سنة، في أفق تحقيق رهان 10 ملايير درهم سنة 2015. وتوظف هذه المراكز، وعددها 250 مركزا، حوالي 30 ألف شاب، ومن المزمع أن يرتفع تشغيلها للشباب إلى حوالي 60 ألف شخص في غضون ست سنوات”. وتجدر الإشارة إلى أن أغلب مراكز النداء في المغرب تنتمي لشركات اتصالات فرنسية بنسبة 86%، تليها شركات أمريكية بنسبة 8% ، ثم شركات إسبانية وبلجيكية وهولندية”. ويشرح ” ن ق “ طبيعة عمل مراكز النداء بقوله ” يندرج عمل مراكز الاتصال بالمغرب في ما يسمى بقطاع ترحيل الخدمات أو تقديم الخدمات عن بعد،” أوف شورينغ”، وتتمثل طبيعة نشاط أغلب هذه المراكز في التواصل مع زبناء فرنسيين أو غيرهم يتصلون من أرقام محلية لتتحول مكالماتهم بشكل تلقائي إلى مراكز النداء التابعة للشركة الفرنسية بالمغرب”. وهي وظيفة تواصلية حديثة تشغل شبابا مغاربة يجيدون الحديث بالفرنسية، تتلخص مهامهم في الرد أن على طلبات واستفسارات أولئك الزبناء من فرنسا، وقد يحدث ذلك من غير أن يعلم المتصلون أنهم يتكلمون مع مغاربة. من ناحية أخرى يرسم ” م ك” علامة استفهام حول معايير الإدماج حيث الكفاءة لا تطرح مشكلا ، المهم أن يكون المتحدث مقنعا فالمواطن الفرنسي الذي يطلب المساعدة لا يهمه المكان الذي يستقبل منه المكالمة ، العمل لا يحتاج الى كفاءة عالية من قبيل الإجازة اوالماستر في الفرنسية مثلا . الأمر الذي يفسره الإقبال الكبير لشباب من حملة شهادة الباكالوريا أو الإجازة الجامعية، وحتى دونهما أحيانا، على مراكز النداء بصفة بائع أو مستشار عبر الهاتف حيث ينحصر دوره في الإجابة على أسئلة المتصلين من خارج المغرب، مدعيا أنه موظف فرنسي باسم فرنسي أيضا، ليقنع الزبون بشراء المنتوج معددا مزاياه وخصائصه.” . لكن مراكز النداء بالمغرب ستعيش على صفيح ساخن خلال شهور مضت . خوفا من عزم الحكومة الفرنسية تطبيق قرار يتوخى فرض إجراءات ضريبية ضد مراكز النداء الفرنسية التي تنقل أنشطتها خارج فرنسا، وبالتالي ستتحمل أغلب مراكز النداء بالمغرب هذه الأعباء الضريبية، الشيء الذي كان سيؤثر سلبا على أنشطتها وعلى استقرار الموظفين فيها”. لكن الآلاف من الشباب المغربي العامل في مراكز النداء المغربية سيتنفسون الصعداء بعد أن تبين للطرف الفرنسي مدى حجم النشاط الاقتصادي المدر للربح الذي تضطلع به مراكز الاتصال هذه.وبذلك استطاعت مراكز النداء الخروج من عنق الزجاجة بعد أن تراجع الفرنسيون عن تطبيق ذلك القرار” وكانت جريدة الاتحاد الاشتراكي قد أوردت في مقال لها أن الأزمة التي عرفها قطاع “الأوفشورينغ “بين فرنسا والمغرب شهدت انفراجا نسبيا،بعد لقاء سري كان قد جمع بين الوفد المغربي المفاوض في هذا الملف، وكاتب الدولة في الشغل، الشهر الماضي بفرنسا، مما جعل المياه تعود الى مجاريها . وفي موضوع ذي صلة قال أحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، إن »تصريح الوزير الفرنسي أقلقنا كثيرا«، في إشارة إلى تصريح لوران فوكييز، كاتب الدولة الفرنسي في الشغل، الذي أبرز فيه اعتزام بلده فرض ضرائب على المراكز الموجودة خارج ترابها وتشجيع المقاولات التي تقع مقراتها بفرنسا.وقال الشامي، في رده على سؤال شفوي للفريق الاستقلالي بمجلس النواب ، إنه اتصل بسفير المغرب بفرنسا من أجل متابعة الموضوع عن كثب، إضافة إلى ربطه اتصالات أخرى مع المستثمرين الفرنسيين بالمغرب في هذا القطاع، والذين سيتضررون من هذه الإجراءات، إلى جانب اتصال أجراه مع وزير الصناعة التونسي من أجل اتخاذ مواقف موحدة.. وعلى غرار تصريحات الشامي، يضيف ذات اللمصدر لم يخف المهنيون المغاربة تخوفاتهم من تبعات هذا القرار، إلا أن اللقاء الذي جمعهم بكاتب الدولة الفرنسي، ورفض الشركات الفرنسية لهذا القرار، أعاد الدفء إلى مراكز النداء المغربية، وخلق ارتياحا نسبيا لمهنيي القطاع. و يستفاد من تقرير إذاعة هولندا العالمية/ أن ثلاثين ألف منصب شغل توفره للشباب مراكز النداء (مكاتب الاتصال)الأجنبية العاملة في المغرب. هذه الطاقة الاستيعابية للباحثين عن العمل تعرضت لرجة إعلامية في غضون الأسابيع القليلة الماضية حينما نشرت الصحف الفرنسية أخبارا تفيد بعزم وزارة العمل الفرنسية دعوة الشركات الفرنسية للعودة إلى فرنسا لإنعاش سوق العمل فيها. أغلب شركات النداء في المغرب تستهدف المستهلك الفرنسي، إلا أن شركات أخرى إسبانية، ألمانية وهولندية تبحث لها عن موطئ قدم في سوق واعدة. إحدى الشركات الهولندية اتخذت من مدينة طنجة مركزا لنشاطها. الى ذلك انتعشت أسواق مراكز النداء في المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة بشكل جعل الحكومة المغربية تعول عليها كثيرا في امتصاص يأس الباحثين عن العمل، وخاصة في صفوف الشباب الذي يتقن التحدث باللغات الأجنبية. حسب مصادر متطابقة . وفي المقابل ، وجدت الشركات الأجنبية ضالتها في بلدان كالمغرب لتحقق أرباح أعلى مما قد تحققه في بلدانها الأصلية بالنظر لرخص اليد العاملة من جهة، ولتوفر هذه الأخيرة على المؤهلات دون الحاجة، في كثير من الأحيان، إلى التأهيل والتكوين”.. بدأت فصول الكارثة ” وفق أخبار الوكالات ” عندما قررت شركة 'تيلي بيرفورمونس‘ (Télé Performance) شطب 8 مراكز للاتصال فوق التراب الفرنسي وتسريح ما يقارب من 900 عامل، ونقل جزء من أنشطتها إلى الخارج، حصة المغرب منها 1200 منصب شغل. الأمر الذي دفع سكرتير الدولة في العمل لوران فوكز (Laurent Wauquiez) إلى اعتبار نقل الشركات الفرنسية لأنشطتها إلى الخارج أمرا مقلقا للحكومة الفرنسية، فقرر اتخاذ رزمة من الإجراءات منها: فرض رسوم ضريبية على المكالمات الواردة من الخارج، وتقديم دعم مادي لشركات النداء لحثها على عدم الرحيل. وتمكن قطاع مراكز النداء، في غضون فترة وجيزة، أن يحتل مكانة مهمة في النسيج الاقتصادي، وهذا ما يبينه رقم معاملات هذا القطاع، التي ناهزت، حسب الوعدودي، 6 ملايير درهم، ويعرف هذا الرقم، كل سنة زيادة، تقدر بحوالي 10 إلى 30 في المائة. وذكر مدير المعرض الدولي لمراكز النداء أن الهدف الأسمى يتجلى في تسجيل رقم معاملات يصل إلى 10 ملايير درهم، في حدود 2015، حتى يستطيع هذا القطاع أن يشكل وزنا فاعلا في المنظومة الاقتصادية الوطنية. مركز النداء: خدمة القرب .. عن بعد وتعرف هذه الخدمة التواصلية تطورا متزايد، إذ بدأت تشمل العديد من الميادين، وذلك على غرار القطاع البنكي والتوزيع والتأمينات والخدمات والصيانة والخدمة بعد البيع. تستقطب مراكز النداء، التي تحقق بالمغرب رقم معاملات سنويا يبلغ ملياري درهم، حوالي 250 مستخدما جديدا كل أسبوع، وقد بلغ عدد الشركات التي لها نشاط مرتبط بتقديم الخدمات عن بعد، خلال سنة 2008، حوالي 350 مؤسسة. ويبرز وزير التشغيل والتكوين المهني السيد جمال أغماني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب وضع استراتيجية منذ سنوات، تستهدف خلق ما يزيد عن 100 ألف فرصة عمل. وأكد الوزير في تصريح على هامش زيارة قام بها للإطلاع على أنشطة أحد هذه المراكز بالرباط، أن المكانة المهمة التي تحتلها مراكز النداء اليوم في النسيج الاقتصادي للمملكة، تحتم اضطلاع الدولة بدور، وذلك من خلال القطاعات المتدخلة سواء وزارة التجارة والصناعة أو قطاع التشغيل والتكوين المهني، من أجل مواكبة حاجيات هذه المؤسسات التي تستقر في المغرب.وأضاف أن هناك برنامجا في مجال التكوين، وضعته منظومة التكوين المهني، بغية الاستجابة لحاجيات مراكز النداء على مستوى تكوين الشباب في مجال اللغات على الخصوص. غالبا ما يخلط المرء بين الأمرين، غير أنه في نظر الوعدودي محمد رئيس جمعية مراكز الاتصال والنداء و الخدمات المعلوماتية، فإن هناك فرقا واضحا بينهما. فمركز الاتصال (centre de contact) يعني أن الزبون يتصل بالمركز من أجل أخذ معطيات والحصول على معلومات مثل مواعيد القطار وغيرها من الخدمات. أما مراكز النداء (centre d'appel)، فهي التي تتصل بالزبون من أجل بيع منتوج مثل الملابس، أو الاشتراكات وغيرها من الخدمات. وبعبارات المتحدث دائما ، فإن مراكز الاتصال أو النداء تنقسم إلى قسمين: مراكز اتصال تجارية، أي تعمل على بيع المواد أو المنتجات، أي تعمل على إقناع الزبون باقتناء منتوج ما دون أن يعرف المكان الذي توجد فيه أو اسم المتكلم الحقيقي. وهناك مراكز اتصال تهتم بالخدمات مثل خدمات شركات الاتصالات، وغيرها من الشركات. يتم تكوين العامل وتعريفه بخصائص المنتوج التقنية حتى يمكنه أن يجيب عن المكالمات التي تأتي من زبائن من الخارج. «خدمات الزبائن هاته تكلف الشركات غاليا، وبالتالي فإنها تعمل على تكليف مراكز اتصال من أجل القيام بهذه العمليات. أحيانا نتخذ أسماء أجنبية من أجل التعامل مع الزبناء. ولكن الشرط الوحيد هو أن لا يعرفوا هوياتنا الحقيقية أو مكان تواجدنا»، يقول عبد القادر. هناك عدة عوامل ساهمت في هذه المرتبة التي يحتلها المغرب، منها الموارد البشرية المؤهلة، و السياسة الحكومية، وتحرير قطاع الاتصالات، والتحكم في اللغات الأجنبية، وخاصة الفرنسية والإسبانية. كما أن تقرير معرض (SICCAM)، الذي صدر هذا العام، أشار إلى أن رقم معاملات هذا القطاع بالمغرب عرف تطورا سريعا مقارنة بسنة 2003، إذ بلغت نسبة التطور 1000 في المائة”. وخلال افتتاح المستشار الملكي أندري أزولاي للدورة الخامسة لمعرض مراكز الاتصال في المغرب سنة 2008، أشار إلى أن هذا القطاع يدر أزيد من 270.3 مليون دولار سنويا. و الدليل على أهمية هذا النشاط في الحركية الاقتصادية المغربية هو أن رقم معاملاته وصل هذا العام إلى 4 مليارات درهم. وتمكن قطاع مراكز النداء، في غضون فترة وجيزة، أن يحتل مكانة مهمة في النسيج الاقتصادي، وهذا ما يبينه رقم معاملات هذا القطاع، التي ناهزت، حسب الوعدودي، 6 مليارات درهم. ويعرف هذا الرقم كل سنة زيادة تقدر بحوالي 10 إلى 30 في المائة. غير أن 70 في المائة من أصحاب الرساميل في هذه المراكز أجانب, خاصة من فرنسا وأمريكا وإسبانيا وغيرها من الجنسيات. في حين أن الرأسمال المغربي يتوفر على 30 في المائة. وحسب بعض الإحصائيات، فإن غالبية المستثمرين الأجانب في هذا القطاع فرنسيون بنسبة 86 في المائة، يليهم الأمريكيون بنسبة 8 في المائة، والإسبان بنسبة 4 في المائة، والبلجيكيون بنسبة 2 المائة. تشغل مراكز الاتصال أو النداء ما يقرب من 25 ألف شخص، ويمكن للمغرب أن يخلق بدون أي عناء 300 ألف منصب شغل في هذا القطاع. ويؤكد الوعدودي أن «هذا القطاع هو قطاع حيوي واستراتيجي ويمكنه أن يخلق مناصب شغل كثيرة». وبالرغم من الأزمة التي اجتاحت العالم هذا العام وتأثيرها على اقتصاديات دول كثيرة، فإن هذا القطاع بالمغرب لم يتضرر، حسب رأي الوعدودي، بل عرف انتعاشا، مضيفا «الأزمة العالمية أثرت على الشركات في الدول الغربية التي عملت على التخفيض من مصاريف، وبالتالي إذا كان ثمن الخدمة يصل في تلك البلدان إلى 30 أورو، فإن ثمن نفس الخدمة في المغرب لن يتعدى 10 أورو». نعم هناك ميثاق أخلاقي، وضعته جمعية مراكز الاتصال أو النداء، يتعين على العامل في مراكز الاتصال أو النداء أن يتحلى بها أثناء تأدية مهامه. مركز الاتصال أو النداء يقدم خدمات للزبائن أولا وأخيرا، وبالتالي فإن اللباقة وحسن السلوك والأخلاق يجب أن تكون ملازمة للعامل في هذه المراكز حتى لو كان الزبون غير لبق أو تلفظ بألفاظ نابية. العامل يجب أن تكون أعصابه في ثلاجة، أن يضبط أحاسيسه ولا ينساق وراء الإساءة. «هناك قواعد يجب أن يحترمها العامل في أداء عمله، لا يمكن أن تتم المناداة أو الاتصال بالزبون في أوقات غير لائقة، ولا يمكن التحدث إليه بجفاء حتى إن لم يقبل الخدمة التي تعرض عليه. هذا الميثاق وضع لفائدة المراكز الصغيرة، لأن المراكز الكبيرة تحترم احتراما تاما أخلاقيات المهنة، وهناك مراقبة صارمة في هذا الاتجاه. المراكز الكبرى تحاول أن تحافظ على سمعتها” إعداد : عزيز باكوش