طنجة تحتضن فعاليات النسخة الثانية من "ملتقى ومعرض الأعمال المغربي-الليبي"    25 قتيلا و2967 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    السكوري: قطاع الهيدروجين الأخضر من المتوقع أن يوفر حوالي 300 ألف فرصة عمل مباشرة بحلول عام 2030    نتنياهو: اغتلنا حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين    المغرب يؤكد استعداده لاستعادة المهاجرين السريين والقاصرين    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    المغرب يبدي استعداده لاستقبال المهاجرين القاصرين محذرا من "الفراغات القانونية" في الدول الأوربية    بلاغ دورة أكتوبر 2024 لمجلس جهة طنجة        عالم بلا بوصلة    هيئة النزاهة تنتقد تأخر إحداث الوكالة الوطنية الخاصة بتدبير الأموال المحجوزة المتأتية من الفساد    "هِمم" تعبر عن قلقها بخصوص الوضع الصحي للنقيب زيان وتجدد المطالبة بالإفراج عنه    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة    توقيف 4 أشخاص بالبيضاء يشتبه ارتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في سرقة السيارات    "اليونسكو" تختار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026    "الابتكار الثقافي بوابة التثمين الترابي للمناطق الجبلية" شعار مهرجان أجذير إيزوران بخنيفرة    دليلة بلكاس تكشف عن إصدار فيديو كليب جديد وتنتظر دعم جمهورها    اغتصاب قاصر يورط عشرينيا في تزنيت    نسبة التضخم ترفع الأسعار في المغرب    تساؤلات حول غياب زياش عن قائمة المنتخب الوطني    الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول يرجح ارتفاع سعر الغازوال إلى 15 درهما    مجموعة بريد المغرب والبريد البرتغالي « CTT كوريوس» يطلقان إصداراً مشتركاً لطابعين بريديين    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    الفنان هشام شبري يطلق أغنيته الجديدة «يازين السمية»    الإفراط في القهوة والمشروبات المكربنة يجلب السكتة الدماغية    جماعة الحسيمة تصادق بالإجماع على ميزانية 2025 في دورة أكتوبر    دياز يعود للتدريبات الفردية ويستعد للعودة إلى التشكيلة    ذكرى 7 أكتوبر… مسيرات ووقفات بعدة مدن مغربية للمطالبة بوقف العدوان وإسقاط التطبيع (صور)    مجلس جماعة اكزناية يستعرض حصيلة نصف ولايته.. ويصادق بالإجماع على ميزانية 2025    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    الرجاء البيضاوي يتفق مع البرتغالي ريكاردو سابينتوظ لتدريب الفريق خلفا لروسمير سفيكو المقال    فلوريدا تستعد لوصول الإعصار ميلتون "الخطير للغاية"    القضاء الفرنسي يحدد 15 أكتوبر موعدا لإصدار قراره حول طلب الإفراج المشروط عن اللبناني جورج عبد الله    وفاة متسابق فرنسي في "رالي المغرب"    شعبوية الرئيس تبون و سقطته الجديدة في قعر التفاهة    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يخوض مبارتين وديتين أمام فرنسا بمركز كليرفونتين    مباريات مشوقة في الجولة الثالثة من منافسات كأس التميز    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال أحد قادة حزب الله بغارة دقيقة    وقفة احتجاجية لأرباب المخابز الأسبوع القادم بالرباط    بوريطة يجري مباحثات مع وفد جنوب إفريقي من المؤتمر الوطني الإفريقي    المنتخب الوطني يخوض أول حصة تدريبية استعدادا لملاقاة إفريقيا الوسطى    تنبيه من العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية    اختراع نبات صناعي يولد الكهرباء لشحن الهاتف    القضاء يلزم "غوغل" بفتح المتجر الإلكتروني أمام المنافسة    أنقرة تتحرك لإجلاء الأتراك من لبنان    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    تعليقاً على قرار محكمة العدل الأوروبية، وما بعده!!    أهمية التشخيص المبكر لفشل أو قصور وظيفة القلب    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات ومعاناة على لسان العاملين في مراكز النداء بالمغرب

عندما كلفني القسم الاجتماعي بمهمة انجاز ورقة حول مراكز النداء بالمغرب حاولت ربط الاتصال مباشرة بأحد أفراد الدور الرابع حيث أقيم مؤقتا . يتعلق الأمر بشابة في العقد الثالث أنيقة ومتأدبة ، وقد تمكنت خلال إقامتي المحدودة أن اعرف أنها ولجت مركز نداء بالعاصمة منذ سنوات ، وأنها حريصة على الالتزام بعملها ومستميتة في الإخلاص له ليس بسبب أهميته ووضعه الاعتباري بالعاصمة ، ولكن لأنه يذر دخلا قارا و»ش ي» المصدر الوحيد الممول لإيجار السكن ولإعالة أسرة مكونة من 5افراد .
والحقيقة أنني تمكنت من الإطلاع على جانب من معاناة أسرتها ، كما أصبحت مطلعا عن كثب بتفاصيل ذلك العذاب السيزيفي جراء التنقل اليومي من القنيطرة الى الرباط منذ أكثر من خمس سنوات . كانت «ش ي» شابة في كامل أناقتها ولم يكن شيء يقهرها ويحد من ديناميتها سوى الاستيقاظ باكرا حوالي5 صباحا والعودة متأخرة في المساء ، وتتفاقم المعاناة خلال الفصول الماطرة . كانت النظافة تستحوذ الى جانب الماكياج والفطور على الجزء الأكبر من وقتها وغالبا ما تتناول فطورها الذي هو عبارة عن» بيمو» في سيارة أجرة . أشياء كثيرة غريبة عجيبة تحدث ما بين أن تستيقظ «ش ي» وتستقل سيارة أجرة من والى...حتى تصل الى مقر عملها في الموعد المحدد حوالي الثامنة صباحا بعد أن تكون قطعت حوالي 100 كلمتر ذهابا وإيابا . عندما فاتحتها في الأمر ، فاجأني رفضها العنيد الخالي من أية لباقة ، « لا اخويا ... بعد علي ... ماتدويش معايا في خدمتي .» كان امتناعها أشبه بمساومة الشرف. لقد امتنعت نهائيا ورفضت بكل ما أوتيت من قوة الإدلاء بأية كلمة حول طبيعة وحجم معاناتها، مع تشديدها على المتابعة القضائية حال نشر أي كلام حولها ، رفضت تماما الخوض في التفاصيل وكانت الصدمة. أما مبررها الوحيد فكان « لا أريد أن أتحدث عن عملي الى الصحافة « إنه طرف ديال الخبز، ولا أريد أن أفرط فيه تحت أي شكل من الأشكال «. من جهتنا نحترم رأي» ش ي» لكننا سنتقاسم حالات أكثر قساوة من حالة «ش ي»وقد يكون هذا الامتناع غير المستحب هوصلب ما نهدف إليه من خلال هذه الورقة ، فالعمل في مركز نداء ليس عملا سريا ، كما ليس « طابو» فمن خلال التداول في أمره يمكن تحقيق الأفضل وهذا ما نطمح إليه جميعا من خلال هذه المقاربة التأملية للظاهرة.
يقول « ك ز» بنبرة واقعية « صحيح إن العمل في مراكز النداء ليس مضمونا ، وان نظام الأداء بالساعة ، وليس أجرا شهريا قارا يغطي العطل والمناسبات الاستثنائية . لكن بالمقابل ، هناك مكاسب اجتماعية تحققت نتيجة المطالبة بها والتعبير عنها بصوت حضاري ومتمدن . ويستطرد قائلا « هناك مراكز نداء باتت بها مساجد ، وتتم بها صلاة الجمعة ،وأخرى توفر لمستخدميها روض أطفال ومراكز ترفيه ، وهذا لم يكن ممكنا ، لولم يتم التعبير عن ذلك بصوت مسموع . وتختم حديثها وقد تهللت أساريرها « فإلى متى نظل نقول نعم.. نعم ..oui oui .من غير أن نجهر بحقوقنا التي لا يتردد الآخر في الاستماع إليها والتداول في شأنها طالما تم التعبير عنها بتمدن وحضارية؟»
لكن « طالب السنة الثانية بمسلك الإعلام والتواصل بالجامعة « م ب» يقتحم الحديث ويتساءل قائلا « لنكن موضوعيين مرة واحدة في حياتنا ..وعندما أحس أن الجميع ينصت إليه تابع بحرية» الذي يمكن تسجيله بخصوص المراكز الندائية التي يديرها مغاربة هو سوء التنظيم وهيمنة النخبوية « هذا الكلام راق الجميع، وسرعان ما ظهر الحماس في التعبير كل من زاوية نظره الخاصة وتأكد أن الكل يريد أن يدلي بدلوه « نعم يؤكد «خالد م» بالنسبة للأجانب فهم لا يعيرون اهتماما لبعض الأمور الداخلية للمركز طالما الأموال متدفقة والأرباح في تصاعد . ويضيف بنبرة واثقة « ومتى حصل انخفاض في الأرباح يتم التدخل والحسم إما بالتوقيف أو الطرد «ويزيد بنوع من التهكم « التشكي والتماس الأعذار ممنوع وغير مستحب في مراكز النداء، ومن امتهن ذلك يضعون له العراقيل المؤدية حتما الى ما لا يحمد عقباه ، وفي غالب الأحيان يجد نفسه أما خيارين أما الطرد أوتقديم استقالته بنفسه .
وتروي «نادية ب» أمثلة حية في هذا السياق فتقول» هناك اليوم مؤطرة بأحد المراكز يشهد الجميع لها بالكفاءة والاستقامة المهنية وهي حامل في شهرها الثامن ولها زوج في نفس مركز النداء الذي تشتغل به ، استقالت بدون ضجة لأنهم يرهقونها في العمل ، ولا مجال ل»بهوت لعيالات» وفشوشهم مثل ما هو معمول به في الإدارات المغربية ، فعندما يقترب الوضع تحصل السيدة على رخصة الولادة ، لكن غيابها الطويل عن العمل يقذف بها أثناء العودة الى منطقة أخرى بحيث لا يسمح لها بممارسة مهامها السابقة، بل تصبح مستخدمة عادية ، وبعبارة أوضح فهي تنطلق من الصفر.
ويتساءل «حميد ي» لماذا يشتغل المواطن الأجنبي في نفس ظروف العمل ولا يشتكي» قبل أن يضيف المواطن المغربي يشتكي باستمرار»هي ثقافتنا هي إدارتنا وحتما نقطة ضعفنا .واعتبر ذات المتحدث أن وجبة الغداء التي تقدم أحيانا ببعض مراكز النداء ابتداء من 10.و30 الى 11.30 صباحا توقيتا غير ملائم البتة ، لكنه الانضباط لقوانين الشركة ، وكفى ومن لم يعجبه ذلك ، ارض الله واسعة «
واستغل « زبون مقهى» فترة صمت ليقدم خلاصة بحث بالفرنسية قائلا « المراكز التي يشتغل العمال بها لأكثر من 8 ساعات في اليوم يحسون بقلق دائم ، الأمر الذي ينعكس سلبيا على حياتهم الأسرية . أما المراكز التي يشتغل العمال بها 6 ساعات فهم يتمكنون من ممارسة حياتهم بشكل سوي ويستطيعون استعادة عافيتهم، ويعيشون حياة طبيعية سواء في العمل أو البيت . وتابع معلقا حول بعض مركز النداء التي تمنع ذكر الأسماء العربية بقوله « إن أفراد المجتمع الأوروبي باتوا على علم بذلك ، فهم يتعرفون على المتحدث من خلال اللهجة ، لكن يجب الاعتراف أن هناك مغاربة فرانكفونيون لا يمكن أبدا أن تشك في فرنسيتهم.
وتعدد « نادية ب» سلبيات المهنة فتقول «بالنسبة لسيدة متزوجة مثلي فهي تقضي 14 ساعة يوميا في العمل ، والنتيجة قلق دائم ، وضغط نفسي مستمر وإيقاع عمل متعب ومتواصل سواء خلال الأعياد الوطنية والدينية أوغيرها ، أما سبل الترقي فتتحدث «ن» بسخرية الترقي يخضع لمواصفات سوريالية ولا تتردد في تسميتها «اليوم العالمي للخواض» .
وتعتبر « ن ب « الكاسك المجهز بسماعة طيلة اليوم عقوبة قاسية جدا خاصة بالنسبة للمبتدئين لماله من خطورة على الصحة النفسية والجسدية « وتضيف في جدية» لكن تغاضي الدولة في ما يتعلق بمراقبة النظام الداخلي لمراكز النداء على أرضها يطرح أكثر من علامة استفهام . وإذا أضفنا قلة الوعي بقانون الشغل لدى معظم المستخدمين في ظل شروط قاسية ومرهقة حيث نجد مراكز نداء تفرض أسماء أجنبية حيث « فريد» يصبح «فريديريك»فان المشكل سيتفاقم . إنهم مسيطرون على الموقف من كل النواحي القانونية والمالية وبعقلية تدبيرية محكمة و قوية وهذا بدوره عنصر استقرار لهم غاية في الأهمية.
و يعيش عدد من الشباب المغربي الذين يشتغلون في مراكز النداء بالعاصمة الرباط اوغيرها من المدن المغربية مثل البيضاء فاس ومراكش وغيرها على إيقاع الخوف من تداعيات نفسية محتملة جراء طول ساعات العمل وعدم انسجام مقتضيات العمل بإيقاعها السريع والمتواتر وملاءمتها بسوق الشغل بالمغرب، ويرى الكثير من الشباب المغربي إن تبيئة وملاءمة نظام العطل خاصة العطل الدينية والوطنية وتحديد وساعات العمل فضلا عن أهمية التحسيس بميثاق أخلاقي ينظم المهنة بات أمر جديا تفرضه المواثيق والأعراف الدولية .
ويعدد أحد الشباب السلبيات التي تطبع العمل بالمركز مركزا على التي لها أبعاد نفسية جسدية yshosomat bs والتي تؤثث العمل بهذه المراكز ، لكنه سرعان ما يهضمها بشربة ماء على حد تعبيره على خلفية سياسة الانفتاح التي ينهجها المغرب كمعطى عولمي لا مفر منه وكذا عائدات جلب الاستثمار الايجابية وامتصاص حجم غضب البطالة بالمغرب .
بعد إنشائه قبل أربع سنوات ضمن ثلاثة مراكز ندائية بات مركز الاتصال ويب هلب بفاس رقم 1 في المغرب من ناحية التشغيل . لكن وعلى الرغم من تحقيقه لانتعاش اقتصادي وخدماتي ملحوظ ومساهمته الواضحة في الرفع من دينامية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق مناصب شغل مهمة بفاس وإحداث دينامية تنموية اجتماعية موازية بالمدينة العلمية وخارجها حيث يستقطب أكثر من 1500 مستخدم ، أطرا و إداريين ، فإن تحديات حقيقية تواجه الشركة خلال الشهور القادمة في حال عدم مواجهتها بالجدية المطلوبة . في هذا الإطار يقول مستخدم من الشركة م . ك » طبعا »ويب هيلب« شركة مستقيمة ورائدة ولها حضور قوي على مستوى التنمية الاقتصادية بفاس وتقدم صورة راقية حول الشراكة والاستثمار الناجع والمثمر ، لكن بالموازاة مع هذه الدينامية هنالك إكراهات أيضا« ويصنف زميل له الاكراهات ويوجزها في »مطالب اجتماعية آنية وعاجلة لا تقبل التسويف ويراها بعيدة عن طاولة الحوار الآن.
إن العمل في هذه المراكز لا يدر إلا القليل من المال، بالنظر الى متطلبات الحياة بالعاصمة العلمية يقول الشاب الظريف «عماد .ت «القادم من الجامعة « نعم مراكز الاتصال ساهمت في إيجاد مناصب للشغل، هذا صحيح وبرزت كقطاع اقتصادي مافتئ يتصاعد ، إلا أن النظر الى بعض الشروط والضوابط التي تفرضها إدارات مراكز النداء تظل صارمة مما يجعلها تخطط لاستمرار العاملين في مهمتهم، حيث تضيف عمالا جدد لإدراكها إن القليل من الشباب يمكن أن يستمر فيها لمدة طويلة،و بالتالي فان عدم تحقيق بعض أهدافها المسطرة يظل واردا بنسبة عالية جدا إنها استراتيجية الحفاظ على التوازنات رغم إخلالها الواضح بذاتها .
ويشير» عماد. ت» الذي يلج المركز أول مرة « مراكز النداء تدمج الكثير من الشباب و الشابات أمثالي ، و تعطيهم فرصة أولى كمرحلة تدريبية ، على أن الاستمرار في العمل يتوقف على مستوى التقدم الحاصل في تسويق المنتوج ، مضيفا بأن العملية في نهاية المطاف مشوبة بالكثير من الأسئلة التي تحتاج لإجابات عاجلة من طرف النقابات من جهة والحكومة المغربية من جهة ثانية ولعل ساعات العمل الطويلة والمضنية احد أهم المعضلات التي يجب العمل على الحد من استمرارها .
متحدث آخر من نفس المركز أكد على ضرورة و أهمية المتابعة اللصيقة للصحة النفسية للمستخدمين Psychologique من طرف الشركة تأتي حسب تعبيره على رأس الأولويات بالنسبة للملف المطلبي للمستخدمين . في هذه النقطة بالذات يحصل إجماع لدى كل من استجوبناهم من المهتمين والمتتبعين لأوضاع العمال في الشركة على تفاوت مناصبهم وتباين درجات خبرتهم .
ويقتحم النقاش شاب في عقده الثاني قائلا « من شبه المؤكد أن إدارة «ويب هيلب» المسؤولة عن هذا القطاع الحيوي لم تتخذ أي إجراء فعلي لمعالجة المعضلة ، ويزيد موضحا « هناك عمال مصابون اويحملون إرهاصات مرضية تستوجب عناية خاصة ، أين هي المواكبة الصحية لهؤلاء ؟ وأولئك الذين يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة وتيرة العمل المرتفعة وضغط الأربعة والأربعين ساعة عمل أسبوعيا ، هل يلقون نفس المصير هناك في بلد المنشأ ؟ ويختم متذمرا « مثل هذه الأمور الى متى تظل خارج نطاق الحوار بين الإدارة والمستخدمين ؟
الواقع أنه لا يمكن تجاهل الحقيقة التالية هو أن مراكز النداء تعرف انتشارا في الكثير من مدن كالدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ومكناس والمحمدية... وأكثر هذه المراكز تؤكد على استعمال اللغات الأجنبية كالفرنسية والانجليزية الى جانب أخرى تحرص على اللغة الإسبانية والهولندية. وتعتبر التسهيلات التي قدمها المغرب لاستقطاب الاستثمارات الخارجية من أسباب هذا الانتشار كما أن موقعه الاستراتيجي القريب من القارة الارو بية إحدى أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم، وتعد هذه المهنة من أبرز مهن قطاع ‹›الأفشورينغ›› (تقديم الخدمات عن بعد) التي يراهن عليها المغرب كثيرا، في هذا السياق يورد «أحمد . ه « من أسباب الإقبال على مراكز النداء بالمغرب كون الأخيرة لا تشترط التوفر على شهادة جامعية عالية أو أي تكوين أكاديمي معين ، فهي بحكم خلفيتها الاقتصادية تكرس شرطا أساسيا هو إتقان اللغة التي بواسطتها تنفذ الى الأسواق العالمية وتعود عليها برقم معاملاتي جيد. لكن « حميد ي» متزوج وأب لطفلة يعمل في مركز نداء منذ حوالي ثلاث سنوات، يحمل مراسل الجريدة ملفا مطلبيا ديباجته» أن العمل في مراكز النداء مهنة عالمية . لذلك ،على المستثمرين في هذا القطاع سواء كانوا مغاربة اواجانب أن يحركوا سلاليم أجور و رواتب العاملين بها في المغرب ، لأنها الأدنى مقارنة مع نظرائهم في أوروبا والغرب بصفة عامة»
ويرى متتبعون أن معاناة العاملين بمراكز النداء تكبر وتمس الى درجة الخطر الصحة النفسية لفئة المستخدمين القدامى خاصة الذين يتوفرون على أكثر من 3 سنوات من الأقدمية . هنا يتمم زميل له الحديث من حيث انتهى عماد بالقول « إن هذا النقص في المتابعة للصحة النفسية للمستخدمين يسجل رغم وجود طبيب الشغل بالشركة . وإذا أضفنا النقص الفادح في أطر تسيير الموارد البشرية ( إطاران ل1500 مستخدم ) الى حالة الضغط القوي الذي تمارسه 44 ساعة عمل في الأسبوع وما ينجم عنها من تداعيات نفسية تلقي بظلالها على الحالة الاجتماعية في ظل انعدام برنامج pst برنامج المحافظة على الشغل، تصبح التحديات حقيقية ويصعب التكهن بمستوياتها خلال الشهور القادمة حيث تبدو سخونتها على صفيح.في إطار اتفاقية مع السلطات المحلية في إطار تسيير التوقعات لمناصب الشغل والكفاءات gpec .
وتترقب مصادر عمالية أن الشركة مقبلة على وضع ساخن بسبب تهديدات بالإضراب قد تشل الشركة في حال ما إذا لم تستجب لمطالب الشغيلة بالمركز. ولعل »ويب هلب » تدرك أكثر من غيرها أن الإضراب بالنسبة لمراكز النداء يشكل خطرا كبيرا يهدد الشركة بخسائر مادية جسيمة كما يمكن أن يؤثر بشكل أو بآخر على حضور الشركة أمام زبنائها الفرنسيين ، فضلا عن كون الخسارة في مثل هذه الحالات تلامس الملايين من الدراهم عن كل ساعة إضراب . الشركة من زاويتها، وحسب مصادر متطابقة، تهدد بنقل خدماتها الى الجزائر أو تونس ، بل وفوق مكتبها ملف تدرس من خلاله إمكانية الإقدام على مثل هذه الخطوة. تبريرها في ذلك أن العملية تدخل في إطار انفتاحها خارج حدود المغرب وتوسيع نطاق خدماتها واستثمارها.
تجدر الإشارة الى انه و بعد عدة لقاءات مع مستخدمي مؤسسة مركز الاتصال «ويب هلب» مغرب سبق للإتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بفاس أن اشرف على تأسيس مكتب نقابي تابع للفدرالية الديمقراطية للشغل بعد انسحاب معظم المنخرطين من الكنفدرالية الديمقراطية للشغل.
وعلى الرغم من أن لا أحد من المستخدمين 1500 بفاس ينكر المكتسبات التي تحققت وتعمل شركة « ويب هلب «جاهدة على تطويرها خدمة لمواردها البشرية ، فإن على الشركة تفعيل العديد من الإصلاحات والقيام ببعض التدابير الوقائية ، أما على مستوى مستوى الأجور مثلا فالشركة تعتمد نظام تحفيز ودوبل سميك 3400 درهم للمستخدم المبتدئ كراتب شهري . لذلك تبدو الأجور مستقرة وفي تحسن وهي نفس الأجور المعمول بها في مراكز الرباط ، وقد شهدت تطورا ملحوظا خلال الشهر الذي نودعه.
الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال هي أن مراكز النداء استطاعت توفير عشرات الآلاف من فرص الشغل لشرائح مختلفة من الشباب المغربي يحدث ذلك في ظل صعوبة إيجاد عمل خلال سنوات مضت عانى منها الاقتصاد المغربي من الركود . ورغم ما يمكن أن يقال بخصوص عملية الإدماج بالمواصفات السالفة كون بعض مراكز النداء لا تهتم بالمستوى الدراسي بقدر ما تهتم بإتقان اللغة الفرنسية أو غيرها من اللغات الأجنبية الأخرى، فإن الأمر يبدو حلا سحريا لان مراكز النداء هذه مهما اختلفت جنسياتها ومهما تشددت في أنظمة الاستقطاب تبدو الأكثر شفافية من غيرها فيما يتعلق بالإعلان عن عروض العمل بشكل مكثف وبارز من خلال الملصقات على الحافلات وعلى الانترنيت وكذا عبر وسائط اتصال متعددة».
‹› ع م ‹› مهندس في مجال المعلوميات من الشباب الطموحين تلقى تكوينا لفترة بفرنسا وعاد لبلده ، ولأنه يمتلك الخبرة والتجربة فانه لم يجد صعوبة في اجتياز الاختبار بعد تقديم نهج سيرته حيث استطاع إقناع محاوريه من الأجانب بلغة فرنسية رصينة حيث حصل على فرصة عمل بأحد مراكز النداء في العاصمة لم يظفر بها العديد من زملائه وصديقاته . يقول المهندس « إن إتقان اللغتين الفرنسية والانجليزية شرط ضروري ليس للولوج الى مراكز النداء بالمغرب فحسب ،وإنما للتعاطي مع تحديات العولمة ورهاناتها ، ويضيف «ع م « متحدثا عن تجربته «عندما يواصل الشباب المغربي البحث عن عمل بأحد المراكز وقد تسمح الظروف بذلك بعد محاولات مضنية فإن ذلك أمرا جيدا ، وقد لا يستمر وقد يغادره الى مركز آخر ، المهم هو تعميق الخبرة وصقل التجربة ، لأنه بعد أن يتمكن من استيعاب خبرات ومعارف وطريقة العمل التي يتلمس صعوبتها منذ الساعة الأولى بالنظر الى صعوبة ما يتطلبه الموقف من تركيز وسعة صدر خصوصا أثناء محاولته إقناع زبون أجنبي بأهمية المنتوج، حتى يجعله يقتنع باقتناء المنتوج عبر الهاتف. فإن ذلك يضيف شيئا ذا قيمة الى حياته بكل تأكيد .
ويتابع المهندس الحقيقية إنني كنت أتوقع أن أغادر وأتخلى عن هذا العمل الشاق والمتعب منذ الساعات الأولى ، ولكن علامات استفهام كبيرة كانت تقف أمامي أين اذهب ؟ وماذا بعد المغادرة؟ ولماذا هاجرت وقضيت شهورا في الغربة أليس قصد التكوين وامتلاك الخبرة ؟ ولماذا يشتغل الشباب الأوروبي هناك بنفس الشروط « مع شرط اعتبار المواطنة» دون تأفف؟ويضيف بعد تنهيدة عميقة « كنت أفكر بصوت مسموع أحيانا « نعم قد أتوقف عن العمل بمحض إرادتي كما فعل العديد من الزملاء عذري في ذلك مشاق المهمة والقدرة الفائقة على التركيز التي تخونني في معظم الأحيان ، وقد اتلكؤ في انجاز مهامي مما يعني عدم تحقيق النتائج التي يأملها المركز مني، الشيء الذي يعني طردي . هذا وارد ، لكن ،من أين لي بثمن القهوة ؟ وكيف أدبر أمر اقتناء الجريدة التي أحب والجلوس في المقهى التي أحب ؟ وكيف يتسنى لي دفع مبلغ إيجار سكن الأسرة ومصاريف ضافية تفرضها الحياة ؟
وفي موضوع ذي صلة تعتبر الخدمات عن بعد (الأفشورينغ) أبرز ركيزة في برنامج ‹›إقلاع›› للنهوض الصناعي والذي استقطب العديد من المستثمرين الأجانب، فمشروع الدار البيضاء (كازا شور) المنجز على مساحة 50 هكتار على بعد 5 كيلومترات عن العاصمة الاقتصادية، يضم 40000 متر مربع مخصصة للمكاتب، وسيشرع في استغلالها خلال ما تبقى من هذه السنة، فيما ستكون باقي المساحة صالحة للاستغلال خلال سنة ,2009 وتبلغ تكلفة كافة مشاريع البرنامج ما يفوق 200 مليون درهم (20 مليون أورو «
وكان موضوع مراكز الاتصال الفرنسية لخدمة العملاء في المغرب قد برز الى الواجهة مؤخرا عندما أعلن كاتب الدولة الفرنسي للتشغيل لوران واكيز عن مشروع قانون يريد من خلاله فرض غرامات على مراكز النداء الفرنسية التي تعمل خارج التراب الفرنسي لأنه يرى فيها منافسة لمراكز النداء في فرنسا وبالتالي تهديدا لوجود الأخيرة».
تقول « ن ب «سيدة متزوجة تقطن بالقنيطرة « اشتغل بمركز نداء بالعاصمة منذ ثلاث سنوات مكتبي مجهز بحاسوب كما هو الشأن بجميع المكاتب الأخرى التي تبدو مجهزة بحواسيب وبسماعات casques تعمل عمل الهاتف، ، ويمكن للمستخدم في المركز أن يجري أزيد من مائة اتصال هاتفي يوميا، لكن الأمور تسير في غاية من المهنية والاحترافية إذ كل مجموعة من العمال يشرف عليها مراقب تتركز مهمته في الإنصات على المكالمات وإبداء النصائح أو تقديم المساعدة في حال الاقتضاء . لكن أهم ما يميز طبيعة العمل بالمركز تضيف السيدة « هو وجود العاملين على شكل مجموعات، حيث تبدو عملية تزجيةالوقت في غير المفيد وكذا الالتفات يمينا اويسارا متعذرة ، لكن الانفراج سيقع بعد حين ، حينما يتمكن المستخدم من انجاز مهمته الاقناعية بنجاح ، حيث يتعلق الأمر هنا ببيع مادة أوتقديم خدمة آنية لزبون .
لكن لمراكز النداء حسب «ن ب» ميزة لا تسعفها الكلمات كي تبسطها بواقعية حيث تقول « انه كلما ترقى المستخدم في مهنته ، زادت حدة القلق لديه « قلق تفسره « ن ب» على ثلاث مستويات 1 مع الشركة الأم 2 مع الزبون 3 مع العاملين بالمركز . هذا الى جانب ذلك يلقي بظلاله على نمط الحياة والشكل الاعتباري للفرد في المجتمع ، فالحياة النفسية المعقدة السفر اليومي صعوبة التنقل تداعيات استعمال الكاسك بشكل مفرط ولمدة 9 ساعات يوميا، وخطره على السمع والدماغ والحلق له نتائجه الكارثية بالتأكيد. وتختم نادية « في انتظار البديل الذي قد يأتي ولا يأتي يظل العمل بالمركز أمرا حتميا حتى في صيغته المؤقتة لدى الكثير من الشباب المغربي من الجنسين .
ويشرح « ح ي» في العقد الثالث والحاصل على شهادة الإجازة في الفرنسية بقوله « نعم انه عمل موسمي لكن أمام كثرة المصاريف ارتأيت أن أعمل بأحد مراكز النداء للحصول على الحد الأدنى من المال ، واعتقد أن ذلك يشكل الدافع الوحيدللكثيرمن الشابات في مثل سني يحدث ذلك تضيف « ح ي» في انتظار إيجاد عريس أو عمل آخر مناسب.
من جانب آخر، صرحت خبيرة تعمل يعمل لحساب مراكز أجنبية للنداء بالمغرب،» بأن الطلب المتزايد على الشباب راجع بالأساس إلى الخصاص في الموارد البشرية المؤهلة، مضيفة بأن يتم إبرام عقد عمل محدود الآجال، وفي حالة عدم التوفر على المستوى المطلوب يستغني عن العديد من العاملين، ‹›إذ الاستمرار في العمل رهين بتحقيق جملة من الأهداف››.
يشتغل العامل بمركز النداء نظيرمبلغ مالي يتراوح ما بين 2500 و4000 درهم شهريا، ويستفيد من العطل المقررة رسميا للبلد الذي يعمل لحسابه انطلاقا من المغرب .وغالبية المستثمرين في هذا القطاع فرنسيون بنسبة 86 % ثم الأمريكيين بنسبة 8 %، والإسبان بنسبة 4%، والبلجيكيين بنسبة 2 %، كما أن عمل هذه المراكز موجه بالكامل للخارج، والأجانب المقيمين بالمغرب. ويتطلب من العاملين، علاوة على إتقان اللغة الأجنبية، وحسن الصوت وإتقان تقنيات البيع ومهارة تقديم الخدمات وعرض المنتجات».
ويحصل إجماع لدى كل من حاورناهم حول أهمية العمل في مراكز النداء فيقول أحدهم» لا أقول أن مراكز النداء هي الحل الأمثل للعطالة بالإضافة أنها لا تصب في مجال اختصاصي لكنها الأفضل بالنسبة للقطاع الحر في المغرب.» ويضيف الثاني «قد يصل مرتبي الى 7000 درهم شهريا في حين أن بعض الزملاء الذين درسوا معي يشتغلون مع شركات مغربية بأجر اقل من ذلك بكثير.»
أما الثالثة فتقول» أن أكثر ما تحبه في عملها هو عدم شعورها «بالتمييز نتيجة الجنس أو السن أو المستوى الثقافي أو المنصب الذي تحتله في مركز النداء.. جميع الموظفين سواسية.» وهذا عنصر مشجع على التفوق والمبادرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.