4 - من أين جاءت الإشاعة الكاذبة بأنني مدحت... وكيف جاءت؟ يقول الشخص المتستر خلف قناع «فاطمة الراجي" بأنني مدحت (م.ق) بقصيدة مدحية في فاس، هذا غير صحيح مطلقا. ويبدو أنه انتهز الإشاعة الكاذبة التي أطلقت ضدي من أجل محاربتي في نهاية أبريل 1999م.
أعطي قراء العالم الظروف التي أدت إلى إطلاقها والنفخ فيها.
بين 27 و 30 أبريل 1999م، انعقد مؤتمر الشعر العربي الأول في فاس، بالضبط في قصر المؤتمرات، تم اختياري لقراءة أشعاري في حفل الاختتام يوم 30 أبريل 1999م، قرأت قصيدتين غزليتين فقط، الأولى بعنوان "تكوين"، المنشورة في ديواني "إيقاع عربي خارج الموت"، من منشورات عيون المقالات، الدارالبيضاء 1990م، دار قرطبة (من ص 13 إلى ص 16) والثانية بعنوان "بلاغة الرباب" أو التي عرفت عند البعض ب "أسماء" وكنت لحسن الحظ قد نشرتها بحوالي ثلاثة أشهر في ديواني "قمر الأطلس" الصادر في يناير 1999م، عن مطبعة فضالة بالمحمدية (من ص 5 إلى ص 13) قبل إلقائها في هذا الملتقى، ولحسن الحظ كذلك كنت نشرتها قبل صدور هذا الديوان بالملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي يوم 27 غشت 1989م، العدد 292، أي بنحو عشر سنوات قبل إلقائها في الملتقى نفسه.
عند إلقائها في الحفل الختامي للمؤتمر، التفت يمينا، فرأيت وجه (م.ق) وذكرت اسمه فقط، ثم استأنفت قراءة القصيدة حتى النهاية. طريقة ذكر الاسم، أيِّ اسم كانت عندي عادة لتكسير جدار النص، متأثرا في ذلك بتكسير الجدار الرابع في المسرح، وقبل هذه الفرصة، كنت في مرات عديدة ألقي القصيدة نفسها فأذكر أي اسم شخص حاضر في ملتقى من الملتقيات، بهدف خلق هذا التكسير من جهة، وإشراك الآخر في العملية الشعرية من جهة أخرى. هذا كل ما حصل، ولم أخص الاسم المشار إليه بأية قصيدة مدحية، من الشعراء والشواعر الذين حضروا هذا الملتقى، أذكر على سبيل المثال لا الحصر: أحمد دحبور (فلسطين) نور الدين صمود وجميلة الماجري (تونس) مرام المصري (باريس، سوريا) محمد أبو دومه (مصر) محمد السويع (الكويت) ادريس الملياني (المغرب) سعيد الصقلاوي (سلطنة عمان) جورج طربيه (لبنان) مصطفى عكرمة (سوريا). هذه الإشاعة الكاذبة نفسها كان قد استغلها أحد الأشخاص فنشر مكتوبا في جريدة "الأحداث المغربية" للطعن في مبادئي، بعدما أوهمه البعض بأنني انحزت إلى طرف معين في عملية انتخاب المكتب الجديد لفرع اتحاد كتاب المغرب بتازة يوم 09 يناير 2002م، بينما لم أمارس في الواقع سوى حقي في التصويت، غير ميال إلى هذا الطرف أو ذاك، وقد نشرت في الوقت المناسب، بيانا أفند فيه هذه الإشاعة الكاذبة، في جريدة "بيان اليوم" المغربية ليوم الثلاثاء 26 مارس 2002، ركن ثقافة، الصفحة السادسة، أقول فيه ما يلي: "نشر مكتوب في جريدة "الأحداث المغربية" يوم الجمعة 01 فبراير 2002 عدد 1108 تحت عنوان" حينما تضرب الكلمات عن العمل" قال فيه صاحبه في سياق الحديث عن الشعر والمدح ما يلي: "حتما سيدخل إلى منطقة الظل عدد وافر من أشباه المبدعين في شاكلة أبي حجر". إنني إذ أحترم كل شاعر في العصور القديمة أو الحديثة والراهنة تطرق إلى غرض المدح، لأنني لست وصيا على الشعر وحارسه الشخصي، أريد التنبيه إلى أن صاحب هذا المكتوب لا يتحلى بالشجاعة لاعتبارين اثنين، أولا، لأن المكتوب يفتقر مطلقا إلى أي دليل شعري في هذا الباب، وثانيا، لأن كاتبه لم يحدد الاسم الكامل لمن يتحدث عنه جريا على عادة التعميم، فإذا كان المقصود ب "أبي حجر" شاعرا آخر غيري، فأتمنى أن يتولى الدفاع عن نفسه أو تبرير اتجاهه في هذا المجال، أما إذا كان يقصدني شخصيا، فإني أوضح، وقلبي مفعم بنسائم الصدق، رفعا لكل لبس وخلط أنني طيلة حياتي لم أكتب ولم أنشد ولو قصيدة واحدة في مدح شيخ أو أمير أو أي شخص، ولو كنت فعلت ذلك، لما كان هناك مانع عندي من الاعتراف بذلك، إن مثل هذه الأباطيل - في حالة ما إذا كان يقصدني صاحب المكتوب المذكور - لن تزيدني إلا شدا بأسناني على مبادئي والتغني بقيمي الأربع، رغم العلاقات الموجودة بينها: الوطن، الجماهير، المرأة، المصير الإنساني، كما أنها لن تزيدني إلا إيمانا بضرورة الاستمرار على درب القصيدة الجميلة والجادة. لقد جاء نشر المكتوب عقب انتخاب المكتب الجديد لفرع اتحاد كتاب المغرب بتازة يوم 19/01/2002م، والذي انتخب أعضاؤه ب "محضر"، حسب قانون الاتحاد، لم أكن أقنع وأقتنع لدى انتخاب أعضائه، بأكثر من مهمة "مستشار" كما قلت لكل الأعضاء قبل تشكيل المكتب الجديد بعدة أيام، بعدما تلقيت منهم ما يشبه العتاب عن عدم انخراطي في المكتب السابق للفرع، وعن عدم قبولي واستعدادي لتحمل مهمة "كاتب الفرع" كما عُرِضَتْ علي من طرف الأعضاء عند تأسيسه أول مرة بالمدينة، إنني إذ تحملت مهمة "مستشار" داخل المكتب الحالي لا علم لي بما إذا كان هناك اتفاق شفهي سابق على تداول "كتابة الفرع" بالتناوب بين أعضائه أم لا؟ أما أنا فلقد مارست حقي الانتخابي بطريقة قانونية، غير خاضع لتأثير هذا الجانب أو ذاك أملا في بلورة المسيرة الثقافية التي تقودها كل الجمعيات والمؤسسات الثقافية الجادة بالجدارة والمصداقية والاستحقاق والجد والاجتهاد لا بعملية شراء الأصوات أو بيعها والتي لا يفكر فيها إلا "المرتزقة". أتمنى من المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب أن ينشر بيانا في موضوع تشكيل المكتب الحالي حتى يتحمل المسؤولية من جهة قصد توضيح رأيه أمام الرأي المحلي والوطني" عبد السلام بوحجر، تازة في 18 مارس 2002م". 5- الرحلة إلى ليبيا: في خصوص الرحلة إلى ليبيا، ذهبت رفقة الأخوين المحترمين الدكتور بنعيسى بوحمالة والدكتور مصطفى النحال، أي ذهبت في وفد مرسل من قبل المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب للمشاركة في ندوة العلاقات الثقافية العربية الأفريقية في صائفة عام 2005م. شاركت في أمسية شعرية إلى جانب شعراء آخرين محترمين، قرأت خلالها قصيدتين غزليتين هما "عزف منفرد علن وتر الهاء" أو "مها في المقهى" وقرأت قصيدة "رقصة الوصل" لا أنكر أن الجمهور صفق للشعراء جميعا وبحرارة.
بعد ذلك، وباتفاق مع الأخت المحترمة السيدة لطفية القبايلي، وهي كاتبة وباحثة ومسؤولة في الأمانة العامة لاتحاد كتاب ليبيا، قرأت قصيدة قومية في خيمة القذافي خارج مدينة سرت بحوالي خمسين كلومترا، حضرها جميع المدعوين من الباحثين والكتاب والشعراء المشاركين في الندوة.
بحضور القذافي، لا أنكر أنني تحديته قبل أن يتحداه ثواره هذا العام بأن أهديت القصيدة إلى الأمة العربية، لا إليه، وأشرت إلى الزعيم الليبي الشهير عمر المختار، وتناولت قضية فلسطين والأوضاع العربية المزرية، ثم أشرت إلى النهر الصناعي العظيم الذي بنته سواعد الشعب الليبي والعمال المهاجرين من مختلف أنحاء الوطن العربي، ولم أمدح القذافي ولو بشطر شعري واحد !! إذا كان الشخص الذي يختفي خلف قناع "فاطمة الراجي" متيقنا من أنني مدحته، فلماذا لم يعط دليلا شعريا واحدا على ذلك؟ مع ذلك، وبما أنه هو الذي بادر إلى إلصاق هذه التهمة بي، أعطيه مهلة للبحث، أي إلى تقديم بيت شعري واحد، يتضمن هذا "المديح" ! إن المعني بالأمر الذي لم يستطع أن يُفحم قراءه بما يدافع عنه، يحق لنا أن نخلص إلى النتيجتين التاليتين: 1- يبقى الإنسان بريئا حتى يظهر ما يُثْبِت "إدَانَتَه" بشيء ما، هذا مبدأ من المبادئ الإنسانية العامة التي لا يجب الطعن فيها ! 2- يبقى الشخص مجرما إذا ألصق التهم بالآخرين، دون أن يعطي الأدلة على ذلك، لأن رمي الناس بالتهم دون أدلة هو ظلم واعتداء! من الكتاب والشعراء الشهود الذين حضروا الخيمة أتذكر: - علي عقلة عرسان وعبد القادر الحصني وعبد الله ابو هيف وعدنان مراد (من سوريا). - محمد مقدادي وفخري صالح (من الأردن). - احمد منور وعز الدين ميهوبي (من الجزائر). - بنعيسى بوحمالة ومصطفى النحال (من المغرب).
في ختام هذا الجزء، يحق لنا أن نستنتج ما يلي:
ألا يمكن القول إن هذا الشخص الذي يختفي خلف قناع "فاطمة الراجي" يسرق براءة الناس، بما أنه يتهمهم في غياب الأدلة والحجج تماما كما يسرق أسماءهم؟ هكذا يتضح مرة أخرى أنه هو السارق لينقلب السحر على الساحر !
متى كان القذافي، وهو شخص زائل، أفضل مني لأمدحه؟ إذا كان قد اشترى بمال الشعب الليبي صفة "ملك ملوك أفريقيا" فإنني ملك نفسي ! الناس عندي سواسية مهما كانت مستوياتهم ومراتبهم !
هل يظن هذا السارق أنني كنت سأرتجف عندما أرى القذافي أمامي، فأفقد توازني، وأندفع بالمديح؟ المجد لله لا للدكتاتور ! هل يعلم هذا السارق أن الأنظمة الدكتاتورية تفضح مادحيها وتشوههم وتشطب بهم الأرض، وتمسخهم كالضفادع. والله لو كنت قد مدحته بشطر شعري واحد، أو تسلمت ما "يسخن جيبي" لكان قد فضحني فضحا من الناحية الإعلامية، لأن هذه الأنظمة تعرف كيف تحول الأسماء التي تريدها إلى أبواق ضاجة في كل وقت تماما كالوصلات الإشهارية، وما استطعت حينذاك أن أمشي واثقا من نفسي وراضيا ومبتسما وصادقا وقوي العزيمة، وما استطعت تسديد نظري إلى عيني أمي الريفية العفيفة، وهي تحتضر بين يدي يوم 07 سبتمبر 2006.
لا، لن يسجل علي التاريخ أبدا أنني مدحت شخصا طوال حياتي!
أكيد أن هذا السارق، إذا كان يملك ذرة من المروءة، سيعود إلى من قال له بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأنني مدحت فلانا أو فلانا، ليفضحه هو، لأنه سيدرك أنه قد تورط في حفرة مظلمة وعميقة يصعب الخروج منها، هذا إذا لم يكن هو، بإرادته وخياله قد ابتدع هذه الأباطيل أو استغلها !! (يتبع...)