عفوا ليس هذا نزاع القدسبفلسطين الحبيبة، ولكنه نزاع مدرسة القدس بتجزئة البرانس بطنجة . ليس هذا تشابها في الأسماء بالصدفة ، ولكن مؤسسة القدس حينما أنشئت أريد لها أن تخلد اسم مدينة القدس ،مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به. لكن التاريخ لا يفتأ أن يصنع لنا تشابهات في الأحداث والأسماء والوقائع ، وهو ذات ما حصل بين مدرسة القدس ، وهذه المدينة المقدسة التي تحتضن المسجد الأقصى الشريف . ففي يوم الاثنين 21 شتنبر 2008 ،إلتحق تلاميذ إعدادية ابن رشد بالملحقة الإعدادية الجديدة بمدرسة القدس. ولم يتوان تلاميذ المدرسة عن قذف التلاميذ الوافدين الجدد بالحجارة ، واندلعت انتفاضة بالحجارة شبيهة بانتفاضة الأقصى ، ولينال عدد من المارة حظهم من الحجارة ، وتسود فوضى عارمة داخل المؤسسة التعليمية ، وشارع ابن عرضون المجاور . وقد تدخل أساتذة السلك الإعدادي ،على الفور لإرجاع تلاميذهم إلى منازلهم . وحضر على الفور مسؤولون كثر من النيابة ( عبد اللطيف البختي رئيس مصلحة التخطيط ، عبد القادر الزهري رئيس المصلحة التربوية ... ) ومن الأمن ، كما حضر السيد قائد المقاطعة وعدد من أعوانه . وقد حاول المسؤولون تهدئة الخواطر والنفوس مدة ساعة ، حاوروا فيها رئيسة جمعية الآباء ،بحضور عدد من الآباء والأولياء والأمهات الغاضبين . كما عبر أساتذة المدرسة عن رفضهم القاطع استضافة مؤسستهم لملحقة إعدادية ، خاصة أن قرار تحويل المدرسة إلى ملحقة إعدادية يأتي بعد جهود كبيرة بدأت منذ السنة الماضية لرفض تحويل مدرسة فاطمة الزهراء المجاورة إلى ملحقة إعدادية . وقد بذلت جمعية آباء هذه المدرسة وكذا أساتذتها ، وبالتنسيق مع نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم . لتتمر هذه الجهود عن الاستغناء عن قرار التحويل . لكن النيابة التعليمية فاجأت الجميع مع بداية هذا الموسم بقرار تحويل القدس إلى ملحقة إعدادية. وهو ذات الأمر الذي رفضته النقابة مبررة موقفها بأنه لا يمكن حل مشاكل الاكتظاظ ، وسنوات طويلة غابت فيها بناءات المؤسسات الإعدادية والثانوية ، عن طريق تكديس تلاميذ من فئات عمرية مختلفة ومتباينة جدا ،يصعب إدماجها في فضاء تعليمي واحد ، وهو ما تبين جليا من خلال تجربة مدرسة مولاي اسماعيل، التي ضاقت درعا من اختلاف الحصص الدراسية بين الثانوي والإبتدائي ، واختلاف فترات استراحتهما ، وهو أمر كان له أثره السلبي على السير العادي للدراسة بالمؤسسة . وعودة إلى انتفاضة التلاميذ بمدرسة القدس ، فقد قرر المسؤولون الذين وفدوا على مدرسة القدس ، صرف تلاميذ الإعدادي عن الحضور مدة يومين ، إلى حين التفكير في مخرج للأزمة.وأنه يتوجب على كل التلاميذ الالتحاق يوم الأربعاء الموالي، بغرض إمهال النيابة ، وباقي الشركاء مهلة من الوقت بغرض التفكير في حل مناسب . وقد بدا جليا حينها أن كلا من آباء وأمهات وأولياء تلاميذ مدرسة القدس ومعهم أطر التدريس العاملة بالمؤسسة ، يرفضون استضافة مزدوجة لتلاميذ الإعدادي والإبتدائي ، في فضاء دراسي واحد .وقد اشتعل فتيل الأزمة خاصة ، بعدما تم تحويل كل تلاميذ مدرسة القدس الناجحين إلى الإعدادي ( وهم 98 تلميذا موزعين على 4 أقسام ) نحو إعدادية عبد الكريم الخطابي المجاورة ، ومعهم كل تلامذة البرانس.في حين يقول أولياء الأمور أنه تم استقدام تلاميذ غرباء عن الحي ( 6 أقسام من أبناء حي العزيب ومسنانة ) لاستكمال الدراسة بمدرستهم . وفي يوم الأربعاء (23 شتنبر) الذي تلا أزمة الاثنين ، عادت الاحتجاجات بقوة من طرف أولياء الأمور وإطار التدريس العامل بمدرسة القدس . وفي الساعة العاشرة صباحا ، شهدت المؤسسة التعليمية حضور عدد من المسؤولين من الشرطة والقيادة ( الخليفة ) والنيابة ( الأستاذين : الزهري والبختي ) والولاية أيضا . وقد تقدمت النيابة بجملة من الحلول كالتالي : 1 بناء سور لفك الارتباط البدني المباشر بين تلامذة الإعدادي والإبتدائي ، ويذكرنا هذا بالتشابه الذي تحدثنا عنه سابقا ، وما لجأ إليه الإستيطان من بناء سور وقائي مزعوم لفك ارتباط شعب فلسطين بالمستوطنين وبأرضهم الغالية علينا جميعا. وإن كان فك الارتباط هنا بمدرسة القدس لا يعني سوى شطر الساحة نصفين وجعل مدخلي المؤسسة منفصلين ، بالإضافة إلى تخصيص الجناح العلوي لتلاميذ الإعدادي ( 11 حجرة ) ، بينما تخصص الحجرات السفلى التسع المتبقية للتعليم الإبتدائي . 2 فصل الارتباط الزمني بين تلامذة الإعدادي والثانوي ، عن طريق تخصيص الحيز الزمني من الثامنة صباحا إلى الثانية عشرة والنصف للتعليم الإبتدائي ، بينما تخصص الفترة ما بين الواحدة ظهرا إلى الساعة السادسة مساء للتعليم الإعدادي . ولم يبد كل من الأولياء والأساتذة حماستهم لأي من هذين الحلين ، بينما طلبت النيابة مهلة إضافية لدراسة الحلول الممكنة للخروج من الأزمة . في الوقت الذي أوقفت فيه الدراسة نهائيا بالمؤسسة ، تلافيا لأي اضطراب محتمل ، خاصة أن أجواء العيد كانت قد بدأت تلوح في الأفق ، وهي فرصة للجميع لتهدئة الخواطر ، والتفكير بهدوء في الحل المناسب . وفعلا ، وبمواكبة قوية من مناضلي الجامعة الوطنية لموظفي التعليم ، وكذا متابعة جدية من الكاتب الإقليمي للنقابة ، وانخراط فاعل من نائبه الأستاذ عدنان المعيز الذي ما ادخر جهدا في الدفاع عن موقف النقابة اتجاه الأزمة التي تسببت فيها النيابة بهذا الحل الترقيعي ، وقد انخرط إلى جانب الأخ عدنان عدد من الإخوة أعضاء المكتب نذكر منهم خاصة الأخ أحمد بلعسكري ، والأستاذ الجيلالي هيبو ... وفي يوم الخميس(24 شتنبر) الموالي ، اجتمع عدد من مسؤولي النيابة وعدد من السادة المفتشين ، والسيد مدير مدرسة القدس . وذلك بمقر إدارة إعدادية ابن رشد ، وبحضور مديرها وعدد من الحراس العامين . وقد أسفر الاجتماع عن إلغاء حل الملحقة ، و الإكتفاء باستضافة الإعدادية لكل تلامذتها ، عن طريق إعادة مراجعة الجدولة الزمنية لحصص كل المستويات ، خاصة بعد ملاحظة عدم التحاق عدد من التلاميذ ، مما خفف البنية عن العدد المتوقع . وقد أبلغت النيابة العاملين بمدرسة القدس بهذا القرار ، ما خلف ارتياحا كبيرا لدى أطر التدريس والأولياء، وكذلك النقابة التي ثمنت القرار . وأكد كاتبها الإقليمي على ضرورة أخذ مسألة الدخول المدرسي بكل جدية في المستقبل ، تلافيا للعودة إلى مثل هذه الإضطرابات البعيدة كل البعد عن قطاع التربية والتكوين . وإذا كان تلامذة مدرسة القدس المنتفضون قد نجحوا في إنهاء احتلال حجراتهم المدرسية من الوافدين الجدد ، فإلى متى يستمر احتلال القدس الشريف من المحتل الإسرائيلي ؟ إننا موقنون بالنصر وبالوعد الصادق من الله عز وجل سبحانه . من جانب آخر تستمر أشغال الإصلاح التي تعرفها مدرسة القدس ،والتي شملت أعمال الصباغة والترصيص ( الزليج وكرانيطو) ، وقد انتهت هذه الأشغال حاليا ، بينما ينتظر أن تبدأ أشغال هدم وبناء السور الأمامي للمدرسة الواقع على شارع بن عرضون ، والذي كان آيلا للسقوط في فترة سابقة ، حيث تدخل عدد من المسؤولين حينها بتخصيص ميزانية لإسناده بدعامات إسمنتية ، شكلت آنذاك حلا ظرفيا. كما ينتظر أن تنتهي تلك الأشغال بعد حوالي شهر من الآن .