يتفرد الزي التقليدي المغربي، أيقونة التنوع الحضاري والهوية المغربية، الذي يتباهى بارتدائه المشاهير من شتى أنحاء العالم، بكونه تراثا ثقافيا ينهل من روافد الثقافة المغربية العريقة، ويأبى في الآن ذاته، التخلي عن أصالته من خلال "الملاءمة المفرطة والجريئة أحيانا" مع صيحات عالم الموضة. وسواء تعلق الأمر بالقفطان، التكشيطة، الجلباب، الكندورة، السلهام أو الملحفة، يتربع الزي التقليدي المغربي على عرش عروض الموضة ويفرض نفسه كإبداع لا يغيب عن أرقى العروض لأشهر المصممين العالميين. ويدين اللباس التقليدي المغربي بهذه المكانة إلى "المعلمين" بشتى تخصصاتهم؛ فهم "ح راس" البصمة المستوحاة من زخم الثقافة العربية، الأمازيغية، الأندلسية، الصحراوية، الإسلامية واليهودية، ومن الجغرافيا بلمساتها الهوياتية، بالإضافة إلى شباب مبدع يجتهد لإضفاء لمسة عصرية على هذا الزي ويوظف ما استجد من تصاميم وأقمشة وقصات وتطريز بغرض إرضاء مختلف الأذواق ومسايرة تطورات عالم الموضة. وفي هذا الخصوص، أكدت رئيسة المنتدى الجهوي للنساء الحرفيات بآسفي، ورئيسة تعاونية "تازفين" ، السيدة نادية بن شريف، أن الصانع التقليدي المغربي يحرص على تطوير وتنويع منتجاته من أجل تلبية رغبات جميع الأذواق والفئات العمرية، غير أنه من الأساسي محافظة الزي التقليدي المغربي على خصوصياته، ولاسيما اعتماد عناصر أصيلة في القفطان من قبيل "السفيفة" و"العقاد" و"البرشمان". وأكدت السيدة بن شريف، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن إدخال تغييرات على الزي التقليدي المغربي وتزيينه بلمسات عصرية وتصاميم جديدة تستجيب لأذواق الشباب وميولاتهم وفتح المجال لتسويقه خارج المغرب وجعله سفيرا للمملكة في العالم "أمر مرغوب فيه"، غير أنها حذرت من التمادي في "العصرنة" على اعتبار أن "المكانة التي يحتلها اللباس المغربي تعود بالأساس إلى أصالته". وسجلت أن الحفاظ على استمرارية الزي التقليدي المغربي يستدعي ترسيخ ثقافة ارتدائه لدى الأجيال الصاعدة، وحثهم على تعلم فنون الصناعة التقليدية من خلال فتح دار المعلمات، معتبرة أن الجيل القادم هو من سيؤمن على هذا التراث الأصيل وسيعمل على تثمينه مستقبلا. كما ترى أنه على المرأة المغربية ارتداء اللباس التقليدي في منزلها يوميا إسوة بأمهاتنا وجداتنا وأن لا يقتصر ذلك على المناسبات والحفلات والأعياد، معتبرة أنه بالإمكان إدخال بعض التعديلات البسيطة عليه حتى يتلاءم مع العصر ومع إكراهات الحياة اليومية للمرأة، ولجعله عمليا من أجل ارتدائه في الفضاء العام أو العمل أو المنزل. ولم يفت السيدة بن شريف الإشارة إلى تأثير جائحة "كوفيد" بشكل كبير على الحرفيين خصوصا، وقطاع الصناعة التقليدية عموما، على اعتبار أنه، في جزء مهم منه، قطاع غير مهيكل. وخلصت رئيسة المنتدى الجهوي للنساء الحرفيات بآسفي إلى أن التسجيل في السجل الوطني للصناعة التقليدية سيساهم في تأهيل القطاع ، وخاصة في ظل الأزمات، مشددة على ضرورة أن يستفيد قطاع الصناعة التقليدية من مواكبة الدولة من خلال دعم الفاعلين وتثمين المنتوج المغربي والارتقاء به.