الدخول المدرسي على الأبواب، مناسبة أخرى يطفو فيها الهاجس المادي عند الكثير من الأسر التي تجد نفسها من جديد مطالبة بإنفاق مبالغ مالية كبيرة، من أجل توفير لوازم هذه المناسبة لأبنائهم، سواء تعلق الأمر بالملابس او الادوات المدرسية. ومنذ سنوات بات الدخول المدرسي، يشكل مناسبة متجددة لتحمل أعباء مادية إضافية، بسبب تزامنه مع أيام قليلة بعد عيد الفطر الذي يستنزف هو الآخر جزءا مهما من مدخرات كثير من الأسر، مما يجبر الكثير من هذه الأسر على اللجوء إلى القروض من اجل تغطية مصاريف هذه المناسبة، مع الاستعانة بسوق الكتب القديمة في كثير من الأحيان. واقع تؤكده شهادات عديد من أرباب الأسر، أمثال ياسين ، وهو الشاب ذو الخامسة والثلاثين من العمر، الذي يستعد طفله ذو السادسة من العمر هذه السنة إلى أول ولوج له لأقسام الدراسة، " الأمر مكلف جدا لأنه يأتي بعد رمضان والعيد وما يتطلبانه من مصاريف خاصة بهما"، يلخص ياسين معانته مع أول تجربة له في تحمل هاجس مصاريف متتالية في فترة قصيرة، وهو العامل بإحدى شركات "الكابلاج" بالمنطقة الحرة لطنجة. حالة ياسين ما هي إلا جزء يسير من معاناة ربما أكثر حدة لدى كثير من الأسر، مثل السيدة صفية، أرملة في منتصف الأربعينات من العمر، تستعين بأجرها الشهري الذي لا يتجاوز 1800 درهم تتحصل عليه من عملها بأحد معامل الخياطة، لتغطية جزء من مصاريف عودة أبنائها الأربعة إلى المدرسة، مدخول مادي أقل ما يقال عنه غنه هزيل جدا ولا يكفي لسد حاجيات هذه المناسبة وحاجيات المنزل اليومية، لذلك فإن صفية تستعين بمداخيل عمل إضافي كمنظفة ببعض المحلات التجارية والمقاهي، من أجل تغطية مصاريف مناسبات من قبيل الدخول المدرسي. وتلجأ بعض الأسر الأخرى بطنجة، إلى مؤسسات القروض، منها أسرة تلجأ إلى القروض الصغرى، على أساس مشاريع مدرة للدخل، في حين تصرف تلك القروض في واجبات ومستلزمات الدخول المدرسي، في حين تلجأ أسر أخرى من دوي الدخل المحدود إلى المؤسسات البنكية، حيث تؤكد المعطيات البنكية أن سوق القروض والسلفات تنتعش بشكل كبير خلال هذه المناسبة، على غرار مناسبات أخرى كرمضان وعيدي الفطر والأضحى. فمنذ بضع سنوات٬ أطلق مقدمو هذه الخدمات صيغا تسمح بتمويل مختلف واجبات الدخول المدرسي٬ حيث تقترح عروضا يتراوح معدلها ما بين 5 آلاف و 50 ألف درهم تسدد على أقساط في مدة أدناها 6 أشهر وأقصاها 15 شهرا. الدخول المدرسي، بالنسبة للكثير من الأسر، أصبح إذن يشكل شبحا بالنسبة للآباء٬ الذين أضحوا مطالبين أكثر فأكثر بصرف مبالغ هامة لمواجهة نفقات تتزايد باستمرار٬ ولم يعودوا قادرين على التحكم فيها٬ لكنهم مجبرون على سدادها مخافة الدخول في الدوامة المفرغة للديون.