– المختار الخمليشي ( عدسة: سعيد الشنتوف) لم يجد "إبراهيم" من مخرج لمأزقه أمام مساعد صاحب مكتبة كبرى بوسط مدينة طنجة، إلا الاعتذار عن اقتناء الكتب والمستلزمات المدرسية لابنته، وإرجاء العملية إلى وقت لاحق، بعد أن وجد أن المبلغ الذي معه لا يكفي لسد ثمن هذه اللوازم المدرسية. ف"إبراهيم"، وهو الشاب ذو الثلاثينات من العمر وأب لطفلة في الثامنة من العمر التي تستعد هذه السنة لولوج السنة الثالثة الابتدائي، يعترف أنه تفاجأ ب"الأسعار المرتفعة" للكتب والأدوات المدرسية التي كان يعتزم شراءها لابنته بشكل مبكر تفاديا للازدحام الذي تعرفه المكتبات والمحلات خلال الأيام الأولى للدخول المدرسي. "لكن غلاء الأثمنة والأسعار اضطرني إلى تأجيل شراء الأدوات إلى وقت لاحق"، يتحدث "إبراهيم" الذي يشتغل كعامل بإحدى شركات "الكابلاج" بالمنطقة الصناعية الحرة. ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية، يظل من أكبر الهواجس التي تؤرق كثيرا من الأسر مع حلول كل موسم دراسي. ويؤكد الكثير من الآباء أن هذا الهاجس جاء بشكل أكثر حدة بسبب تزامن بداية الموسم الدراسية مع فترة ليست بالبعيدة عن عيد الفطر المبارك، وما يتطلبه هو الآخر من مصاريف تستنزف بشكل كبير ميزانية كثير من الأسر ذات الخل المحدود بمدينة طنجة. فحالة "إبراهيم" التي تجسد جانبا من هذا المعطى، ما هي إلا جزء بسيط من معاناة مئآت الأسر الطنجاوية التي لا تقوى على توفير أثمنة الكتب المدرسية في الحالات العادية، "فكيف إذا تزامن الدخول المدرسي مع فترة بين عيد الفطر وعيد الأضحى؟"، تتساءل كريمة، سيدة في بداية الأربعينات من عمرها، فهذه السيدة الأرملة تؤكد أنها تجد صعوبة كبيرة في توفير أثمنة المستلزمات المدرسية لأبنائها الأربعة الذين يدرسون بمستويات متفاوتة في التعليم العمومي. "فمورد نفقاتي الوحيد هو معاش زوجي رحمه الله إلى جانب عائدات اشتغالي لدى بعض البيوت" تضيف كريمة قبل أن تستطرد " وجميع هذه المداخيل لا تكاد تكفي لسد ثمن واجبات الكراء إضافة غلى باقي الحاجيات المنزلية اليومية". وأمام هذا الارتفاع "الصاروخي" في أثمنة الكتب والمستلزمات المدرسية، يتجه كثير من آباء التلاميذ في مدينة طنجة نحو أسواق الكتب القديمة التي تشكل متنفسا نسبيا لكثير من الأسر. "لكن حتى هذه السوق أصبحت عرضة لتدخل باعة يتصرفون مثل المضاربين"، تقول فاطمة التي كانت برفقة شقيقها، قبل أن تضيف في هذا الصدد " هؤلاء يبيعون الكتب بأكثر من نصف ثمنها كما هو مفترض بالرغم من أن بعض هذه الكتب يكون في حالة جد مهترئة".