الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف في حق نتانياهو وغالانت والضيف    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    رفع العقوبة الحبسية في حق رئيس المجلس الجماعي لورزازات إلى 18 شهرا حبسا نافذا    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغرب يستضيف أول خلوة لمجلس حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الإقليمي بالناظور    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    دراسة: تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    جمعويون يصدرون تقريرا بأرقام ومعطيات مقلقة عن سوق الأدوية    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عربات وأسواق تنافس المكتبات لملء المحافظ المدرسية
نشر في الأحداث المغربية يوم 28 - 08 - 2012

أسواق شعبية وقيساريات، غيرت جلدها مباشرة بعد عيد الفطر، وحولت فضاءاتها إلى مايشبه مكتبات في الهواء الطلق، مع اقتراب انطلاق الموسم الدراسي، لبيع المستلزمات الدراسية من أقلام وكراريس ومقررات دراسية، كل حسب قدرته الشرائية، لكن السواد الأعظم من الآباء يفضل الأسواق الشعبية، للعروض التي تتناسب ودخلهم المحدود، رغم علمهم المسبق أنها رديئة الجودة، بعد الانتشار المهول للبضائع الصينية، هذا الإقبال لدى الطبقات الفقيرة ليس سوى «تسخين» سيعقبه شراء المقررات الدراسية بعد الدخول المدرسي، بينما ذوي الدخل المرتفع ممن يدرسون أبنائهم في المؤسسات الخاصة والبعثات الأجنبية، فقد بدأ لديهم الموسم الدراسي، عند نهايته بعدما تسلموا لائحة الأدوات والمراجع والمقررات في حفل اختتام السنة الدراسية!.
«مرحبا بزبنائنا الكرام، تنتظركم عروض استثنائية بمناسبة الدخول المدرسي!»، يصدح صوت إذاعي شهير بأحد الأسواق الممتازة بحي “الدريسية” بمقطعة الفداء بالدار البيضاء، هذا الاعلان كان بمثابة الطعم، لمن قادته الصدف قرب السوق واستبدت به حرقة الجوع وقصد المطعم الأمريكي للوجبات السريعة، مساء السبت الماضي، قبل أن يتحول إلى زبون فعلي بعدما أغرته العروض التي تناهت إلى سمعه، وسحب عربة التسوق، كما هو حال فؤاد 38 أب لطفلين انتهى به الأمر بحقيبتين جديديتين، مليئتين عن أخرهما بالأدوات المدرسية من كتب وأقلام ودفاتر مختلفة الأحجام والأشكال، ب 1260 درهم!
حقائب «سبيدرمان» و «باربي»
في ركن غير بعيد عن رواق التجهيزات الكهربائية المنزلية و بالسوق الممتاز، رتبت دفاتر مختلفة الأحجام، وأغلفة زاهية اللألوان، وأقلام ملونة شمعية وخشبية، وأقلام مختلفة الأحجام والوظائف: أقلام حبر جاف، أقلام لبدية، ومقلمات، فسعر تشكيلة من الأقلام الجافة لإحدى العلامات التجارية الفرنسية الشهيرة يصل إلى15 درهما، بينما تترواح أسعار الأقلام الملونة ما بين 12 و 38 درهما، أما المقلمات فسعرها يتأرجح ما بين 22 و 54 فيما تتوزع حقائب مختلفة الأحجام والأشكال حسب المستويات الدراسية في رواق خاص، حيث يلاحظا إقبال على الحقائب المزودة بعجلات، والتي تتزين بشخصيات أفلام الحركة والرسوم المتحركة، يعرفها الأطفال جيدا، بعد أن حفظوا حلقاتها عن ظهر قلب:« بابا أنا عاجباني ديال سبيدرمان» يشير ياسر طفل في السادسة من عمره، بفرنسية بلكنة باريسية، ويفاجأ والده بعدما قصد الحقيبة التي أعجبته وشرع يتفحص فيها كزبون حقيقي ووقف مشدوها يتأمل في شخصيته المفضلة التي طبعت على ظهر الحقيبة، قبل أن يلمح حقيبة أخرى في الجهة المقابلة ويسارع إليها، بنفس اللهفة، أمام دهشة الأب الذي حاول إقناعه بكون الحقبة الثانية أحسن وأجمل، حينما وقف على الفرق الكبير بينهما في السعر، الذي يعادل الضعف تقريبا، ويستقر رأيه في الأخير عليها بسعر 220 درهما.
عالم الموضة ليس استثناء بالنسبة للمستلزمات المدرسية خصوصا منها الدفاتر والمحفظات، فغالبية الأطفال المتمدرسين بالسلك الابتدائي، يفرضون على آباءهم اقتناء دفاتر ولوازم مدرسية كالمحافظ والمقلمات تحمل صور وملصقات لأبطال الأفلام الكرتونية سواء تلك التي تعلاضها القنوات الأوروبية والخليجية ك«دورا، فلة، باربي» أما المراهقون من تلامذة الإعدادي والثانوي التأهيلي فيفضلون حقائب طبعت عليها صور شخصيات طبعت بصمتها في تاريخ الثورات كالثائر شي غيفارا، أو نجوم عالم الفن ، كعربون محبة وإعجاب بأحد مغنيي أغاني الراب ولاعبي كرة القدم أو الممثلين الجدد الذين سطعت نجوميتهم مؤخرا، هذا و تطال الموضة كذلك اقتناء دفاتر أو مستلزمات خاصة ذات جودة عالية مستوردة من الخارج التي يجد الغالبية منهم ضالته بالتوجه إلى المجلات التجارية الكبرى بالبيضاء، بالنظر إلى تنوع المنتجات المعروضة وكذلك بعض التسهيلات وامتيازات خاصة لدى اقتناء حجم أكبر من المقتنيات المدرسية، أو فقط لاحتواء شغف الأبناء ولشفاء غليل الاستكشاف ومعرفة ما جد واستجد من المنتجات الجديد من المستلزمات المدرسية من مختلف المآرب والأنواع.
محفظةب 2000 درهم !
نمط الحياة العصرية في مدينة كبرى كالدار البيضاء فرض على الأسر ذوي الدخل المرتفع، تعليم أبنائها في مؤسسات التعليم الخاص، كما هو الحال بالنسبة لعبد الحق 44 سنة إطار تجاري، وأب لطفلة في التاسعة من عمرها، يحتفظ بلائحة المستلزمات الدراسية التي سلمتها له المؤسسة التي تدرس فيها ابنته عند نهاية كل سنة دراسية، لوازم مدرسية قد تصل إلى 20 مطلبا من الحاجيات التي تعتبر حسب كل مؤسسة تعليمية أساسية للتلميذ على مدار الموسم الدراسي المقبل، كل حسب مستواه الدراسي، من الأقلام الملونة والمقلمات واللوحات، إلى كلها حاجيات يجب توفيرها عند مطلع كل دخول مدرسي بغض النظر عن أداء الواجبات المالية المتعارف عليها لكل مؤسسة، هذا وقد تصل سلة اللوازم المدرسية إلى ما يراوح 2000 درهم كمعدل متوسط لحجم المشتريات لكل تلميذ، مع العلم أنه يتوجب على الآباء توقع مبلغ إضافي يناهز 2000 درهم بالنسبة للتلاميذ المسجلين لدى البعثات الأجنبية التي تفرض بدورها حاجيات إضافية غالبيتها دفاتر من جودة عالية، وكتب أجنبية مستوردة وتخص كتبا نوعية، تهم كتبا ومراجع دراسية يتم طبعها وإعدادها من قبل ملحقات ثقافية وتعليمية تابعة لهذه البعثات عبر مختلف بقاع العالم.
الأسواق الشعبية ملاذ ذوي الدخل المنخفض
بشارع محمد السادس، ضجيج واختناق وزحام زادته قوافل السيارات وسيارات الأجرة والحافلات والدراجات النارية، وتختلط الأبواق المركبات بصياح الباعة المتجولين وأصحاب «الفراشات» والعربات بدواب الذين احتلوا كل شبر في الشارع، باعة يعرضون مختلف السلع، لكن أكثرها كان اللوازم المدرسية، ما جعل بعض الآباء والأمهات وأولياء الأمور الذين يلهثون، بلهفة كبيرة ، وراء اللوازم المدرسية من أقلام و«خوشيبات» ومسطرات ومقلمات ودفاتر فارغة ومغلفات بلاستيكية، يتزاحمون على اقتنائها وسط زحام وتدافع صاخبين، كأنهم إشاعة انتشرت كالنار في الهشيم مفادها أنها ستنفذ بعد يوم، أو يومين!.
خديجة سيدة في الأرعينات من عمرها، تحمل في يديها ثلاثة أكياس بلاستيكية من الحجم الكبير وقد تدفقت جنباتها بلوازم مدرسية قد تكفي لأربعة أطفال في مستويات دراسية مختلفة، بجانبها كانت تسير امرأتان تنوء كل واحدة منهما بثقل قفة كبيرة محشوة بكتب مستعملة وحزمة دفاتر، وأغلب الظن أنها القفة الأولى التي ستليها قفف أخرى بمجرد دخول التلاميذ الفصول وحصولهم على لوائح المقررات واللوازم الضرورية لكل قسم على حدة!.
«الأدوات!الأدوات» صراخ الباعة المتجولين يصم الآذان، كل واحد يعرض بضاعته الموسمية بالشكل الذي يروق له، وأحيانا يستعينون بشباب بحناجر رقيقة ومدربة على الصياح في الأسواق لجلب أكبر عدد من الزبناء، الذين ملئوا شارع محمد السادس والأزقة التي تتقاطع معه، يشترون كل شيء غير مبالين بجودة ما يشترون، وغير مكترثة بالمثل القائل «عند رخصو تخلي نصو»، وهو ما يظهر بمجرد وصول اللوازم المدرسية إلى المنزل واحتكاكها بشغب الأطفال، إذ تتحول إلى متلاشيات مكانها صندوق القمامة، ما يعني شد الرحال، مرة، أخرى إلى السوق، لشراء أخرى: « هاذ سلعة الشينوا راها جوطابل!» يصرح حميد أب لطفل وهو يتوجه بالحديث لأحد الباعة محاولا إقناعه بتخفيض جزء من مشترياته.
رواج استثنائي بالمكتبات رغم منافسة المدارس الخاصة
قبيل أيام قليلة من بداية الموسم الدراسي الجديد، تشهد المكتبات والوراقات حركة دؤوبة لا مثيل لها عن بقية أيام السنة. فهذه المناسبة تعد ذروة الرواج التجاري ، فأصحاب المكتبات والوراقات ينتظرون بحزم ونشاط منقطعي النظير هذا الموسم. بعض المكتبات والوراقات، على الرغم من أن موسم الرواج التجاري لديهم ينطلق مع متم كل موسم دراسي، بحكم أن معظم المدارس الخاصة تمد التلاميذ بلائحة اللوازم المدرسية مما يخلق انتعاشة وحركية نوعية في انتظارأواخر غشت و مطلع شهر شتنبر إيذانا بالبداية الحقيقية للنشاط التجاري لدى الكتبيين. أو حتى بعض المحلات التجارية التي غيرت من ملامح تجارتها لأخذ قسط من الأرباح التي تدر على أصحابها خلال بداية كل موسم دراسي، والذي يحتاج إلى ضخ أموال إضافية لتزيين الواجهات بالمستلزمات الجديدة المواكبة للميولات الجديدة للتلاميذ أو الطلبة من محافظ وأقلام ملونة إلى دفاتر من أنواع مختلفة الجودة والأحجام والرونق الجمالي لها، هذا بالإضافة لتشغيل شباب وشابات ولو بشكل مؤقت عند مطلع كل موسم دراسي بمبالغ تراوح بين 500 و1200 درهم، المدرسية وذلك حسب نوعية المحل التجاري، لمواكبة وتغطية طوابير الآباء والأمهات بالجملة، كما هو الحال بالنسبة لمكتبات حي الأحباس بالدار البيضاء التي يجد فيها الزبون ضالتهم من لوازم دراسية.
ورغم الإقبال الكثيف التي تعرفه المكتبات، فإن هامش الربح تقلص عما كان من قبل، يؤكد جمال كتبي بالحبوس، بعد أن دخلت إلى المنافسة مؤسسات التعليم الخاص، التي أصبحت تبيع الكتب المدرسية داخل فضاءاتها، حيث يعتبر ذلك مخالفا للقانون المنظم للقطاع التعليمي الحر ولدفتر التحملات والممارسات التجارية القانونية الخاضعة لقانون الضريبة وكذلك المذكرات الوزارية التي تمنع كليا هذه الممارسات الدخيلة على المؤسسة التعليمية، يؤكد جمال، لما أصبحت تنطوي عليه من استغلال للنفوذ والشطط، وفرض شروط مجحفة على التلاميذ من أجل القبول بعروض البيع المقدمة من الممؤسسات الخاصة.
وتؤكد مجموعة من البلاغات المشتركة لجمعية الكتبيين أن هذه الممارسات التجارية المنافية للقانون 06.00 المنظم للتعليم المدرسي الخصوصي إذ تستغل مناسبة الدخول المدرسي لرفع هامش ربحها دون الخضوع لأية مراقبة، حيث أن هذه الظاهرة التي تقع داخل داخل بعض المؤسسات الخصوصية تتخذ أشكالا متعددة منها الزيادة كل موسم دراسي في أسعار الرسوم، وعدم الشفافية في التعامل المالي مع التلاميذ مع فرض أثمنة خيالية ومقررات لا تساير المنظومة التربوية الوطنية، في حين أن بعضها يطابق المقررات الأجنبية، ومن شان ذلك أن يخلق أزمة حقيقية لأرباب مكتبات بيع الكتب المدرسية لكون مدخول نشاطها التجاري يكون معظمه بداية كل موسم دراسي.
الهروب نحو الكتب المستعملة
من أجل تخفيف العبء المادي تلجأ العديد من الأسر إلى شراء كتب مدرسية مستعملة لأبنائها، خصوصا الأسر التي لديها عدد كبير من الأطفال، حيث تتطلب مصاريف الدراسة مبالغ مالية كبيرة لتلبية احتياجات الأبناء، التي لا تتوقف عند توفير الكتب فقط، بل يتجاوز ذلك إلى اللباس وغيره، إذ يتحول رصيف شوارع سوق القريعة ودرب غلف ودرب السلطان، في الدارالبيضاء، كما في باقي المدن، إلى مكتبة مفتوحة مليئة بالكتب الملونة، يقصدها كل من يبحث عن كتاب مدرسي مستعمل يباع بسعر أقل بكثير من الكتاب الجديد المعروض في المكتبات..
وكأي نوع آخر من التجارة، تخضع تجارة الكتب الدراسية المستعملة لقانون العرض والطلب، بخلاف ما تبدو عليه من أنها مجرد تجارة عشوائية يمارسها شبان ويافعون وأطفال صغار، فسعر الكتاب يكون مرتفعا في بداية الموسم، ثم ينزل بالتدريج، حين يخف الطلب عليه، إلا أن القاعدة العامة التي يحتكم إليها هؤلاء التجار هو أن سعر الكتاب المستعمل هو نصف سعره الجديد، ثم تبدأ عملية المساومة التي تخضع لمدى قدرة الزبون التفاوضية. نشاط موسم مثل هذا يذر على عبد الصمد تاجر الكتب المستعملة والدفاتر المدرسية، دخلا يوميا قد يصل إلى حوالي 150 درهما في اليوم في ذروة الموسم، كما أن نشاطه هذا قد يمتد إلى منتصف السنة الدراسية، بسبب التسهيلات التي يمنحها لزبنائه في الأداء، هذا بالإضافة إلى محاولة تصريف فائض البضاعة التي فشل في تسويقها.
عصام طالب ثانوي بدوره، لا يفوت فرصة الدخول المدرسي لتحقيق بعض المكاسب المادية، يقول « لقد دأبت على بيع الكتب المدرسية منذ سنوات، حيث قمت ببيع كتب مستوى السنة الماضية الذي انتقلت منه الى آخر وحصلت على مقابل لا بأس به مكنني من اقتناء بعض من مستلزماتي المدرسية، ومع كل دخول مدرسي أجمع الكتب المستعملة وأعرضها في الشارع وأضاف» فكرة بيع الكتب المستعملة الفكرة جيدة وتصب في مصلحة البائع والمشتري سويا، ومن مميِزاتها أنها تتيح فرصة اقتناء ما تحتاجه الفئات العريضة من اللوازم المدرسية المستعملة وخاصة من الذين لا تسعفهم الحالة المادية شراء الكتب«.
أسر تنتظر محفظة الدولة
منذ انطلاق عملية “مليون محفظة” خريف سنة 2008، بدأت الأسر المغربية المعوزة تتنفس الصعداء، بعدما خف عبء المحفظة المدرسية عن كاهلها، بفضل دعم الدولة، ففي سيدي مومن مثلا، ما أن يبدأ الموسم الدراسي إلا ويبدأ بعض الآباء والأمهات بالتقاطر على المؤسسات التعليمية، للاستخبار عن موعد توزيع الحقائب المدرسية، والمقررات الدراسية، سيما بالنسبة لأبنائهم الذين يلتحقون لأول مرة بالفصول الدراسية، ما يسبب في بعض الأحيان حالات سوء فهم وملاسنات تصل حد الشجار، بين أولياء الأمور والإدارة التربوية، بعد نفاذ حصتها من المحافظ الدراسية ومستلزماتها، وعدم قدرتها على تغطية الخصاص. كما أن هنالك نوع من الآباء يؤكد عبد اللطيف رجل تعليم، يدعون الحاجة والفاقة لاستفادة من محفظة الدولة، رغم أن منهم من له دخل قار يتجاوز درجة الكفاف:« كيف لي أن أقوم بتسجيل طفل أو طفلين والده سائق ومالك طاكسي صغير، ويكتري المأوذنية، وزوجته تشتغل في القطاع الخاص، ويسكنون شقة من شقق السكن الاقتصادي، التي لن تقل أقساطها عن 1500 درهم!»، يضيف عبد اللطيف، دون أن ينفي وجود فئة معوزة تستحق الدعم والمساندة، لكنها تستعفف، رغم تزامن الموسم الدراسي لهذه السنة مع شهر رمضان وعيد الفطر الذي يزيد من محن الأسر وضرورة تدبير المصاريف بأسلوب أكثر عقلانية، ما يدفع عدد من الأسر والتلاميذ إلى اللجوء إلى سوق القروض الإستهلاكية لتغطية نفقات المستلزمات الدراسية، بينما يبحث البعض عن حل أقل تكلفة عبر شراء اللوازم المدرسية من الأسواق الشعبية الرخيصة الثمن والتي غالبا تكون من صنع صيني، رغم علمهم المسبق برداءة جودتها، أو ابتياع الكتب المستعملة ذات جودة منخفضة وبأقل الأسعار. فالعديد من الجوانب الأسواق والأرصفة المحاذية للمناطق التجارية تشهد عرض هذه البضائع الموسمية التي تتحول إلى سوق للمكتبات مفتوحة على الهواء الطلق، و تظل أثمانها المنخفضة حلا فريدا لقضاء الحاجة والتخفيف من حجم المصاريف، خصوصا الذين لا تسعفهم لاقتناء كتب جديدة، وذلك بالنظر إلى حجم المبالغ الموفرة لهذه المناسبة، فالحديث عن الدخول المدرسي تحول إلى كابوس حقيقي للأسر المغربية، التي أثقل كاهلها هذا العام حجم الإنفاق والميزانية التي استنفدتها متطلبات العطلة الصيفية، و رمضان و عيدالفطر.
أنس بن الضيف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.