يبدو أن كثيرا من قرارات والاختيارات الأخيرة لعمدة مدينة طنجة أو تصريحاته الإعلامية قد بدأت تثير كثيرا من الأسئلة الحقيقية حول نوايا رئيس المجلس الجماعي وقراراته في المرحلة المقبلة، ومدى ارتباط تلك القرارات بالتهييء للانتخابات الجماعية المقبلة سنة 2013م. ونلخص هذه القرارات والاختيارات في عزم مجلس مدينة طنجة استبدال شركة "أمانديس" للتدبير المفوض لتوزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل بشركة أخرى، نفس الأمر بالنسبة لشركة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري "أوطاسا"، وفتح نقاش حول دفتر تحملات شركة "تيك ميد" لتدبير قطاع النظافة والنفايات العمومية، وانتخاب العمدة في عضوية المكتب المسير لفريق اتحاد طنجة لكرة القدم. وهكذا فإن قرار قرب رحيل شركة "أمانديس" ودخول شركة قطرية إنجليزية يبدو مفاجأ، بالنظر لصمود هذه الشركة في وجه عدد كبير من الاحتجاجات المحلية التي طالبتها بالرحيل، من ضمنها احتجاجات فرع طنجة لجمعية حماية المستهلك، واحتجاجات حركة 20 فبراير 2011م. "أمانديس" التي قررت أخيرا تصفية أعمالها بمدينة طنجة وحل العقدة التي تربطها بالمجلس الجماعي، يأتي هذا القرار في إطار التوجه العام الذي انتهجته الشركة الأم "فيوليا" والقاضي بتصفية معظم أعمالها بالمغرب تحت ضغط الأزمة المالية الخانقة التي تمر منها. كما يأتي قرار شركة "فيوليا" بالرحيل بعد أن كشف الافتحاص الذي قام به المجلس الجهوي للحسابات عن وجود العديد من الاختلالات في تدبير الشركة، أهمها فرض أتاوات غير قانونية على المرتفقين، وعدم إنجاز 264 مشروعا استثماريا كانت مبرمجة ما بين 2002 و 2008. وبالتأكيد فإن أمانديس لا تتجه نحو إلغاء تعاقدها مع مجلس المدينة، بل تتجه نحو تفويت تعاقدها لشركة قطرية وإنجليزية عبر صفقة كان من المقرر أن تبرمها شركة "فيوليا المغرب". وحسب بعض المصادر الصحفية بتطوان فقد تم تأجيل إبرام الصفقة لأسباب غير معروفة ترجح ذات المصادر لكون المعطيات التي توصلت بها الشركتان غير مضبوطة مما يتطلب إعادة دراستها. رحيل أمانديس ليس هو الوحيد بالنسبة لقطاع التدبير المفوض للخدمات الجماعية بطنجة، بل إن شركة "أوطاسا" للتدبير المفوض لقطاع النقل الحضري تستعد هي الأخرى للرحيل عن طنجة. حيث جاء التأكيد هذه المرة على لسان عمدة المدينة وعبر خرجة إعلامية على القناة التلفزية العمومية الأولى، حيث أكد في تصريحه للقناة "أن معاناة الساكنة ستنتهي قريبا مع قطاع النقل الحضري بواسطة الحافلات في المدينة، مؤكدا أن "الحافلات المتهالكة التي تجوب شوارع المدينة ستختفي نهائيا". وأوضح العماري ضمن ذات التصريح أنه سيتم منتصف شهر يناير المقبل، الإعلان عن طلبات العروض المقدمة للسلطات المفوضة بالمدينة، بشان تدبير قطاع النقل الحضري بواسطة الحافلات، واختيار الفاعل الفائز بالصفقة. وأضاف العمدة، أن مشروع دفتر التحملات الجديد الخاص بتدبير قطاع النقل الحضري، ينص على التزام الشركة الجديدة بتوفير أسطول جديد من الحافلات، حيث ستتعزز المدينة ب120 حافلة جديدة بدلا من 70، كما هو الوضع الحالي، حسب ما جاء على لسان المتحدث. وجاء تصريح فؤاد العماري، بعد انفجار عربة نقل حضري تابعة للشركة الإسبانية المكلفة بتدبير القطاع، حيث كاد الحادث أن يتسبب في كارثة حقيقية. وهذا هو الحادث الرابع من نوعه في ظرف شهرين. وكانت الجماعة الحضرية قد أعلنت قبل نحو ستة أشهر، عن مشروع دفتر تحملات جديد يخص قطاع النقل الحضري بواسطة الحافلات، وهو المشروع الذي أقبر بعدما تم رفضه من طرف وزارة الداخلية، بدعوى "وجود جملة من الخروقات". من جهة أخرى تعتزم الجماعة الحضرية لمدينة طنجة، تنظيم لقاء تشاوري مفتوح مع مختلف الفاعلين بالمدينة، حول مشروع دفتر التحملات الجديد الخاص بتدبير قطاع التطهير الصلب المسند حاليا لشركة "تيك ميد". وحسب بلاغ للجماعة الحضرية لطنجة، فإن هذا اللقاء المقرر يوم الجمعة 28 دجنبر الجاري، يندرج ضمن المقاربة التشاركية والهادفة إلى إشراك كافة الفاعلين في تدبير الشأن العام المحلي. كما يأتي إعلان الجماعة الحضرية لطنجة، تنظيم هذا اللقاء التشاوري، بعد انتهاء فترة العقد المبرم مع الشركة الإسبانية المفوض لها تدبير قطاع النظافة بمدينة طنجة، وهي الشركة التي ظلت خدماتها منذ مدة طويلة، موضوع انتقادات لاذعة من طرف مختلف الحساسيات السياسية والجمعوية في المدينة، إلى حد وصل الأمر إلى مطالبة العمدة بفسخ العقدة مع الشركة. دخول العمدة فؤاد العماري في المكتب المسير لاتحاد طنجة كنائب للرئيس عبد الحميد أبرشان (رئيس مجلس العمالة وقيادي محلي وجهويا لحزب الاتحاد الدستوري) أمر يثير عددا من التساؤلات، خاصة أن الرئيسين العماري وأبرشان هما جزء من توليفية من السياسيين المحليين الذين جمعت بينهم طموحات ممارسة السياسة على صهوة الرياضة. لذلك فإن التشكيلة السياسية لعدد من أعضاء المكتب المسير للفريق الرياضي لطنجة تقدم جملة من الإيحاآت، حيث نجد المستشار يونس الشرقاوي النائب الثاني لرئيس الفريق والذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس مقاطعة طنجةالمدينة، و الكاتب العام للفريق حسن بلخيضر وهو مستشار بارز ومعروف بمجلس المدينة ومقاطعة السواني. ومع تجميع كل هذه التوجهات والاختيارات لعمدة المدينة، وبروز هذا الاهتمام المفاجئ بمطالب الساكنة الطنجاوية التي كثيرا ما رفعت كشعارات مدوية في عدد من الاحتجاجات الشعبية المحلية من دون أن تجد الجواب الشافي، فإن الجواب السهل يتمثل في اقتراب موعد الانتخابات الجماعية وقرب انتهاء مدة انتداب المجلس الجماعي بطنجة الذي يقوده حزب الأصالة والمعاصرة، واقترابه من محطة هامة للمساءلة والمحاسبة الانتخابية. وكما لو أن حصيلة إخفاق كبير واختلالات مالية وتدبيرة لعدد من مؤسسات التدبير المفوض تواجه حاليا سياسة الإخفاء في اللحظات الأخيرة من فترة الانتداب الجماعي. وربما يدفعنا طابع القرار المستقل بالرحيل الذي اتخذته شركة أمانديس وانتهاء عقد شركة أوطاسا، إلى إسباغ رحيل هاتين الشركتين بطابعه السياسي المتأخر، لكن نتساءل بجدية عن موقف المجلس الجماعي ورئيسه عن معاناة الساكنة الطنجاوية مع هاتين الشركتين التي دامت عشرية كاملة من دون أن تقدم لنا الجماعة الحضرية أجوبة مقنعة تبرر صمتها إزاء تقاعسها عن الوفاء بدورها في مراقبة أداء الشركتين المنصوص عليه في عقد التدبير المفوض، قبل أن يأتي تدخل المجلس الجهوي للحسابات. ونطرح عدة تساؤلات في الأخير مرتبطة بمدى تأثير توقيع أية اتفاقيات للتدبير المفوض في نهاية الفترة الانتدابية للمجلس الجماعي الحالي على حق المجلس المقبل في بلورة اختياراته وتعاقداته، بل واكتفائه بدور المراقبة بعد حسم المجلس الجماعي الحالي في تعاقدات السنوات المقبلة. وما موقف المجلس الجماعي الحالي بخصوص المشاريع الثقافية المعطلة في الوقت الذي لم يكتمل فيه بعد بناء وتشييد المركب الثقافي "كاسطيا" الذي انطلق تشييده قبل أكثر من سنتين.