تطرق المشاركون في ندوة وطنية، السبت بمدينة القصر الكبير، إلى الرهانات الموضوعة على مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي يوجد في طور المناقشة والمصادقة بالمؤسسة التشيريعية. وألح المشاركون في الندوة، المنظمة بشراكة بين المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية بالقصر الكبير ومجلة محاكمة، على أن قانون المسطرة المدنية يعتبر ضمانة للأمن القانوني والقضائي بالمغرب، على اعتبار أنه نص يحدد التدابير الإجرائية للتقاضي. واستعرضت المداخلات مجموعة من المستجدات التي تباينت بخصوصها آراء رجال وفقهاء القانون ومهنيو العدالة بين مؤيد ومعارض، مبرزين في هذا الصدد التدابير الجديدة المتعلقة بإرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، من خلال ملاءمة قواعد الاختصاص النوعي مع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي. كما أشارت المداخلات إلى التعديلات المتعلقة بتبسيط المساطر والإجراءات القضائية، وتقليص الآجال وترشيد الطعون وعقلنتها، وتوسيع مجال الإعفاء من الرسوم القضائية، وإدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية من خلال تسخير وسائل التواصل الإلكتروني في الإجراءات القضائية المدنية، وإحداث مجموعة من المنصات الإلكترونية تهم المحامين والمفوضين القضائيين، والخبراء القضائيين والعدول والموثقين، والتراجمة المحلفين المقبولين أمام المحاكم. وتوقف المتدخلون أيضا عند إعطاء القاضي دورا إيجابيا في تدبير سير الدعوى، وتخويله اتخاذ كل التدابير القانونية لتجنب الهدر الإجرائي واختصار الزمن القضائي، وتقوية حق الدفاع من خلال التأكيد على دور المحامي في تمثيل الأطراف أمام القضاء، وإجراءات التحقق من الخبرة القضائية. في هذا السياق، أكد رئيس المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية بالقصر الكبير، عبد العزيز العروسي، أن مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي أحيل على مجلس المستشارين بعد المصادقة عليه من طرف مجلس النواب في يوليوز الماضي، يتضمن مقتضيات تعتبر "مثار جدل" بين مؤيد ومعارض، بالنظر إلى أحكامها التي قد تؤثر على الأمن القانوني، مبرزا أن قانون المسطرة المدنية يعد "قانونا إجرائيا من بدايته لنهايته، مما قد يطرح إشكالات خلال تنفيذه، من حيث الحرص على إخراجه في أفضل حلة لحماية الحقوق والحريات". من جانبه، أكد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، عبد الكريم الطالب، أن الندوة ترمي إلى دراسة بعض المقتضيات والجوانب المتعلقة بهذا القانون، في افق الخروج بمقترحات عملية لتجويد النص، الذي لا يزال في طور المصادقة بالمؤسسة التشريعية، معتبرا أن أحكام قانون المسطرة المدنية، الذي ينظم الإجراءات القانونية، يتعين أن تنسجم مع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي (رقم 38.15) الذي ينظم الهيكلة القضائية. بالنسبة لمدير مجلة محاكمة، عز الدين الماحي، فقانون المسطرة المدنية يندرج في إطار "العدالة الإجرائية"، التي خصص لها الدستور المغربي لسنة 2011 بابا يتطرق إلى حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، مشددا على أن العدالة الإجرائية تشكل مدخلا أساسيا لضمان حقوق المتقاضين. وأكد على أن لقانون المسطرة المدنية صلة مباشرة بالنجاعة القضائية والأمن القانوني، موضحا أنه يتعين تدقيق النقاش حوله لجعل أحكامه خدمة مصلحة المتقاضين خاصة، والعدالة عموما. وتطرقت المداخلات في الندوة إلى أوصاف الأحكام وأثرها على حقوق المتقاضين، والاثر المرتقب لمشروع قانون المسطرة المدنية على "الدور الإيجابي للمحكمة" وعلى "سؤال الدستورية" وعلى "سؤال النجاعة القضائية" وعلى "تقليص دور الدفاع"، كما تم في هذا الإطار تكريم عميد كلية العلوم القانوني والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، وتوقيع اتفاقية تعاون بين المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية بالقصر الكبير ومجلة محاكمة.