أوصى المشاركون في الدورة الثالثة من مناظرة المنافسة, التي اختتمت أشغالها اليوم السبت بطنجة, إلى تعزيز الاختصاصات المخولة لمجلس المنافسة بشكل تجعل منه سلطة تقريرية تضمن تنظيما أفضل للمجال الاقتصادي ومكافحة اقتصاد الريع. وأشار المشاركون في هذا اللقاء, الذي نظمه مجلس المنافسة على مدى أربعة أيام تحت شعار "المرافعة في سياسة المنافسة ومحاربة الريع", إلى أهمية مواءمة دور مجلس المنافسة مع المعايير الدولية, وتمكينه من حق الإحالة الذاتية والتحري, خصوصا في القضايا المتعلقة بالتركيزات الاقتصادية واقتصاد الريع. وأضاف المشاركون, ومن بينهم ممثلو سلطات المنافسة عبر العالم وثلة من الباحثين والمتخصصين في قانون واقتصاد المنافسة على الصعيدين الوطني والدولي, أن التنمية الاقتصادية تتطلب حكامة فاعلة ومكافحة اللامساواة والنمو اللامتوازن, وهي أهداف لا يمكن تحقيقها دون ضمانة تنافسية حرة بين الفاعلين الاقتصاديين ومحاربة اقتصاد الريع من خلال إستراتيجية وطنية تشجع على الشفافية والابتكار. وأشار رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور, في كلمة خلال اختتام المناظرة, إلى صعوبة تحديد أشكال اقتصاد الريع بدقة, بسبب طبيعة النسيج السوسيو - اقتصادي المغربي والتأثير الذي يمارسه المجال السياسي على المستوى المحلي, معتبرا أنه من الضروري تبني مسلسل خلاق وتدريجي لمكافحة هذه الآفة ومنح الأولوية للقطاعات المهمة التي لها تأثير حقيقي على الاقتصاد والنمو, دون الاستعاضة عن العدالة التي يتعين أن تواصل دورها. كما أبرز أن مواصلة الحديث عن اقتصاد الريع بمفهوميه, أي الريع المبرر والريع غير المستحق, يمكن أن يخلق نوعا من الخلط, موضحا أن الريع في العادة غير مشروع إلا في حالات استثنائية مبررة أو ذات طابع اجتماعي, لكن يتعين أن تكون محدودة في الزمان والنتائج. وأعرب بنعمور عن تفاؤله بشأن مستقبل تنظيم السوق بالمغرب بالنظر إلى الصدى الطيب الذي يلاقيه اقتراح تعزيز دور مجلس المنافسة لدى مختلف الأحزاب السياسية والإعلام والفاعلين في المجتمع المدني. من جهته, شدد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عبد السلام أبودرار على الروابط المتعددة بين الفساد والريع, موضحا أن الفساد يشكل غالبا وسيلة للبحث عن الريع ويمكن من الولوج غير المشروع إلى السوق أو الحصول على أرباح غير مبررة. وبهدف مكافحة هذه الآفة, طالب أبو درار بوضع استرايتيجية وطنية للتنسيق بين هيئات الحكامة الجيدة بهدف القيام بإجراءات ضد نظام الفساد والفاعلين فيه من خلال التحسيس والتواصل. وأوضح أن الأمر يتعلق بمكافحة الريع والفساد الموجودين في آليات النسيج الاقتصادي, وأيضا في تصرفات وعقليات هؤلاء الفاعلين.