انطلقت، أمس الأربعاء بطنجة، أشغال المناظرة الثالثة للمنافسة، التي ينظمها مجلس المنافسة، على مدى أربعة أيام. الجلسة الافتتاحية للمناظرة الثالثة حول المنافسة (خاص) وطلب عبد العالي بنعمور، رئيس المجلس، من الحكومة المقبلة أن تتخذ "مبادرات جادة وعميقة، تتسم بالشجاعة السياسية"، لضمان محيط ميسر لتحقيق هدف الانبثاق الاقتصادي والاجتماعي، والارتقاء بالحقوق الإنسانية، موازاة مع الإصلاحات والاختيارات الأساسية المتعلقة بالنظام التربوي والقضاء والتنمية البشرية. وقال بنعمور، خلال ندوة صحفية على هامش المناظرة، إنه "يجب إعادة النظر في نمط الحكامة الاقتصادية، خاصة من زاوية نظامة الأسواق والمنافسة، كي نتمكن من تحسين تموقعنا كاقتصاد منبثق داخل عالم متسارع ومتعدد التحولات، ونستطيع الاندماج في سياق عالمي يتسم بشمولية الاقتصاديات". وبخصوص تحديات العولمة وانعكاساتها على المستويات الاستراتيجية والسياسية والتنظيمية، أكد بنعمور أنه "أصبح لزاما على المغرب أن يستوعب بشكل كبير أن العولمة تفيد أولئك، الذين يتمكنون من تحيين واغتنام الفرص المتوفرة، في حين أنها تهمش أولئك الذين لا يتحلون بروح المرونة والابتكار، ويقفون ضد تيار التوجهات والميولات، التي لا محيد عنها". وفي جواب عن سؤال من "المغربية" حول صلاحيات مجلس المنافسة، قال رئيس المجلس إن "سلطات المنافسة بالمغرب تنجز مهامها طبقا لقانون 06.99، وهي بذلك، لن تستطيع أداء مهمة نظامة السوق ومحاربة الريع، إذ أصبح من اللازم أن يرتقي مجلس المنافسة من سلطة استشارية إلى هيئة مستقلة تقريرية، تتمتع بشخصية معنوية واستقلال مالي، بالإضافة إلى ضرورة منحها حق الإحالة والمبادرة في البحث والتحري، لتتمكن من الالتحاق بالركب الدولي في ما يتعلق بقضايا المنافسة، وتساهم في تحديث الحكامة الاقتصادية وتأهيل الجهاز الإنتاجي الوطني". وكان شكيب بنموسى، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، اعتبر خلال الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة، التي نظمت تحت عنوان "المرافعة في قانون المنافسة ومحاربة الريع"، أن "حرية الأسعار تعتبر أساس المنافسة، التي تحقق نتائج إيجابية لفائدة المستهلك وتنافسية النسيج الاقتصادي الوطني، نظرا للارتباط الجدلي بين قضايا المنافسة والاستهلاك". وأضاف أن "تأطير شروط الاستهلاك يجسد إحدى الركائز الأساسية للمنافسة الشريفة، إلا أن حرية السوق والمنافسة لا يحترمها بعض الفاعلين، عبر ممارسات منافية لقواعد المنافسة، تهم الاتفاقيات غير المشروعة والاستغلال التعسفي لوضع مهيمن"، مشددا على ضرورة الحرص على ترسيخ مبادئ المنافسة الشريفة، والحث على احترام قواعدها، بما يسهم في توفير ما من شأنه أن يحسن مناخ العمل وجذب الاستثمار، والمساهمة في تقوية الدينامية الاقتصادية. من جهته، اعتبر محمد حوارني، رئيس الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، أن "معضلة اقتصاد الريع حاضرة بقوة وتتخذ أشكالا عديدة، تسمح للمستفيدين بجني أرباح كبيرة دون مبرر اقتصادي ودون أي جهد استثماري"، مشددا على ضرورة اغتنام فرصة الخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011، والمضي نحو "إصلاحات عميقة، تقدم عناصر حل هذا الموضوع الشائك والمعقد، الذي يقتضي صرامة وحزما في التعامل معه، وصولا إلى الشفافية، وإلى خلق مناخ جديد للتوظيفات المالية الداخلية والخارجية، يجعل المقاولة المغربية، بمختلف أحجامها، تعمل في بيئة اقتصادية سليمة تتداخل فيها مختلف القطاعات بسلاسة". وتستمر فعاليات المناظرة الثالثة حول المنافسة إلى غاية 17 دجنبر الجاري، ويشارك فيها العديد من ممثلي سلطات المنافسة عبر العالم، وباحثون في قانون واقتصاد المنافسة على الصعيد الوطني والدولي، سيناقشون خمسة محاور "الريع المبرر والريع غير المستحق"، و"المرافعة ضد الريع غير المستحق بالنظر إلى طبيعة البنيات السوسيو- اقتصادية"، و"المرافعة ضد الريع غير المستحق بسبب ممارسات السلطات العمومية"، و"المرافعة وإشكالية التوافق بين الحقوق السوسيو-اقتصادية والريع الاجتماعي"، و"الآفاق المستقبلية للنظامة عبر المرافعة ضد اقتصاد الريع غير المبرر".