لا أعلم لمن قد يكون السيد الوالي صرح قبلا في موضوع حراك إقليمالحسيمة , وكالة الأنباء الفرنسية , أم وكالة الأنباء الرسمية , أم أنه صرح لهما معا وانتظرت (لاماب )الأوامر بالنشر , أم أن التصريح للوكالة الرسمية جاء بعد الانتقادات الموجهة له بتخصيص وسيلة إعلامية بالتصريح في موضوع يهم المغاربة , وكان من الأولى أن يكون التصريح لوسائل الإعلام المغربية , وعلى كل هي تقريبا مع اختلاف في التناول نفس المعلومات تلك التي صرح بها السيد الوالي للجهتين معا , لا يهم , المهم أن السيد الوالي تجاوز التحفظ المعروف على كبار موظفي الداخلية في موضوع التعامل مع وسائل الإعلام ومنحها تصريحات حصرية بالاسم وهذا أمر لا يمكنني إلا الإشادة والتنويه به فهذا التحفظ الشهير الذي يميز عمل الولاة والعمال يمنع الشفافية عن كثير من أمور وملفات التدبير العمومي . والي جهة طنجةتطوانالحسيمة محمد اليعقوبي يتميز بكثير من الصفات والخصال التي لا يمكنني إلا أن أنوه بها , رغم أنني كثيرا ما انتقدت طريقة تدبيره لملفات أخرى على رأسها ملف المشاريع المهيكلة لطنجة الكبرى والتي تميزت طريقة تدبيره لملفها بكثير من مركزية القرار المنحصر في مكتبه وهي الطريقة التي ربما اكتشف السيد الوالي خطأها بعد أن تراكمت الأخطاء القاتلة في كثير من هذه المشاريع والتبرير بكونها لم تسلم بعد لا يمكن أن يخفي اختلالاتها , لكن السيد الوالي في ملف حراك الحسيمة امتلك شجاعة كبيرة بأن نزل إلى الإقليم وجاب مناطق قروية كما شوارع المدينة راجلا محاورا لمن يقبل محاورته , مذكرا في كل مرة بأن هناك أخطاء سيتم تجاوزها وأن الدولة تبذل مجهودا تنمويا في الاقليم و أن من الضرورة الحد من الأشكال الاحتجاجية وإعطاء فرصة للمشاريع حتى أنه تمكن من إقناع نشطاء تماسينت برفع اعتصامهم وحصارهم لمبنى الجماعة القروية امرابطن . السيد الوالي في تصريحاته الصحافية لم يكن مجانبا للصواب كثيرا, ففعلا هناك مبالغة وتهويل في أخبار الاحتجاجات بإقليمالحسيمة و التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي فهذه الاحتجاجات لا تختلف عن أخرى تتم في مناطق مختلفة في بلادنا وهو نفي من السيد الوالي إشاعات المطالب والاحتجاجات الانفصالية عن حراك الحسيمة التي تشيعها كثير من الأقلام المسمومة عن سوء أو حسن نية , وكما للسيد الوالي كامل الحق في أن يصف قيادات هذا الحراك بالعدمية لأنهم لا يقبلون بالحوار لأنه النهاية الطبيعية لأي حراك احتجاجي هو الحوار من أجل التوصل لحلول مرضية ولا يمكن للاحتجاج أن يكون من أجل الاحتجاج و إلا كانت عدمية فعلا . الوالي صدق أيضا عندما تحدث عن مليارات الدراهم التي صرفتها الدولة ولازالت في السنوات الأخيرة في الإقليم وخاصة بعد الزلزال , كل هذا يحسب للسيد الوالي ولكنه في نفس الوقت يجعل السؤال يطرح إذن لماذا تحتج ساكنة إقليمالحسيمة ؟. السيد الوالي ما ذكرته صحيح ولكن هل لنا أن نسأل معكم كم أنتجت هذه المليارات التي صرفتها الدولة على المشاريع التنموية بإقليمالحسيمة من فرص الشغل ؟ , ولماذا يستمر الإقليم معزولا ؟ , ولماذا لا يستغل المطار الدولي للإقليم بطريقة معقولة ومنتجة ؟ , ولماذا لا ينتج القطاع السياحي المتميز بالإقليم فرصا شغل لأبناء الإقليم ؟ , وكيف تحول مشروع مثل الطريق الساحلي بملايين الدراهم من مشروع لفك العزلة إلى مشروع يعزز العزلة على الإقليم ؟ , أليست البطالة سيدة الموقف في الإقليم السيد الوالي ؟ ... أليست هذه الأسباب و أخرى مدعاة للاحتجاج السيد الوالي في الحسيمة وفي غيرها من مناطق هذا الوطن , أليس الحل في الحسيمة كما في غيرها من مناطق هذا الوطن ؟ , وضع حد للاختلالات والفساد وسوء التدبير الذي يبخر استثمارات الدولة بمليارات الدراهم ويفقدها قيمتها التنموية ويجعل الدولة تصطدم بالمواطنين ؟. شكرا السيد الوالي أن كانت لك شجاعة تجاوز التحفظ , ونتمنى أن لا يكون الأمر ظرفيا فقط لأن جزءا من الحل يكمن في التواصل.