تبحث المتاجر الأمريكية الكبرى عن طرق مبتكرة جديدة لمواجهة مجموعة "أمازون" العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية، بهدف استقطاب الزبائن وتفادي الإقفال الناجم عن تراجع المبيعات. وبفضل تطبيقات خاصة للهواتف الذكية، يعتزم أصحاب هذه المؤسسات التجارية إرسال قسائم تخفيضات للمارين أمام أبوابها لتحفيزهم على الدخول لابتياع منتجاتهم أو لتسهيل تجربتهم في التبضع في الأقسام المختلفة بحثا عن طلبهم. لكن المنافسة مع منصات التجارة الإلكترونية تفرض على هذه المؤسسات القيام بخطوات أكثر تقدما لتعويض تأخرها في هذا المجال. ويقول المستشار للصناعة والتوزيع المتخصص في دراسة السلوكيات روني ماكس: "السبب المحدد لحملهم على المجيء إلى المتجر يكمن في إقامة علاقة مع المتجر". ولا تقتصر المنافسة مع منصات التجارة الإلكترونية على المتاجر الكبرى. فقد استغنت سلسلة صناعة الألبسة الراقية "رالف لورين" أخيرا عن مديرها ستيفان لارسن رغم عدم مرور فترة طويلة على تسلمه مهامه، وذلك بسبب خلافات مع مؤسس الماركة في شأن طريقة "الدفع قدما بالجانب الإبداعي والعلاقات مع الزبائن". كذلك ترك المدير العام الفرنسي لماركة المجوهرات الشهيرة "تيفاني" فريديريك كومينال مهامه في مطلع هذا الشهر إثر نتائج مخيبة للآمال. ويمكن تلمس حدة المنافسة مع المتاجر الإلكترونية لدى الشركات التجارية التقليدية. فقد أعلنت "مايسيز" الشهر الماضي إقفال حوالي مئة من متاجرها الكبرى وإلغاء حوالي 10 آلاف وظيفة. هذه السلسلة قد تباع لحساب شركة "هادسون باي" الكندية. أما "سيرز" المالكة لشركة تحمل الاسم عينه إضافة إلى متاجر "كمارت" الكبرى فقد أعلنت إغلاق 300 متجر في الإجمال منذ أيلول/سبتمبر إضافة إلى الاستغناء عن عدد غير محدد من الوظائف وإجراءات أخرى في محاولة لوقف النزيف المالي الذي تعانيه. ذكاء اصطناعي ومن بين الحلول المقبولة لجذب الزبائن، تسعى المتاجر غير الإلكترونية إلى استخدام موارد الذكاء الاصطناعي لتوجيه الزبائن إلى الرفوف وتجهيز باعتها بأجهزة لوحية معلوماتية تسمح لهم بفهم افضل لعاداتهم والاستعلام عن أسعار السلع وتوافرها. واعتبرت شركة "اكسنتشر ستراتيجي" في تقرير قدم الشهر الماضي في المنتدى الاقتصادي في دافوس أن العقد المقبل سيكون "العصر الذهبي" للمستهلكين لكونهم سيحصلون على "مجموعة آخذة في التوسع من المنتجات والخدمات المفصلة على قياسهم". ويحض هذا التقرير المسؤولين السياسيين على اعتماد استراتيجية لمواجهة "المخاطر المحتملة على المجتمع" الناجمة عن إقفال مواقع التقاء مثل المراكز التجارية وعمليات التسريح الجماعية في التوزيع وتراجع إيرادات السلطات المحلية. وقد أطلقت "رالف لورين" في متجرها الشهير في الجادة الخامسة في نيويورك "حجرة تفاعلية لتجريب الملابس" حيث يمكن للزبائن تجربة ألبسة من مقاسات وألوان مختلفة من دون إخراج أي منها. ويمكن للنظام التكلم بلغات عدة واقتراح قطع ملابس متناسقة بعضها مع بعض وإجراء مدفوعات. وبحسب "أوك لابس" الذي طور هذه الحجرة، زادت المبيعات حتى 55 % في المتاجر القليلة التي وضعت فيها. لكن تكلفتها تبقى باهظة ما يحول دون تعميمها. وتعمل شركة "آي بي أم" العملاقة في مجال تكنولوجيا المعلومات مع تجار على تحليل بيانات مستقاة من ملاحظة عادات الزبائن وسلوكهم بالاستعانة بهواتفهم الذكية. وهذا الأمر يسمح على سبيل المثال بمعرفة هل زار أحدهم قسم الأحذية من دون شراء أي شيء وتشجيعه على تغيير رأيه من خلال إغداق سيل من العروض والتخفيضات عليه. وتنطوي الجهود لجذب المستهلكين إلى المتاجر على جانب لافت لبعض المجموعات التجارية. فقد تعين على مجموعة "سيرز" التي تأسست قبل أكثر من 130 عاما في شيكاغو (شمال)، الانتظار حتى سنة 1925 لافتتاح متاجر غير افتراضية بعدما اكتفت على مدى حوالي 40 عاما ببيع منتجاتها عبر كتيبات ترسل إلى منازل زبائنها المحتملين، في تصور استباقي للنموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه "أمازون" حاليا.