بين عشية وضحاها أصبحت مدينة طنجة من بين أكثر المدن المغربية التي تعرف غلاء فاحشا في المعيشة، وقد مس هذا الغلاء كل شيء تقريبا. وإن كان الجانب الأهم من هذا الغلاء يرجع إلى النمو الاقتصادي الذي تعرفه المدينة، فإن جانبا أخر يرجع إلى جشع بعض "السماسرة". قطاع العقار يبقى من أكثر العقارات التي عرفت ارتفاعا كبيرا من ناحية الأثمنة، فكراء منزل في طنجة أصبح معقدا جدا ومبتغى صعب المنال بالنسبة للبسطاء، فما بالك بشراء منزل في هذه المدينة التي صارت يوما بعد يوما لا تعترف إلى بلغة المال، والمال الكثير. يقول محسن في حديث مع طنجة 24 " 3 أيام وأنا أبحث في أحياء طنجة عن منزل صغير لكرائه كي أبدأ عملي في أحد المعامل، لكنني لم أستطع الحصول على واحد، فالأثمنة مرتفعة جدا تترواح من 1,700 درهم فما فوق للشهر الواحد". ويضيف محسن قائلا " بإمكاني أن أكتري منزلا صغيرا من غرفتين ب 1,700 درهما في الشهر، لكن جشع السماسرة يجعل هذا الثمن يتحول إلى 3,400 درهما وصاحب المنزل يجعله 5,100 درهما دفعة واحدة ! من أين لي بنصف مليون سنتيم من أول يوم !؟". ويفسر محسن كلامه الاخير " سبب كل هذا، أن بعد الاتفاق على ثمن الكراء ب 1,700 درهما للشهر يطالبك السمسار بمبلغ مماثل لقاء توسطه لك، مما يجعل المبلغ يصبح 3,400 درهما، ثم صاحب المنزل يطالبك بثمن شهر مسبق أو ما يسمى هنا ب"الفندو"، فيصبح المبلغ الذي عليك دفعه من أول يوم لك في الكراء هو 5,100 درهما دفعة واحدة !". وفي سؤال طنجة 24 لأحد السماسرة حول هذا الموضوع قال " أجل هذا أمر معمول به في طنجة، على الراغب في كراء منزل أن يمنح ثمن الشهر الاول من الكراء للسمسار الذي توسط له في الحصول على منزل، ثم يدفع ثمن شهرين لصاحب المنزل، الأول ثمن كراء الشهر الاول والثاني يعتبر تسبيق". على عكس السمسار الأول، قال أحد السماسرة الاخرين في حديثه لطنجة 24 بخصوص هذا الجشع " لم يكن هذا الأمر معمولا به في السابق، لكن اليوم بدأ ينتشر وأصبح أغلب السمسارة يعملون بهذا المنطق، إلا قلة قليلة تكتفي بأخذ مبلغ يتراوح ما بين 200 درهم و 500 درهم مقابل توسطها في العملية بين الكاري والمكتري". في بحث قامت به طنجة 24 مع العديد من الذين قاموا بكراء منزل في طنجة في الأشهر الاخيرة، بمجمع العرفان، وبأحياء مثل السواني وبوخالف، أكد الجميع أنهم من أجل كراء المنازل التي يقطنون بها الان، خضعوا للأسلوب الجديد المعمول به في طنجة، أي كان عليهم دفع مبلغ 3 أشهر دفعة واحدة قبل حصولهم على المنزل. وأشار أغلب هؤلاء إلى أن السمسارة أصبحوا هم من يتحكمون في كراء المنازل، ومن الصعب على أي شخص أن يجد منزلا لكرائه بنفسه دون الرجوع إلى السمسار، وهذا الأخير حسب قول الجميع أصبح جشعا جدا. أحد الموظفين في شركة خاصة قام بكراء منزل صغير مؤخرا في طنجة، علق بشكل طريف في حديث لطنجة 24 بشأن جشع السماسرة بهذه المدينة" قال الشاعر المغربي محمد بن ابراهيم المراكشي يوما في قصيدة يهجو فيها أحد المطاعم بطنجة مطلعاها: إذا كان في كل أرض ما تشان به، فإن طنجة فيها المطعم البلدي. فأنا أقول: إذا كان في كل أرض ما تشان به، فإن طنجة فيها السمسار".