كشف وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، عن قرب الشروع في مباشرة أشغال ترميم مسرح "سيرفانتيس" بمدينة طنجة، الذي سبق أن واقفت الدولة الإسبانية، على تسليمه للمغرب. جاء ذلك، خلال مداخلة للصبيحي، في إطار فعاليات المناظرة الجهوية للثقافة، التي تختتم أشغالها اليوم السبت بمدينة شفشاون، حيث أكد بشكل رسمي تسلم المملكة المغربية، لمعلمة "سيرفانتيس"، التي ستنطلق أوراش ترميمها خلال الأيام القليلة القادمة من طرف مصالح وزارة الثقافة. وسبق لمصادر إسبانية، أن كشفت قبل شهور، اعتزام اسبانيا تفويت هذه المعلمة التاريخية للمملكة المغربية بشكل مجاني في إطار اتفاق بين البلدين، تشترط فيه اسبانيا ابقاء هذه المعلمة كما هي، مقابل ترميمها وتحويلها إلى مركز ثقافي. ويأتي هذا التفويت بعد العديد من المفاوضات بين البلدين مدة أزيد من عقدين لم يستطيعا معا الخروج بقرار يؤدي إلى اصلاح وترميم هذه المسرح ذو التاريخ العريق، خاصة أن أسبانيا لم تكن لها القدرة على تخصيص ميزانية كبيرة لترميم مسرح خارج أراضيها حسب مبرر وزارة خارجيتها. وكان المسرح حسب الجرد التاريخي الذي جاء في التقرير، قد شُرع في بنائه في سنة 1911 وتم افتتاحه بشكل رسمي في سنة 1913 من طرف ملاكه انطونيو غاليكو، ومانويل بينيا، واسبيرنزا أوريانا، بسعة تصل إلى 1400 مقعد للمتفرجين. وقد عرف هذا المسرح الذي حمل اسم "غران تياترو سيرفانطيس" أو مسرح سيرفانطيس العظيم، عصرا ذهبيا في الفترة الدولية لطنجة، حيث شهد المسرح في هذه الفترة العديد من العروض المسرحية الشهيرة وحضور فرق مسرحية من مختلف بقاع العالم. وفي سياق أشغال المناظرة الجهوية للثقافة المنظمة من طرف مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، تحت شعار “من أجل إستراتيجية ثقافية في خدمة التنمية الجهوية”، أبرز وزير الثقافة، إن ربط الثقافة بالتنمية الجهوية يطرح قضية جوهرية تتمثل في الربط بين السياسات القطاعية الوطنية والبرامج التنموية الجهوية، وفقا للاختيار الوجيه للمغرب في ترسيخ جهوية موسعة وتعزيز صلاحيات الجماعات الترابية. وأوضح، في هذا السياق، أن الثقافة تشكل، نظرا لسمتها التعددية في إطار وحدة الهوية، المجال الأمثل لاستيعاب وتكريس نموذج جديد للعلاقات بين المركز والجهة، مؤكدا ان الثقافة بمفهومها الشامل، تضطلع بأدوار اساسية في حياة المجتمع، فهي تمثل الهوية واللحمة التي تحقق الانسجام الاجتماعي والقيمي، كما أنها رافعة للتنمية المستدامة. ويأتي تنظيم هذه الفعالية، حسب القائمين عليها، انسجاما مع روح دستور 2011 الذي أسس لهوية متعددة المكونات والعناصر الثقافية، في إطار وحدة الهوية الوطنية، ومن أجل بلورة رؤية واضحة حول خارطة الطريق التي يتعين على مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة السير على منوالها على المدى المتوسط والمدى البعيد فيما يخص تدبير الشأن الثقافي بالجهة، فيما يدخل ضمن اختصاصاته في هذا المجال، سيما ما يتعلق بالاعتناء بتراث الجهة والثقافة المحلية، ودعم الخصوصيات الجهوية. ويراهن مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، من خلال هذه المناظرة، على إبراز المؤهلات الثقافية الغنية والمتنوعة للجهة، والوقوف على المعيقات التي تكبح التطور المنشود لقطاع الثقافة، وكذا استشراف الآفاق الممكنة لتثمين التراث الثقافي وتطويره، ليصبح رافعة فعالة لرهانات التنمية الشاملة المندمجة