تهدف الاستراتيجية الوطنية لتطوير الفضاء الغابوي "غابات المغرب 2020-2030′′، التي أطلقها الملك محمد السادس، في 13 فبراير الماضي، إلى معالجة إشكالية التدهور وخلق توازن بين الحفاظ على الغابة ومواردها وتطويرها. ويشكل تخليد الذكرى ال21 لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه مناسبة لتسليط الضوء على هذه الاستراتيجية، التي تأتي لمواصلة جملة من المخططات والبرامج التي أطلقها الملك، والتي تكرس الرؤية الملكية لتنمية مستدامة ومندمجة، لاسيما مخططات تطوير الطاقات المتجددة، والبرنامج الأولوي الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، والاستراتيجية الفلاحية "الجيل الأخضر 2020-2030. وتروم هذه الاستراتيجية الجديدة استدراك 30 سنة من تدهور الغطاء الغابوي الوطني، التي تقدر مساحته ب9 ملايين هكتارا، وإلى تعزيز تنافسية القطاع وضمان عصرنته، ومصالحة المواطنين مع الغابة، وتطوير موروث غابوي لفائدة كافة الأجيال والفئات الاجتماعية، حسب نموذج تدبير مستدام ومندمج ومدر للثروة. وتهدف، أيضا في أفق سنة 2030، إلى إعادة تغطية أكثر من 133 ألف هكتار -البدء في ذلك عبر تشجير 50 ألف هكتار سنويا في أفق بلوغ هدف تشجير 100 ألف هكتار سنويا بنهاية الاستراتيجية- وخلق 27 ألف و500 منصب شغل مباشر إضافي، فضلا على بلوغ عائدات تثمين سلاسل الإنتاج والسياحة البيئية 5 مليارات درهم كقيمة تجارية سنوية. ومن أجل تحقيق هذه النتائج، تعتمد استراتيجية "غابات المغرب 2020-2030 " على خمسة توجهات تتعلق بجعل الغابات مجالا للتنمية، وضمان التدبير المستدام للثروة الغابوية، واعتماد مقاربة تشاركية مع المستعملين، وتقوية القدرات الإنتاجية للغابات، وحماية التراث الطبيعي. ومن أجل رفع هذه التحديات، تفترح الاستراتيجية أربعة محاور رئيسية يهدف الأول منها إلى خلق نموذج جديد بمقاربة تشاركية، تكون الساكنة أول شريك في تدبيره، والثاني في تدبير وتطوير الفضاءات الغابوية حسب مؤهلاتها، والثالث منها إلى تطوير وتحديث المهن الغابوية من خلال إنشاء مشاتل غابوية حديثة ورقمنة وسائل تدبير القطاع والمهن المتعلقة به، فيما يرتكز المحور الرابع على الإصلاح المؤسساتي للقطاع من خلال تأهيل الموارد البشرية، وإنشاء قطب للتكوين والبحث وإنشاء وكالتين، وكالة المياه والغابات، ووكالة المحافظة على الطبيعة. ويعتمد المحور الأول، على برامج إحداث أكثر من 200 منظمة محلية لتنمية الغابات والتعاقد مع الساكنة حول برامج تشاركية من أجل حماية 50.000 هكتار من الأشجار المغروسة سنويا وإنشاء شبكة جديدة للتنشيط الترابي تضم أكثر من 500 منشط من أجل لعب دور للوساطة مع الساكنة المحلية، وكذلك تشجيع عقود كراء حق القنص لفائدة الجمعيات والشركات تبعا لدفتر التحملات. ويخص المحور الثاني، تدبير وتطوير الفضاءات الغابوية حسب مؤهلاتها وذلك بتشجيع الإستثمار الخاص على مساحة 120.000 هكتار من أشجار الأوكاليبتوس والصنوبر، مع تحديد صارم للإلتزامات الاجتماعية للمتدخلين من القطاع الخاص وكذلك تهيئة وتثمين شبكة المنتزهات الوطنية العشر من أجل إعطاء الإنطلاقة الفعلية لسياحة بيئية مزدهرة. وبالنسبة للمحور الثالث، فيتعلق بتطوير وتحديث المهن الغابوية عن طريق إنشاء مشاتل غابوية حديثة بمواصفات عصرية بشراكة مع القطاع الخاص، وذلك مع الحرص على المحافظة على الخاصية الوراثية للغابات المغربية. كما تشكل رقمنة وسائل تدبير القطاع وتطوير وتنمية المسارات التقنية الغابوية أحد ركائز هذا المحور. ويتعلق المحور الرابع بالإصلاح المؤسساتي للقطاع عن طريق خلق وكالة المياه والغابات، والتي ستسند إليها مسؤولية الإدارة السيادية للملك الغابوي دون المنتزهات الوطنية، ووكالة المحافظة على الطبيعة وستناط بها مسؤولية تدبير المنتزهات الوطنية، كما سيرتكز هذا المحور على ملائمة الإطار القانوني وتأهيل الموارد البشرية وفقا لخصائص المهن الغابوية وكذا إنشاء قطب للبحث والتكوين. وستنفذ استراتيجية "غابات المغرب 2020-2030′′، باعتبارها رافعة حقيقية لتطوير الغطاء الغابوي، على المستوى الترابي حسب خصائص ومؤهلات كل جهة، وذلك بتنسيق مع كافة المتدخلين، حسب مبادئ الحكامة الجيدة في ما يخص تتبع وتقييم المستثمرين وكذا مؤشرات النجاعة والمردودية وتعكس هذه الاستراتيجية الطموحة الإرادة الملكية الراسخة للمحافظة على البيئة وتأمين مستقبل أكثر أمنا وازدهارا واستقرارا للفئات الصاعدة.