دعم الجمعيات والديمقراطية التشاركية المفترى عليه أثار طرح دفتر التحملات الخاص بدعم الجمعيات من طرف مكتب المجلس الجماعي لطنجة في الأيام القليلة الماضية الكثير من النقاش والجدل حول مضامينه وطريقة صياغته والسياق العام الذي أتى فيه، وقد كانت هناك محاولات لإظهار هذا النقاش أكثر حدة بين من يعتبرون أنفسهم معنيين ومتدخلين في الموضوع، لكن وضع دفتر تحملات يحدد شروط ومعايير استفادة الجمعيات من الدعم المالي للجماعة لهو خطوة إيجابية ومهمة خصوصا وأنها الأولى من نوعها في طنجة، لهذا تستوجب بعض الاحترام والتشجيع، وكما عبر عن ذلك مجموعة من الفاعلين في المجتمع المدني فإن إجراء كهذا كان يجب اتخاذه وفق مقاربة تشاركية شمولية ومندمجة تراعي خصوصية المجتمع المدني المغربي خصوصا في علاقته بالسلطة والمجالس المحلية المنتخبة. ومن موقعنا كباحثين ومهتمين بالموضوع سنساهم ببعض الملاحظات إثراءا للنقاش وإغناءا له. أولا : زوبعة في فنجان : إن الخطاب التسويقي الذي انتهجته الجهة التي صاغت دفتر التحملات وتقديمه على أنه وثيقة تؤسس لمرحلة جديدة وتقطع مع الأساليب القديمة في استفادة الجمعيات من دعم الجماعة التي كانت تحكمها معايير المحسوبية والزبونية والإنتماء الحزبي ومنطق الإرضاء والتصدق...يبقى خطاب حماسي وسابق لأوانه إلى حين نشر لوائح الجمعيات المستفيدة من دعم المجلس الحالي ولكل حادث حديث. ثانيا : حق يراد به باطل : إن العقلية التي صاغت دفتر تحملات دعم الجمعيات هي العقلية نفسها التي صاغت دفتر تحملات الإعلام العمومي من طرف وزارة الاتصال وهي العقلية نفسها التي صاغت شروط ومعايير استفادة الجمعيات الحقوقية من دعم وزارة العدل والحريات حيث تحتكم لمنطق الترقاع والبريكولاج والروتشة والاكتفاء بأنصاف الحلول عوض حل المشكل بشكل جذري وعميق. ثالثا : تفصيل على المقاس : رغم محاولات التعبير عن حسن النية من طرف أصحاب دفتر التحملات إلا أنه يبدو أن معظم الشروط والمعايير التي تم وضعها تكاد تنطبق وتتوفر في جمعيات بعينها ومحسوبة عل تيار سياسي معين، وأن ليس هناك ضمانات للإنتقاء والإقصاء والاستغلال للجمعيات التي ترفض أن تكون ملحقة حزبية أو بوق في الحملات الانتخابية. رابعا : الديمقراطية التشاركية المفترى عليها : إن الحديث عن الديمقراطية التشاركية وآلياتها التي تسمح بإشراك الجمعيات والمواطنين في تدبير الشأن العام والمساهمة في صناعة القرار السياسي وتتبعه في واقع سياسي معيب ومعطوب ويعاني تشوهات بنيوية في طبيعة النظام وشكله، يعتبر تشبت غير مبرر بسياسة الهروب إلى الأمام وتكريس لواقع هجين وممسوخ وتغليط للرأي العام وتوهيمه بديمقراطية صورية وكاذبة، إن الديمقراطية التشاركية لا يمكن أن تنجح وتستقيم إلا بعدما تستنفذ الديمقراطية التمثيلية كل أدوارها ووظائفها بانتاج مؤسسات منتخبة حقيقية وقوية ولها كل إمكانيات ووسائل الحكم والتدبير وليست صورية وكسيحة خاضعة للمركز وممثليه المعينين في الجهات والجماعات، ففاقد الشيئ لا يعطيه والحديث عن إشراك مجتمع مدني هاو وغير مستقل ومدجن في التسيير مع مجالس منتخبة تفتقد لاختصاصات ووسائل وإمكانيات حقيقية بعيدا عن وصاية رجال السلطة والتبعية للمركز لهو تجذيف وتسفيه لذكاء الناس.