افتتحت فعاليات الدورة الخمسين للمعرض الدولي للكتاب ببروكسيل، يوم أمس الأربعاء بالعاصمة البلجيكية، خلال حفل يحتفي بالتنوع الثقافي للمغرب، ضيف شرف هذه الدورة. وطوال أمسية الافتتاح، التي تخللتها عروض موسيقية مستمدة من غنى الموروث الوطني العريق، تقاطعت الشهادات حول أهمية اختيار المملكة، المشهود لها بإنتاجها الأدبي الغزير متعدد الأوجه، على غرار تنوعها الثقافي، والتي تحل كضيف شرف على هذه التظاهرة الثقافية الوازنة بالعاصمة البلجيكية. ورحب منظمو وأعضاء الحكومة البلجيكية، وعلى رأسهم رئيسة الوزراء، السيدة صوفي ويليمس، بالحضور الوازن لجودة الأدب المغربي في المعرض، الذي جرى افتتاحه بحضور سفير المغرب في بلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، السيد محمد عامر، والكاتب العام لقطاع الاتصال، السيد مصطفى التيمي، الذي يترأس الوفد المغربي. وفي تصريح لها بهذه المناسبة، قالت السيدة ويليمس “نعلم مدى تميز وحميمية العلاقات القائمة بين المغرب وبلجيكا، فهناك الكثير من المغاربة الذين يعيشون على أرض بلجيكا وبلجيكيون يربطون علاقات جد وثيقة مع المغرب، ومن ثم، فإن قرار إقامة رواق مخصص للمغرب هنا لأمر رائع للغاية، حيث سيمكننا من التعرف على بعضنا البعض على نحو أكبر”. وأكدت رئيسة الوزراء البلجيكية في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنها ممتنة للوقوف على وفرة الإنتاج الأدبي المغربي بلغات مختلفة، بالعربية والفرنسية وحتى الهولندية، قائلة إن “هذا المزيج الثقافي من الأهمية بما كان بالنسبة لبلجيكا، وهذا أيضا ما يصنع ثرائنا المشترك”. وفي السياق ذاته، أوضح وزير الثقافة ببروكسيل، السيد بنيديكت لينارد، أن “الاحتفاء بغنى الكلم المغربي يعد طريقة يتم بها تثمين العلاقات التي تجمع بين بلجيكا والمغرب، وكذا الثقافة الدينامية الراسخة بشكل عميق في مشهدنا الثقافي”. من جهته، أوضح السيد التيمي في كلمة تلاها باسم وزير الثقافة والشباب والرياضة، الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد الحسن عبيابة، أنه وبمناسبة هذه الدورة الجديدة من هذه التظاهرة السنوية للكتاب ببروكسيل، التي ي حتفى فيها بالمغرب كأول بلد عربي وإفريقي يحضرها كضيف شرف، سطر قطاع الثقافة المغربي برمجة جد غنية تدعو إلى اكتشافها طوال المعرض من خلال الرواق المغربي. وأشار في هذا الصدد إلى برمجة سلسلة من اللقاءات، والنقاشات، والحوارات، وما لا يقل عن 50 توقيعا، فضلا عن مكتبة كبرى من الإصدارات المقترحة من قبل دور النشر المغربية، والإنتاجات بمختلف اللغات للمؤلفات والمؤلفين المغاربة، “الذين تشرفنا الدينامية التي يتميزون بها، والتي تعتبر مصدر فخر بالنسبة لنا”. وأشار في هذا السياق إلى أن المغرب “يعد بلدا يشهد به القطاع الثقافي طفرة أكيدة تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من الثقافة بالمغرب رافعة للحداثة والتقدم”. ولعل ما يشهد على ذلك- حسب الوزير – المهرجانات الكثيرة التي أضحت مسطرة ضمن الأجندة العالمية، من قبيل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومهرجان موازين بالرباط، ومهرجان الموسيقى الروحية بفاس، ومهرجان موسيقى كناوة بالصويرة، ومهرجان الراي بوجدة … إلخ. وخلص إلى أن المغرب “بلد يستمد قوته من مكوناته العربية-الإسلامية، الأمازيغية، الصحراوية- الحسانية، والتي تغذيها وتغنيها روافدها الإفريقية، الأندلسية، العبرية والمتوسطية”. من جهته، أشاد السيد هيرفي جيرارد، رئيس مجلس إدارة معرض الكتاب ببروكسيل، ب “هذه البرمجة الغنية للغاية التي تفسح المجال لمؤلفين وكتاب باللغات العربية، الأمازيغية، الفرنسية والهولندية، اللغات الأربع الممثلة في الأدب المغربي”، مذكرا بأن الثقافة المغربية “تضيف الكثير للثقافة البلجيكية التي تعد ثقافة تعددية” وسط أوروبا، مع تأثيرات قادمة من الشمال، الجنوب، الغرب، وبالتأكيد من شمال إفريقيا، لاسيما المغرب. وخلص إلى أنه “لشرف كبير بالنسبة لنا استضافة المغرب كضيف شرف خلال هذه الدورة”. واختير للمشاركة الوطنية في هذا المعرض شعار “المغرب يتجلى”. فمن خلاله يع د الرواق المغربي جمهوره بلقاءات مميزة حول سحر الكلمات وجمالية الحرف، وذلك عبر نحو أربعين كاتبا من المغرب والخارج. ويستقطب معرض الكتاب ببروكسيل، الذي فرض نفسه خلال خمسين سنة كحدث أدبي مرجعي في أوروبا، والذي يستقطب نحو 72 ألف زائرا كل سنة، وأزيد من 250 عارضا و500 دار نشر. فإذا كان يبدو كفضاء للتعبير الفرونكفوني، فإنه أضحى يكتسب بعدا دوليا، وذلك من خلال تحوله أكثر فأكثر صوب مؤلفين من العالم بأسره.