– غزلان اكزناي: وأنت تتجول في منطقة السواني بمدينة طنجة، لا بد أن تقودك قدماك إلى شارع "الأطلس" الذي لم يكن أحسن حالا من باقي الأحياء الأخرى بالمدينة، بعد أن أضحى يعرف ذروة جديدة من الحياة، بألوانه الساحرة التي تتربع طرقاته، ومنظره الخلاب الذي ستكتشفه وأنت تنساق عبر ممراته البديعة المرصوفة بأصص نباتات مختلفة، زادته بعبيرها و سحرها رونقا ليكون قدوة لباقي أحياء عاصمة البوغاز. "بدلا من أن تعلن الظلام، قم بإنارة شمعة "، هذا ما قام به سكان الحي. لم تكن فكرة إنارة الشمعة موقع مجازفة أو ضربا من الصدفة، و إنما جاءت بقرار ومبادرة جماعية عرفت النور سنة 2012، فأصبح "شارع الأطلس" نموذجا يحتدى به في النظافة والالتزام، ليحذو حذو المثالية ويحاكي نسق الجدية وروح التعاون والتضامن بين سكانه. عند المدخل الخاص للحي المتوج بالتميز والاختلاف، ستغتنمك معجزة المكان، حيث يتهادى الزمن بمشيته وهو يرافقك متخليا عن طبعه المتعجل، ومعلنا عن إجازة مفتوحة أمام بساطة المكان وسحره، الذي سيستأسدك على إيقاع سيمفونية اللونين الأبيض والأزرق المنسابة في غير ضوضاء على واجهات المنازل و المباني. انبثق الحلم من تآزر واتحاد السكان البسطاء كما كشف أحد حاملي لواء هذه المبادرة لجريدة "طنجة 24" الالكترونية، "الفكرة جاءت بعد اتفاق عدد محدود من سكان أحد الأزقة"، يقول يوسف بن عيسى، قبل أن يردف متحدثا "إلا أن صداها (الفكرة) سرعان ما تردد في باقي الأزقة واستحسنها العديد من السكان الذين شرعوا في تبليط واجهات منازلهم باللونين الأبيض والأزرق، وهما لونان يرمزان بشكل كبير لمدينة طنجة ذات الواجهتين البحريتين". جهد ساكنة المنطقة جعل من حيهم مرادفا للمثالية ومحضنا للجمال والنظافة، بعد أن قاموا بتزيينه بالنباتات المنزلية و صباغته بلون موحد، مع نصب كاميرا لمراقبة أي عمل تخريبي يطال أبّهة الحي المتواضعة، فكان التتويج حليفهم تمثل في حصولهم عن جدارة واستحقاق جائزة النسخة الثانية من "مسابقة أجمل حي بطنجة" المنظمة من طرف منتدى "طنجة الخضراء". إدارة المنتدى أكدت في بلاغ لها أن هذه المبادرة التي تبناها سكان الحي جاءت من صنيع حسهم التطوعي ومجهوداتهم الشخصية، لتتجرد من أي دعم حزبي أو إنتماء سياسي أو جمعوي أو حتى خلفيات أخرى وراء هذا الموضوع، ولتصبح هي البدء والقرار والهدف والمثال الذي يحتدى به، علما بأن إحدى الجمعيات الناشطة بتراب مقاطعة السواني سارعت إلى تبني الفكرة والمساهمة في تشجيعها، إلا أن سكان الحي ارتأوا فرض استقلاليتهم بعيدا عن أي دعم جمعوي فواصلوا عملهم بصمت و تركوا لانجازهم عناء الحديث و الشهرة. عبد الصادق بن ترشيح، مسؤول بشركة "سيطا البوغاز" الفرنسية العاملة في مجال تدبير النظافة على مستوى منطقة طنجة الشرقية (وفق التقسيم الجديد لمدارات التدبير المفوض)،عبر في وقت سابق، عن انبهاره بجمالية ورونق أحياء وأزقة شارع أطلس بمقاطعة السواني، نتيجة مبادرات عفوية من طرف الساكنة. ونوه عبد الصادق، خلال لقاء تواصلي عقده في وقت سابق مع ساكنة أحياء شارع أطلس، بالحس والوعي الذي أبان عنه هؤلاء المواطنين من خلال مبادراتهم التي شملت تبليط البنايات والجدران في مختلف الأزقة، مما أضفى عليها رونقا وجمالية ميزها عن الكثير من مختلف أحياء ومناطق مدينة طنجة. كان حلما وأضحى واقعا يتقاسمه سكان حي شارع الأطلس، جمعهم وكأنهم في جنة الله على أرضه، تمنحهم سيلا من الهدوء وترياقا ضد أمراض الحياة البيئية، فكانوا ممن أضاءوا في ظلمة العتمة قبس التميز، لتقتدي بهم أحياء أخرى التي أخذت هذه المبادرة بدورها على محمل الجد وقامت بتزيين فضاءاتها دون حاجة والتجاء لجمعيات أو مؤسسات أو حتى أحزاب سياسية.