كثيرا ما تتكرر كلمة “المخزن” في المجال التداولي العام في مجتمعنا المغربي، غير أنه يلتبس علينا تحديد هذا المفهوم بدقة في كثير من الأحيان، وأرى أن مفهوم المخزن ضارب في القدم، قدم نظام الحكم وفساد ممارساته، وللكلمة حمولة سلبية في تصويرها للسلطة، ومن بين ما يُقصد بالمخزن هو مجموع النخب السياسية المتحكمة في السلطة، يندرج فيها الأعيان، و الوجهاء، و كبار الموظفين، الذين يعملون في نسق يجتمع فيه ماهو اقتصادي، و سياسي، و ديني، وثقافي، الهدف منه، السطو على خيرات الشعب، و إفساد الحياة السياسية، والعامة، من أجل استمرارية السلطة في يد بعض الأعيان، والرموز. وسبق أن صرح الجنرال “أوفقير” الذي قاد محاولة انقلاب فاشلة و المعروف باشتغاله من داخل هذا النسق المخزني واصفاً مُهمتهم فيه بقوله: “إن المخزن يرى البلد بقرة حلوبا يراد منا أن نمسكها من قرونها بقوة حتى تتمكن طفيليات الداخل والخارج من حلبها في أمن وأمان” وهُوَ قول لعارفٍ خبِرَ المخزن ودواليبه، يؤكد فساد هذا النسق.. لذا فمجموعة من الحركات الاحتجاجية، و المنظمات الجذرية، أو الإصلاحية، طيلة فترة التاريخ المعاصر، ما فتئت تلصق فساد الحياة السياسية والعامة بالمخزن، وتبشر بدولة الحق والقانون و العمل بالديمقراطية في حال الإطاحة بنظام المخزن ، لذا نجد أحد أكبر مناضلي اليسار الذي تم اختطافه واغتياله والمعروف بالمهدي بن بركة يؤكد على ربط التحرر بزوال هذا النسق بقوله: “المغاربة لا يستحقون الحرية ماداموا يخافون من المخزن” و أرى ضرورة لإسقاط هذا النسق إذا ما أردنا أن نتحول إلى دولة مدنية ديمقراطية تبنى على المؤسسات وليس على الأعيان، بمشاركة الجميع في النهوض بالحياة السياسية لا على الاستفراد بالسلطة، تؤسس لقيم التعدد والاختلاف، لا قيم الإقصاء والاستبداد أو تكريس إيديولوجيات جامدة ترفض الأخر، دولة تحكم بتوجه الأغلبية مع حفظٍ لحقوق الأقلية، دولة تُرعى فيها حقوق الإنسان. لذا فتحقيق الدولة التي نبغي، و اللحاق بركب الدول المتقدمة، مرهون بانخراطنا في مخاض الإصلاح والدعوة للتغيير والقطع مع مرحلة الماضي، ماضي الاستبداد، وإسقاط حكم المخزن.