تحية تربوية خالصة؛ حضرات السيدات والسادة؛ وبعد؛ سأنتهز مداخلتي هذه بالتعقيب أولا وقبل كل شيء على مداخلة السيد الوزير في الدورة السابقة المنعقدة بولاية أكادير بتاريخ: 28 يونيو 2009، والذي كنا نتمنى أن يترأس هذا المجلس للرد عليه مباشرة، والذي لم يعطنا الفرصة للمناقشة وبالتالي نسجل استغرابنا لمسؤول تربوي وزاري يرد على مداخلاتنا بإهانة واحتقار وسلطوية، حيث اعتبرنا خارج الحدث التربوي وأناسا غير مسؤولين وغير واعين ينتقدون المخطط الاستعجالي من مرجعية كلام المقاهي، كما نسجل احتقاره لنساء ورجال التعليم حيث اعتبرهم جاؤوا بالصدفة إلى التعليم ضاربا عرض الحائط كفاءتهم وتضحياتهم الجسام التي لولاها لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم. كما نستنكر تخريجاته الإعلامية العبثية باحتقاره لنساء التعليم معتبرا إياهن مجرد حقيبة سفر في أيدي أزواجهن. حضرات السيدات والسادة: من هذا المنبر نستنكر هذا الأسلوب اللاتربوي واللاحضاري الذي ينم عن نوع من "الحُكرة" والاحتقار والدونية لنساء ورجال التعليم في الوقت الذي كنا ننتظر من السيد الوزير تقديم الاحترام والتقدير والتحفيز ورد الاعتبار لهذه الفئة المهمشة في البلاد، كما نستنكر أسلوب التضليل والمغالطات التي عقب بها مداخلاتنا، ونقول له من خلال هذا المجلس الإداري الموقر إننا أعضاء مجلس إداري محترمين جئنا بطريقة ديمقراطية لنمثل حق الآباء والأمهات والأولياء في تعليم أبنائهم تعليما جيدا وديمقراطيا، كما جاءت به الفقرة الثانية من المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموقعة من طرف المغرب، والتي تقول: «للأسر الحق الأول في اختيار نوع تربية بناتهم وأبنائهم». لا نقبل أسلوب التهديد لأننا لا نُرهب ولا نُركع له. حضرات السيدات والسادة: اسمحوا لي على هذا الجزء من مداخلتي التي كان لا بد من إثارتها باعتبار أن المدخل الحقيقي لتقدمنا وتقدم منظومتنا التربوية هي الديمقراطية الحقيقية المبنية على الثقافة التشاركية الحقيقية والمستحضرة للاحترام المتبادل في صياغة كل مشروع مجتمعي/تربوي. إن قوة الدولة من قوة المجتمع، وضعف تنظيماتها أو إضعافها هو إضعاف للدولة وأن الخيار السياسي الوحيد للتقدم هو الشرط الديمقراطي الحقيقي الذي يتم فيه إرادة إشراك الجميع في اتخاذ القرارات المصيرية للبلاد. بعيدا على عكس ما يقع عندنا الآن، أجهزة صورية تُزكي وتُشرعن لقراراتٍ غير ديمقراطية والنموذج هذا المجلس الإداري الذي نستغرب أن جل القطاعات الحكومية أتت اليوم لتصادق على الميزانية بالرغم من كونها لم تشارك قط في الإعداد لها ومناقشة برامجها داخل اللجن الدائمة على مستوى الأكاديمية، وهذا نعتبره نوعا من العبث الديمقراطي. يجب وضع نقطة نظام أمامه؟.. حضرات السيدات والسادة: انسجاما مع مواقفنا الثابتة والتزامنا بالدفاع عن مصلحة أبنائنا وبناتنا وعن المدرسة العمومية كإطار طبيعي للتنشئة الاجتماعية وإعداد الأجيال المواطنة والمسؤولة، وكمؤسسة للتنشئة الديمقراطية الحقيقية والضامنة للتوزيع العادل للرأسمال المعرفي ولتكافؤ الفرص بين أبناء المغرب، وتأكيدا لموقفنا المبدئي من البرنامج الاستعجالي الذي فرضته علينا الوزارة دون إشراك كل الفاعلين في الحقل التربوي والذي قدمنا فيه كمكتب وطني للفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب قراءة نقدية أولية والذي تروم خلفيته السياسية الباطنية إلى تسريع تدمير ما تبقى من المدرسة العمومية وخوصصتها عبر تقديم تنازلات ظرفية وعبر شعارات إشهارية مسكنة للآلام وحاملة لتمثلات نوعية من الأحلام، سرعان ما بدأ الواقع التربوي المتردي يعريها، والذي أرست الدولة بشكل ممنهج لبِناته الأساسية، لخشيتها اقتسام المعرفة قبل اقتسام الثروة لأنها المدخل الحقيقي للوعي. وإيماننا العميق بضرورة اختيار المرافعة الحقيقية للشأن التربوي جهويا بعيدا عن سياسة التضليل والتغليط من خلال هذا الفضاء الذي يسمح لنا على الأقل أن ننقل لكم بالعين المجردة ما تعيشه مدرستنا العمومية من واقع مرير غير ما تشهد به عروضكم وتقاريركم وكلماتكم. حضرات السيدات والسادة: في سياق تتبعنا ومواكبتنا لمستجدات الشأن التعليمي إقليميا وجهويا ووطنيا كنسيج جمعوي جهوي ووطني، لا يسعنا إلا أن نسجل أهمية القرار الوزاري الرامي إلى رد الاعتبار لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة المتمثل في جعل يوم 30 شتنبر من كل سنة يوما وطنيا لها والذي لم ندخر جهدا للمطالبة به منذ سنوات. كما نسجل كذلك إيجابية مأسسة لعلاقة واضحة وجديدة بين الوزارة وجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة من خلال إعداد مشروع ميثاق تشاركي أعدته الوزارة مع فيدراليتنا الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب والذي نتمنى من هذا المنبر أن تسرع أكاديمية جهتنا بتفعيل ما جاءت به المذكرة الوزارية رقم 134 استعدادا لإخراج الميثاق/المشروع وطنيا لحيز التنفيذ في أقرب الآجال. حضرات السيدات والسادة: يأتي انعقاد الدورة الثامنة للمجلس الإدارية لأكاديمية جهة سوس ماسة درعة في ظروف جد حساسة تطبعها تراكمات أسئلة مقلقة نابعة من أعماق واقعنا التربوي الذي نعيش حرقته في كل لحظة. ونابعة كذلك من هموم الأمهات والآباء الذين يترقبون بحذر وخوف شديدين مستقبلا غامضا لأبنائهم وبناتهم. هل نحن فعلا ضربنا موعدا مع التاريخ؟ هل نحن فعلا نبني جسما تربويا مؤهلا لصالح أبنائنا وبناتنا؟ أم نحن هنا اليوم لهدر الزمن والمال العام؟ حضرات السيدات والسادة: حقيقة الأمر وبالرغم من الأغلفة المالية الضخمة المرصودة لقطاع التربية والتكوين وبالرغم من المجهودات المبذولة، نؤكد أن لا شيء يتقدم عندنا وأن الوضع يزداد سوءا بعد سوء في زمن المخطط الاستعجالي الذي فرض عليه الواقع التربوي المتردي أن يكون مخططا ارتجاليا بامتياز والذي نورد نماذجا منه فقط: إشكالية الحكامة على مختلف المستويات: تقول الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (تراسبرانسي المغرب) في تقريرها الذي أعدته هذه السنة من خلال بحث ميداني همّ الشأن التربوي: «إن قطاع التعليم يواجه انحرافات في نظام تدبيره وفي نظام حكامته حيث إن تحليل نظام التمويل ومساطر إعداد ميزانية التربية الوطنية وكذا الأطراف المعتمدة بهذه العملية ومعايير الشفافية المالية تكشف غموضا كبيرا في مساطر التمويل والمعايير المعتمدة في هذا التخصص». - الدعم الحكومي في الميزانيات المرصودة للأكاديميات لا يتوفر على حكامة جيدة لترشيده. - الوزارة ما زالت بعيدة عن سياسة اللامركزية (التوظيفات، الإحداثات، البرامج والمناهج، الامتحانات...). - غياب استراتيجية حديثة ومساطر قانونية دقيقة للتسيير. - مشاكل جهوية يتجاوز حلها جهويا. - عدم الاهتمام بالتوصيات وإحداث خلية لها لتتبعها وإخراجها لحيز التنفيذ. - المجلس الإداري جهاز شكلي ما لم يعد النظر في تركيبته لينسجم ومبدأ الديمقراطية الحقيقية وكفضاء للمرافعة والتدخل بالبدائل والمقترحات المناسبة في الزمن والمكان. حضرات السيدات والسادة: إن ما ميّز الدخول المدرسي لهذه السنة جهويا في زمن تفعيل المخطط الاستعجالي لا يمكن إلا أن نقول عنه كارثيا يُنذر بعواصف لا نتوقع نتائجها، فالمذكرة 60 تبدو عاجزة على تطبيق الحد الأدنى مما جاءت به أمام الإشكالات والإكراهات الكبرى التي تعيشها كل مؤسسة على حدة، فمازال أبناؤنا وبناتنا في بعض المؤسسات لم يحتفلوا بما يسمى عيد المدرسة، وبالتالي لا يدرسون، فمازالت إلى اليوم مدارسٌ وفرعيات بدون أساتذة والنموذج الحي نيابة ورزازات التي تعاني من خصاص مهول في الأساتذة: 269 في الابتدائي وأزيد من 40 في الإعدادي والتأهيلي، وبهذه المناسبة نشد بحرارة على أيادي النقابات الإقليمية الخمس التي تعتصم بمقر مكتب النائب الإقليمي للمطالبة بسد الخصاص. ومن هذا المنبر نقول لكم إن هذه الشارة الحمراء الني نحملها مع زملائنا النقابيين داخل قبة المجلس الإداري لتعبير عن سخطنا لما يعيشه الوضع التعليمي بجهتنا من تردٍّ، كما هو تعبير للتنديد بسياسة الارتجال التي تنهجها وزارتكم لحل مشاكلنا، كما هو تعبير ومساندة للإضراب الجهوي المشروع والوفقة الاحتجاجية أمام مقر انعقاد المجلس الإداري التي دعت لها النقابات التعليمية وفيدراليات جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة وجمعيات المجتمع المدني، فألف تحية لهؤلاء المناضلين والمناضلات الذين لا يناضلون إلا لمصلحة المدرسة العمومية المستجيبة لتكافؤ الفرص والقيم المواطنة والمصلحة الفضلى للوطن. محور الموارد البشرية: - النقص الفضيع في الأساتذة في أغلب النيابات. - تهريب مجموعة من الأستاذات المحظوظات من نيابة تزنيت إلى إدارة الأكاديمية مما عمق أزمة الخصاص بها. - التستر على بعض الأشباح المحظوظين. وفي ظل منهجة تعميق الأزمة وتحت شعار: "جميعا من أجل مدرسة النجاح" والجودة، التجأت وزارتكم إلى التوظيفات المباشرة التي تضرب في عمقها الضوابط القانونية والمسطرية والإدارية الجاري بها العمل كما تضرب مبدأ الجودة والحكامة ومبدأ تكافؤ الفرص بين أبنائنا وبناتنا من خلال غياب تام للتكوين، حيث أصبح ميدان التعليم ميدانا خصبا لكل أصناف البطالات التي أنتجتها المنظومة التربوية وسوق الشغل، والتي بالمناسبة لسنا ضد الشغل لأبنائنا وبناتنا بقدرما نحن ضد طريقة التوظيف التي تنهجها وزارتكم. وإذا سمحت الوزارة المحترمة سأورد عليكم نموذجا حيا لنوعية هذا التوظيف وأثره على أبنائنا وبناتنا: يروي لنا أحد أعضاء الفيدرالية الإقليمية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بورزازات في اجتماع مسؤول أنه طرح على ابن أخته الذي أسند إليه تدريس أحد المواد بالإعدادية، بعدما كان سائق طاكسي أزيد من خمسة عشر عاما السؤال التالي: كيف تدرس تلامذتك؟ أجابه: إنني أرتجل كل شيء وفي غالب الأحيان تنتابني نوبة أتخيل فيها أنني مازلت سائق طاكسي كبير وتجدني أرفع صوتي عاليا أمام التلامذة وأقول: واحد تازناغت... واحد تازناغت.. - التوظيف بالعقدة والذي يأزم اجتماعيا ونفسيا الأستاذ ويؤثر على العملية التربوية إذا افترضنا وجودها. - اللجوء إلى الأقسام المشتركة التي نعتبرها غير تربوية والتي تعمق في إذكاء الفوراق وعدم تكافؤ الفرص وسوء المنتوج التربوي (نموذج ورزازات 1028 قسم مشترك). - حذف الساعات ببعض المواد. - حذف التفويج في المواد العلمية. - اللجوء إلى عملية الضم القسري. - التفييض القسري. - التوظيف بالتربية غير النظامية. - التوظيف بالمبادرة للتنمية البشرية. - اللجوء إلى مستخدمين بالجماعات المحلية والمقاطعات. - خلق نواة في مؤسسات ابتدائية قسرا. - السطو على مؤسسات ابتدائية وإعدادية لفائدة الثانوي التأهيلي. - قلة الأعوان والمنظفين والحراس (نموذج زاكورة 44 مؤسسة ابتدائية بدون أعوان). - فشل التدبير المفوض (غياب الأمن بداخل ومحيط المؤسسات المستفيدة، غياب النظافة والخدمة المؤداة عنها...). المحور البيداغوجي: -تحكُّم الخريطة المدرسية في نسبة النجاح مما يسبب في ضعف المستوى وازدياد نسبة الهدر المدرسي، وبالتالي يُطرح سؤال، ما جدوى التكوين المستمر بالمقاربات البيداغوجية؟ إذا كان المتعلم لا يستوعب الكفايات الضرورية بكل مستوى؟ - البرامج والمناهج غير مؤهلة للتربية والتكوين وبالتالي يغلب عليه الطابع التجاري الخاضع لمنطق السوق. - الارتجال والعبث في التكوين المستمر (غياب استراتيجية وطنية وجهوية واضحة المعالم والأهداف). - نظام التقويم مشلول لا يستند إلى مشروع تربوي بيداغوجي وطني. - إعادة التمدرس يبقى شعارا لا يستند إلى واقعية التفعيل لإكراه الاكتظاظ وغياب البنيات التحتية والموارد البشرية. - الإعلام والتوجيه شبه مشلول. - الصحة المدرسية غير متوفرة. محور البناءات المدرسية: - تحكم الوزارة في الإحداثات. - سوء برمجة وعدم إنجاز البنايات والتوسيعات المبرمجة للموسم الدراسي الحالي مما ترتب عنه الاكتظاظ والتفييض القسري وأرباك الدخول المدرسي. - عدم إنجاز الأشغال المقررة. - السطو على مدارس ابتدائية وإعدادية وتحويلها إلى ملحقات وترحيل تلامذتها والعاملين بها قسرا. محور الدعم الاجتماعي: - الداخليات مازالت تعيش اختلالات كبيرة. (سوء جودة الخدمات، الأسرّة مهترئة، الاكتظاظ، غياب شروط الصحة والسلامة، عدم تفعيل الرسالة المؤطرة للزيادة في المنحة، سوء التغذية...). - النقل المدرسي يحتاج إلى جهود كبيرة بمنح الثقة للمستثمرين فيه ذوي الثقة والتجربة والذين أعطوا نتائج إيجابية فيه. قضايا مرتبطة بالتسيير والتدبير والاستثمار في المجال العلمي: حضرات السيدات والسادة: نسجل في هذا المحور ما يلي: - عدم انخراط السلطات المحلية في مجهودات الإصلاح بما يتطلبه المنعطف الخطير الذي تمر منه المدرسة العمومية. - عدم تفعيل اتفاقيات الشراكة مع وزارة الداخلية من كلا الجانبين. - عدم اتخاذ كافة التدابير من كلا الطرفين للتعاون مع الجماعات المحلية باعتبارها شريكا محليا أساسيا في الإسهام بجانب الدولة في التنمية التربوية والتعليمية إقليميا وجهويا. حضرات السيدات والسادة: إننا كشركاء في الحقل التربوي وفاعلين فيه بانتقاداتنا البناءة والحقوقية وباقتراحاتنا ندق مرة أخرى ناقوس الخطر أمامكم، وكفانا شعارات وعناوين سياسوية فضفاضة... نريد لأبنائنا تعليما جيدا ديمقراطيا... نريد لأبنائنا مدرسة عمومية مواطنة تستجيب لمتطلبات الظرفية... نريد لأبنائنا وبناتنا مستقبلا مشرقا مليئا بالعطاء في سبيل بناء مغرب ديمقراطي حداثي متقدم. وعليه، نحمل المسؤولية كل المسؤولية لوزارتكم لما تعيشه منظومتنا التربوية من اختلالات عميقة تتكبد خسائرها الأسرة والمجتمع معا. نحملكم المسؤولية كل المسؤولية لكون وزارتكم لا تريد فتح حوار حقيقي جاد وبناء لحل مشاكل نساء ورجال التعليم الذين نعتبرهم أسرتنا الثانية داخل المدرسة العمومية. وفي الأخير نقول لكم إن المس بالحق في التعليم الجيد هو مس بالحق في الحياة الكريمة وجريمة نكراء ضد المجتمع عامة وضد الأبرياء المستضعفين خاصة. محمد بدني عضو المجلس الإداري بأكاديمية جهوية سوس ماسة درعة badany_art_scul @ hotmail.com badanimohamed @ yahoo.fr GSM: 06.64.00.29.69