إذا ما وطأت قدماك حيا من الأحياء المنسية و المهمشة بمدينة وجدة ، إلا و أحسست بحجم و صعوبة المعاناة التي يعيشها سكان هذه الأحياء ، و خاصة معاناتهم فيما يتعلق بانعدام البنيات الضرورية للحياة ، و أهمها الطرقات مما يصعب حركة التنقل داخل دروب أحيائهم ، كما يمنع حافلات النقل الحضري و سيارات الأجرة من الوصول إلى داخل الحي خوفا على السيارات من أن يصيبها أي مكروه و هي تجول داخل أحياء طرقاتها كلها حفر ، و هذا ما ينطبق على حي "النور" الذي لم يشهد سكانه فيه أي نور ، و حي "الأمل" الذي انقطع أمل سكانه من ترقيته و تحول أمل سكانه إلى يأس ، ثم حي "النهضة" الذي لم ينهض بعد ما عدا الجزء المطل على طريق تازة ، وكثير من الأحياء الأخرى التي تحمل اسما على غير مسمى بمدينة وجدة. انتقلنا في إطار تتبعنا لهذه الأحياء إلى حي "النهضة" ، أو ما يسمى عند أهله بحي "عمر البوليسي" ، هذا الحي الذي يوجد في الواجهة الغربية لمدينة وجدة على الطريق المؤدية لغرب المملكة ، لا زال سكانه يتخبطون مشاكل جمة جعلت أغلبهم يعيشون انفصاما في الشخصية ، نتيجة الاختلاط في أذهانهم بين اسم الحي و واقعه المر فالنهضة لا تبدو أبدا على محيى هذا الحي ، إذ يمكن القول أنه اسم بدون معنى أو بالأحرى هو اسم لم يترجم إلى حقيقة الواقع الملموس. يتوفر حي "النهضة" على إضاءة خافتة و قنوات الواد الحار كما توجد في منازل الحي شبكة الماء الصالح للشرب ، إلا أن سكانه لا زالوا يعانون مشكل عدم وجود طرقات ، و التي لا زال "كودرون" بلديتنا المكرمة لم يصل إليها ، رغم الوعد الذي منحه رئيس الجماعة الحضرية السيد عمر حجيرة لسكان الأحياء المهمشة بترقية طرقاتها ، عندما تستقل سيارة طاكسي تحس بالحرج أن تقول له أدخلني إلى وسط الحي لأنه لا محال سيكون رفضه قاطعا و ستضطر أن تنزل بمدخل الحي و تواصل المشي راجلا ، و هذا ما واجهه طاقم جريدتنا في مهمته داخل حي " عمر البوليسي "سابقا حي النهضة حاليا لكي نقرب القارئ العزيز من الواقع المأساوي اقتربنا من الساكنة و منحناهم فرصة التعبير عن همومهم و انشغالاتهم ، تقول السيدة -سعاد,ب-: "هذا الحي كرهت العيش فيه ، فمنذ مدة و نحن ننتظر أن يصلنا زفت البلدية لكن للأسف لم يصل حتى الآن ، فأنا اُفضل أن اُسمي الحي -عمر البوليس- لأني لا اُريد أن أكذب على نفسي و أقول حي -النهضة- بلا نهضة." ، و يقول السيد -ح,ب-: "-عمر البوليسي- باقي كيما عرفناه ما تبادل والوا اللهم ذاك التكوين و مركز البوليس و الجامع اللي داروهم فالدخلة ديال الحي" ،فعلا هذا الحي كما عايناه له واجهة بمثابة " فيترينا " كادبة ، تقدم حقيقة زائفة عن طبيعة الحي و تغطي المشاكل اليومية التي يجترها المواطنون ، مع العلم أن الحي يعتبر من أقدم الأحياء الهامشية بمدينة الدروب المنسية، داخل الحي مدمر إلى حد لا يترجم التنمية التي ينادي بها مسؤولونا ، و حال الحي هذا ينطبق عليه المثل الشعبي "المزوق من برا آش خباراك من الداخل"، حقيقة الحي توجد بداخله عايناها و اكتشفناها ، يعرفها المسؤولون المحليون ، لا يبالون بها إلا لحظة احتياج الساكنة في انتخابات جماعية مقبلة ، و قفنا على حقيقة صادمة ، مواطنون بنوا منازلهم على حافة واد صغير داخل الحي ، وهم يخشون أن تغمره المياه يوما و يفيض فتنهار منازلهم ، و ينهار أملهم في الحياة ، لذا طلبوا من جريدتنا أن توصل صوتهم إلى المسؤولين حتى ينظروا إلى هذا الحي نظرة قول و فعل لا قول كما عهدناهم ، و ذلك ليصبح حي "النهضة" آسف "عمر البوليسي" اسما على مسمى.]