البريد الإلكتروني: [email protected] على التلفاز كان (باراك أوباما) واقفاً من واشنطن بقلم التوقيع على الميزانية الأمريكية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها، وفي بيتي المتواضع وقفت إبنتي (عذراء) ذات الربيع السابع بجانبي وهى تُدلّع حقيبتها المدرسية لغد مدرسي بعد عطلات العيد، تُلملم كشكولها أوراقها، تعالج مسطرتها ومحّايتها وتسألني: · (بابا، أيش تعني كلمة "شات داون Shut-down.؟) .. اقرأ كل مكان شات داون مؤسسات حكومية أمريكية..! · فسألتها: "بُنيّتي، وهل سمعتي كلمة شات آبShut-up .؟" · نعم سمعتها بابا.
· طيب، وماذا تعني "شات آب" حبيبتي.؟ · بابا معلّمة اللغة الإنجليزية تقول: "شات آب" يعني اسكت، اخرس .. يعني "إنطمّ" بعاميّتنا. · طيب حبيبتي، ومتى نقول للمرء إنطم، إخرس او "شات آب.؟" · "إممممم، أعتقدبابا، عندما يخطأ المرء نقول له شات آب، أخرس! .. صح بابا؟" سألتني الطفلة · فأجابها العجوز: "صح حبيبتي صح، وكل ما تقرأينه لقائل أمام الكاميرا " شات داون، شات داون" إغلاق مؤسسات حكومة أمريكية، لعلّه خلف الكاميرات يزاعق في وجه المتسبّب "شات آب، شات آب".! وكلمة "شات آب" سهلة النطق، بشوشة الظلّ، قليلة الدسم لمصارع الوزن الخفيف بكلمتين واربعة أحرف، تقابلها أرقام فلكية خرافية: 16.7 ترليون دولار سقف الدين الأمريكي.! .. و24 مليار دولار الخسائر الأمريكية، (فقط عن الربع الاخير من العام الحالي.!) .. و1. 3 تريليون دولار إستثمارات الصين في سندات الخزانة الأمريكية المهددة بالسحب الفوري ودون ان تنبسّ بكلمتى"شت آب".! وشعرت لأول مرة بإرتياح لرئيس أمريكي منذ إرتياح (المأسوف على سلف العرب) لجون كندي .. نعم، إرتحت والرئيس أوباما يعلن في التلفاز أن واشنطن إرتكبت أخطاءا.!" .. وبأن "الأمريكيين ضاقوا ذرعا بواشنطن.!" .. علّه يقصد ما تُغفر من أخطاء تشريعات الميزانية والهجرة والزراعة، ودون غيرها من أخطاء لاتغفرٍ.! إعترافٌ مهما كان منقوصاً وقلّ نظيره مباشرةً من البيت الأبيض خلف الكاميرات، إلا اني شعرت (بإبن الحسين) المعترف السنياتور أوباما، وكأنه ناسكٌ في صومعته يستغفر لذنوب من جلس قبله في البيت الأبيض، إنه أنصافُ الإعتراف للعاجز عن الإعتراف الكامل، لكنه اعتراف من لايحب ولايكره، لايخضع ولايركع، لايتعبّدُ للشهوات ولاينحني للإرهاب، ويعتقد من يجلس في البيت الأبيض عليه ان يكون مواطناً محبّباً لكل الأميركان، ثم رئيساً أمريكياً محبوباً لكل أمريكا من الداخل ومقبولاً لكل من يقبل بأمريكا من الخارج .. وليس كما بدى مقبولاً داخل البيت الأبيض على الطريقة النازيه الهتلرية من داخل ترساناتهم الألمانية تجاه كل العالم، بل وتماما كما بدى للإستعمار الفرنسي قبل 52 عاماً من اليوم، انه يحكم قلوب كل الجزائريين عام 1961 وعاد ساركوزي عام 2007 ليعتذر من كل الجزائرين عن كل الفرنسيين، لكنه إختتم زيارته في قسنطينة من حيث بدأها بالإدانة دون الإعتذار.! .. داعيا الجزائرين الى "التطلع نحو المستقبل" .. متناسياً نافورة الدماء الجزائرية بين عامي 1830 و,1962.!!! ميزانيتك يا أمريكا لماذ تهزّ العالم من الصين للسنغال؟ وتُكيلنا الكيل بمكيالين وميزانين؟ ودولارك يا أمريكا لماذا تُدلور العالم من كابل لبغداد، ثم ومن صنعاء للقاهرة، وثم من دمشق لمالي، وثم من طرابلس لبنغازي.؟ .. أليس إختطاف رئيس الوزرا الليبي للداخل وأبوأنس الليبي الى الخارج إختراقٌ للسيادة الليبية وتتويجٌ للدولار على الدينار! ولماذا أسواقنا الناشئة القادرة المقتدرة، تعصفها الأرصاد الجوية عن بُعد من واشنطن ونيويورك كلما أقيمت فيهما سرادقات المآتم والعزاء او دقت فيهما طبول عيد الحب! فإلتحقت بها أسواق عواصمنا بالشاشات الحمراء والخضراء بالتعبية وعلى التوالي.! ولماذا الأغيار نعتبرها عملة صعبة، ونحن أصعب منها بالنفط والرجال، وبالمال والجبال؟ أليست الكوادر البشرية عملة صعبة وما اكثرها موجةً وطوفاناً في العالمين العربي والإسلامي؟ أليس الرىُّ والزراعة والأرض الخصبة عملة صعبة في العالمين؟ ثمّ وأليس العقل العربي أقوى العملات ليخاطب اليورو والدولار: (أهلاً بكما ضيفاً علينا لنتعلم ونستفيد، لا أن تستعمرانا فنأسر بالحديد!) من يدري الميزانية الأمريكية تجميدها المؤقت تمثيل، تحريرها المؤقت فبركة، والقادم قاتم وظالم وهو البيت القصيد! فهل نجعل إقتصادنا في مهبّ الرياح من الخارج؟ .. ونحن من الداخل أقوى إقتصاد عالمي بطاقات النفط والغاز والمحاصيل والإنسان! يبدو أننا جميعاً نسياناها إبنتي عذراء! وما انسانيها الا الميزانية الأميركية.! .. وهى لازالت واقفة بحقيبتها المدرسية تنتظر مني الإجابة المفهومة عن "شات داون وشات آب" .. فأسألها (بنيتي أتدرين لماذا تحملين في حقيبتك المسطرة؟ .. وقلم الرصاص؟ .. والمسّاحة المحّاية.؟) · المحّاية: لمحو الأخطاء.! · وقلم الرصاص: لان حبره قابل للمحو.! · والمسطرة: لإستقامة السطور بُنيّتي.!