" أعطني خبزا و مسرحا .. أعطيك شعبا مثقفا " .. " أعطني ريزخونا و مفخخات .. أعطيك شعبا بلا مسرح " ........ "أعطني أمنا و أملا .. أعطيك "سهام ألسبتي" و" سليمة خضير" و"ازدوهي صموئيل" و "ليلة محمد" و "سناء عبد الرحمن" و "هديل كامل" و وغزالة المسرح العراقي في قرطاج "سهير أياد" و "آسيا كمال" و "أمل طه" و و و .. لم يكن للعراق حينها دستور ينظم الحياة بل كنا حينها تحت ضل دستور مؤقت و معطل و أحكام عرفية و حروب لا تبقي و لا تذر ألا أننا كنا " شعب مسرح " .. لست مختصا بالفنون لكن ثمة ما أثار حفيظتي و دفعني أن اكتب هذا المقال تحت ضغط و الم حيث دعيت إلى مسرحية كانت تجسد في موضوعها مشهدا دينيا مكملا لحفل أقيم لمناسبة دينية معينة في قلب ( أيار/ 2010) كان الحضور خليطا من المشايخ المعمين بعضهم من البرلمانيين و كذلك مثقفين مهتمين إضافة إلى العامة من الناس و كنت من ضمنهم و وجهت لي دعوة كريمة من مؤلف المسرحية و مخرجها الذي طالما أتحفنا بما أنتج .. و بعد أن و صلنا إلى فقرة العرض المسرحي ظهرت على خشبة المسرح "فتاة " في حلة بيضاء ملائكية بعمر الخامسة عشرة ربيعا أو دون ذلك "بغصن" وان زاد" فبغضة" و ما أن شرعت بإلقاء مستهلات حوارها .. تفاجئنا بأن مشايخنا المعممين بما فيهم البرلمانيين هرعوا خارجين من المسرح و كأن خطبا باغتهم و كأن ركنا من الدين أضحى على المحك بحيث أن هيلمان المرافقين عندما خرج ورائهم باتت نصف مقاعد المسرح التي كانت مليئة فارغة .. السؤال الذي ألح علي و كذا أستقرأته في عيون الحضور هو لماذا خرج المشايخ الأجلاء من المسرح تاركين عرضا مسرحيا يجسد مناسبة الاحتفال على الرغم من أن "الفتاة " الممثلة كانت تمثل مع "عمها" أي أنها كانت تمثل مع احد "محارمها" و هي بذلك تكون " ممثلة بمحرم "و بكامل الحشمة و الأدب بل ان المشايخ يعلمون بذلك كون أن عريف الحفل قد ابلغهم بتفاصيل القرابة بينها و بين الممثل الذي لعب دور "الأب" على المسرح و هو " العم " على خشبة الواقع .. أتعجب كيف يطالب مثل هؤلاء "بحقوق المرأة " و أي تغير يريدون أن يضيفوه على حياة بناتنا البائسة أصلا بسبب عادات و تقاليد لا تعدوا كونها مدا و امتدادا للجاهلية الأولى و تفاسير لا تعدوا كونها بعيدة عن الدين دوارة في فلك الغطرسة الذكورية المقيتة الهادفة إلى إخضاع الآخر" بالقسر المقدس ".. أريد أن اطرح مجموعة من التساؤلات أتمنى إن يتجشم البعض من الإجابة عليها ألا و هي : هل أن وقوف المرأة على خشبة المسرح حرام . ؟ هل أن صوتها عورة كما يشاع .؟ هل وقوفها أمام الناس ممثلة لدور معين حرام و مثلبة و أثارة للغرائز ؟. هل إن المرأة بنظر الإسلام كائن له ذات الحقوق و الواجبات التي يتمتع بها الرجل أم أنها خلقت من اجله . ؟ هل أن كرامة المرأة فقط بأن تكون داخل قمقم بيتها كداجنة تلد و تربي وان تكون " أمة" لرجل ربما كان اقل منها شأنا .؟ ما هي حدود المرأة فيما يخص التمثيل في المسرح و السينما و التلفاز . و هل يجب إن تعقد المرأة المسرحية "قرانها " على كل الجمهور لكي يتسنى لها التمثيل و لهم المشاهدة . أننا فعلا نحتاج في عراق ما بعد عام 2003 إلى جانب الدستور المعطل و القوانين التي سنت لكي " تخلخل " كل شئ إلى "فتاوى خاصة تخص عمل المرأة في مجال الفنون بعامتها و المسرح لخصوصيته " لكي تكتمل لوحة التناقضات البذيئة التي يعيشها البلد الذي حكمته أعظم ملكات العالم قبل " سبعة آلاف عام قبل الميلاد " .. كما و أني ابحث عن إجابة خاصة لمعنى مصطلح " المرأة المخدرة" الذي انتشر و شاع استخدامه في العقد الأخير و الذي أريد به مصادرة كافة الحقوق التي تتمتع بها المرأة و تركها في المنزل حبيسة بدعوى الدين و العفة و كأن المرأة قاصرة عن صون عفتها و الحفاظ على حالها .. (( ألا أنهم هم الظالمون و لكن لا يعلمون )) .