على الرغم من مرور أكثر من عامين على اندلاع الاحتجاجات بسوريا إلا أن الوضع هناك لا يزال يمثل أحجية من أحاجي السياسة المستعصية على الحل ، فلا أحد يستطيع أن يجزم بتحديد موقف الجار الغربي لسوريا " إسرائيل " من هذه الاحتجاجات ، هل هي مع الثورة أم مع النظام؟؟ هذا الموقف يبدو جليًا في تناقضات ردود فعل الدول الغربية التي تعمل دائما لخدمة المصلحة الإسرائيلية وتأرجحها بين الدعم، المعارضة والتحفظ. لو افترضنا أن إسرائيل تدعم الثورة فإن ذلك يعني أنها مستعدة للتعامل مع نظام هلامي لا تملك هي نفسها تحديد معالمه، ويعني ذلك أيضًا أنها تغض الطرف عمّا حدث مع حليفتها الولاياتالمتحدة إثر دعمها للقاعدة أثناء صراعها الدائر بأفغانستان بين الشيوعيين والأفغان المتحالفين مع القوات السوفيتية من جهة والأفغان المجاهدين من جهة أخرى وانقلاب القاعدة عليها بعد أن استقر الأمر لها في الحكم، وهذا لا يمكن قبوله منطقيًا خاصة مع وجود أطراف تنتهج الأصولية الجهادية فكرًا لها، وتحمل فكر القاعدة، كجبهة النصرة، بين صفوف الأطراف الفاعلة في الثورة السورية، و لو افترضنا أن إسرائيل تدعم النظام السوري فإننا نعتبر هنا أنها تقف في خندقٍ واحد جنبًا إلى جنب مع حزب الله وإيران وهو ما يتناقض مع ما هو معلن من المواقف السياسية في الشرق الأوسط، وبالتالي فإننا يمكن أن نطرح احتمالا ثالثًا، أراه الأقرب إلى القبول من وجهة نظري، وهو أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تحاولان إطالة أمد الاقتتال إلى أطول مدىً ممكن حتى يستنفذ كلا الطرفين قواهما، ويصبح الأمر معلقا بدعم القوى الغربية مباشرةً، مما يسهل عليها التحكم في النظام القادم من ناحيتين ، الأولى التحالف الناتج عن الدعم الغربي " الدعم المشروط " ، والثانية هي ضعف النظام الناجم عن استنفاذ القوى خلال فترة الحرب الدائرة بالبلاد . أما عن الدور الروسي بهذا الشأن فيمكنني أن اعتبره هنا مجرّد عاملًا مساعدًا في عمليات الشدّ والجذب لهذه اللعبة يمثل قوى الطرد المركزي كردة فعل للموقف الصهيو- أمريكي الرامي إلى حفظ التوازن في المعادلة بما يساعد على تحقيق الهدف الغربي من إدارة الحدث .