محمد المستاري** منذ انطلقت ثورات الربيع العربي أزيد من سنتين وإلى الآن، لم تعد العديد من القنوات والفضائيات العربية تنقل أخبارا وتقاريرا عما يجري في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، باستثناء بعض التغطيات الصحفية المحتشمة، التي لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فما سبب هذا التجاهل الآن؟ أليس من الأحرى أن تتابع الفضائيات العربية كلها القضية الفلسطينية بعناية واهتمام بالغين لأنها قضية عربية؟ إن هذين التساؤلين يطرحا علينا أسئلة أخرى أشد التهابا وتتعلق بهوية إعلامنا العربي: هل هو فعلا إعلام حر ويصنع الحدث؟ أم أنه فقط ينتعش أثناء الحدث؟ وأي قيمة ودور يبقيا للإعلام إذا لم يكن هو صناعة الحدث والتحرر من الرقابة والارتزاق؟ حقيقة لا ندري ما الأسباب التي حالت دون متابعة القنوات والفضائيات العربية الآن عما يجري في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، فنخشى أن يكون الأمر متعلقا بتواطؤ عربي مع لوبيات صهيونية، ونخشى أن يتعلق الأمر بمساومات تبيع ضميرا وذاكرة. والواقع أننا لا نستبعد هذه الشكوك والافتراضات. إذ نعتبرها واردة، ومرد ذلك إلى التاريخ الذي علمنا دروسا كثيرة مفادها أن حكام العرب لا يجيدون سوى الخذلان لأبناء جلدتهم، إذ لم يعد من المستبعد أن تسمع بدولة عربية تعقد صفقة أو صفقات مع دولة غربية للتآمر على دولة عربية. ولقد سجل تاريخنا، -للأسف- العديد من هذه الحالات. التي جعلت الكلام مباحا في أن العرب يأكلون لحم بعضهم بعضا. -وإن كان كتاب الله الذي أنزل عليهم ينهاهم عن ذلك، يقول تعالى: "أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه"-. ذلك لأنه عندما نسمع بأزمة ما في دولة غربية، فإننا نسمع إلى جانبها ضجة إعلامية وقلق كل الدول الغربية... أمريكا، فرنسا، بريطانيا وغيرها من الدول التي تسارع بدعمها ومبادراتها من أجل الإنقاذ والمساعدة. لهذا، فالمأمول أن تتابع القنوات والفضائيات العربية باهتمام كل مستجدات الأراضي الفلسطينية، ما دامت تحت وطأة الصهاينة الذين يغتصبون أراضيها وسعادة شعبها الأبي، وذلك حتى يتبين للرأي الدولي، ولمن بدأت ذاكرته تنسى أن هناك بلدا في ظل الحديث المكثف عن حقوق الإنسان وهيئة الأممالمتحدة وجرأة دول عديدة على التدخل في العلاقات الدولية من أجل خلق "السلم" وعلى وضع عقوبات توجد دولة محتلة تدعى فلسطين. إن للإعلام دور كبير في مساندة ودعم القضية الفلسطينية أو طمسها. لذلك نخشى أن يضاف خذلان الإعلام إلى خذلان الحكام. **باحث مغربي. [email protected]