غزا شارع محمد الخامس جيش عرمرم من الأطفال المتسولين ، انتشروا على طول إشاراتالمرور أو ما يعرف ب " الفو روج "بمجرد ما تقف السيارات أمام إشارة الضوء الأحمر ، يلتصقون بنوافذ و أبواب العربات ، يتوسلون أصحابها أن يجودوا عليهم بنصف درهم أو درهم واحد.أطفال مكانهم الطبيعي مدرسة ابتدائية ، و بيت فيه شيء من الحنان و الحب و الدفء الأسري ، اتخذوا من الأرصفة مكانا يرتاحون عليها ريثما تتغير إشارة المرور من الأخضر إلى الأحمر أجادوا تقنيات الاستجداء ، يعيشون خارج الزمن المدرسي الذي تحرص عليه وزارة التربية بمذكراتها و تعليماتها التي لم تعد تحقق إجماعا أو ترحيبا ، ما دام أن برنامجها الاستعجالي أقصى من هم يعيشون في الهامش ، بل ما دام أن نظامنا التعليمي لا زال يتراجع و يعبر عن فشل اختيارات الإقصاء و ضرب المدرسة العمومية ، التي فشلت في استقطاب أطفال يتراوح عمرهم بين السابعة و العاشرة ، و ظهر بالواضح أن شارع محمد الخامس بوجدة يملك قدرة أكبر على استقطاب الأطفال من المدرسة ، إلى جانب ساحة 9 يوليوز أين تصادف العشرات من القاصرين ، يتبعون المارة يستجدونهم بطرقهم الخاصة مرددين الجملة "ياك أ الزين.."أو ".ياك أ الزينة" تلك هي الجملة الأولى التي يلاقيك بها أطفال بكرهم لم يتجاوز عمره 10 سنوات ، يستقبلونك بها و أنت سائر بشارع محمد الخامس بوجدة . أطفال ذكورا و إناثا تظهر عليهم سمات الفقر أثوابهم رثة يمتهنون مجبرين مهنة التسول ، يمدون أيديهم إليك بكل حرفية مرددين " ياك أالزين عطيني درهم" أو " ياك أ الزينة عطيني درهم" عندما يصادفون فتاة أو امرأة استوقفتني إحدى الصغيرات بساحة 9 يوليوز و أنا انتظر الحافلة مخاطبة إياي " ياك أ الزين عطيني درهم" ،نظرت إليها فرأيت في عينيها البراءة و الطفولة العذبة ، سألتها عن اسمها قبل أن أمدها بالدرهم ، تمايلت وحاولت أن تتهرب من سؤالي لكنها في الآخير أفصحت عنى اسمها "س" لا مقعد لها ابلمدرسة لا تعرف عمرها لكن ملامحها تفصح أنها لا تتجاوز السبع سنوات ،احترفت التسول منذ سنتين مجبرة حيث أرغمتها أمها على ذلك أم هي الأخرى تداري الجوع و الفقر ببيعها لأشياء تافهة ، أم فقيرة و قاسية في نفس الوقت ، أبوها و حسب جوابها لا يعمل ، لكني أحسست أنها تخادعني فغيرت صياغة السؤال، لأكتشف أنها لا تعرفه البتة ، تقطن ببيت بالمدينة القديمة ، بيت يفتقد لشروط العيش الكريم ، يجمع بين إخوة لها لا تعرف هل هم من أبيها الذي لا تعرفه أم من أمها فقط ، مهمتها هي أن تجمع يوميا قدرا معينا من المال تحدده أمها مسبقا و إذا فشلت في مهمتها تنال عقابا شديدا تقول س "كون ما نجيبش الفلوس اللي قالت لي غادي تسلخني أو غدا خاصني نجيب الدوبل". الأطفال المتسولون بشارع محمد الخامس أصبحوا يمثلون بعددهم و سلوكهم ظاهرة اجتماعية جديرة بالبحث و الدراسة ، ظاهرة تفند الشعارات التي ترفع هنا و هناك مدعية أن المغرب قطع أشواطا مهمة في صيانة أطفاله و الحفاظ عليهم ، لأن عدد الأطفال المشردين الذين يتخذون الشارع ملجأ لهم في تزايد مطرد، كما تعبر الظاهرة عن غياب المجتمع المدني بمدينة وجدة و كأننا لا نتوفر بمدينتنا إلا على الجمعيات الصورية أو الجمعيات الأسرية التي تستغل العمل الجمعوي لقضاء أغراض شخصية فقط و هناك نماذج لمثل هذه الحمعيات لهذا نلتمس من السلطات المحلية أن تضع لها حدا، سواء تلك التي تستغل المعاقين حيث راكم رؤساؤها ثروة هائلة ، لا تطالهم المراقبة و المحاسبة أو تلك التي تستغل الأطفال دون أن تنقذهم من التشرد و ما يحدث لهم من تحرش جنسي و اغتصاب . أطفال شارع محمد الخامس بوجدة ، ناقوس خطر يدق بأعلى صونه صارخا " انقذونا ، نريد أن نعيش مثل جميع أطفال العالم "