خلاصات أولية لقراءة بعض أهم مكونات مقاربته السيكوسوسيولوجية. من الصعب جدا في هذه الورقة تقديم خلاصة شاملة عن كل الأعمال التي أنتجها الدكتور المصطفى حدية منذ أكثر من عقدين من الزمن؛ خصوصا أمام ضخامة الإشكالات التي تناولها بالدراسة و تداخل مجالاتها و أبعادها النفسية الاجتماعية و الاقتصادية. فعمق التحليل و الإدراك الشمولي للقضايا النفسية الاجتماعية و لوضعية الهوية التي تسفر عنها عملية التنشئة الاجتماعية يقتضي في تقديراتنا المنهجية لها، شهورا و ليس أياما محدودة زمنيا؛ و بذلك نلتمس العذر إن كنا سنمارس نوعا من التعسف المنهجي الاضطراري أثناء تقديم خلاصة مركزة حول انشغالاته العلمية؛ ثمة خدمات قدمها الدكتور المصطفى حدية للشباب و الكهول المغاربة، و لأبناء مدينة أسفي بشكل خاص أثناء الإشراف الأكاديمي على مشاريعهم و بحوثهم العلمية، و أعتبر نفسي من الطلبة الباحثين المدينين له بالجميل و التقدير لما أسداه لي من خدمات علمية لاقتحام مدارج البحث العلمي الأكاديمي؛ لقد كان و ما يزال أستاذي الأول في التأطير المنهجي و العلمي لمشروعي العلمي، تتلمذت عليه لاكتساب تضاريس البحث العلمي خلال أكثر من عقد و نصف من الزمن؛ جمعتني هذه السنوات لأشق معه مسالك علمية أكاديمية بدءا من الدراسات المعمقة إلى شهادة دكتوراه الدولة في حقل علمي أصلي يتعلق الأمر بالمقاربة النفسية الاجتماعية و الذي يعتبر اول من شرعها في المدرجات الجامعية المغربية منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي. و هذه الحقيقة لا بد لي من إقرارها في هذه الورقة النقدية.لقد عمل الباحث المصطفى حدية على فتح أفق الهوية النفسية الاجتماعية ليجرحه، و لينزَف و يستنزِف معا، في ظل دروب حالكة، حيث يهيمن اللبس على المشروع المجتمعي- كما هو وارد في تقديراته العلمية- لتفضح الكلوم آثار الجرائم الأولى التي حصدتها عملية التنشئة الاجتماعية الموجهة للطفل و الشاب المغربي بالوسط الحضري و القروي، و هي وضعية مأزمية ما فتئ أن نبهنا إليها من خلال نتائج بحوثه الميدانية التي سنعرج عليها في ما بعد. فعل العرض لأبحاث المصطفى حدية: بما أن فعل العرض لأعمال الأخ و الصديق و الباحث المصطفى حدية هي مؤشر واضح للاهتمام و الهم المشترك الذي يجمعنا في دواليب القضايا السيكوسوسيولوجية التي يزخر بها واقعنا المغربي داخل بوابة النحن، فإن أيركولوجية الفعل القرائي لها، هو شكل من البحث عن زمن الحدين بالمعنى الأرسطي بين المعطيات النظرية العامة التي تؤطر مشروعه التخصصي، و بين التمحيصات الميدانية لكل القضايا الفكرية و السيكوسوسيولوجية؛ و تلكم ناصية "ديكارت" عندما اعتمد الفصل الجذري بين الشيء المفكر فيه في لحظة القراءة، و الشيء الممتد عبر الزمكان اللامتناهي كأرخبيلات من اليقين الاحتمالي للباحث، تمليها على الأرجح التحريات و الاستقصاءات الامبريقية التي اتخذها باحثنا كوضعيات انطلاق في مجمل الأعمال التي أنتجها و عمل على نشرها في منابر متعددة إن على المستوى الوطني او الدولي. يعد الدكتور مصطفى حدية نبراس الأمل الواعد في درب البحث السيكوسوسيولوجي بالوطن العربي عامة و بالمجتمع المغربي خاصة، كرس حياته الدائمة و مجهوداته العلمية لحفر الواقع الصلب بحثا عن التوليفة المبحثية للقضايا النفسية الاجتماعية ذات الصبغة المحلية و الدولية، متفهما و متحكما و متنبئا بمآل عملية التنشئة الاجتماعية المناطة بالطفل و الشاب المغربي سواء بالوسط الحضري او القروي. يتميز بصبره الدءوب، و بحركيته العضوية الفاعلة في المشهد الثقافي و العلمي داخل المغرب و خارجه، مجهودات علمية من هذا النوع تعكسها إصداراته المنشورة محليا و دوليا ؛ نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: ̈ Socialisation et identité.1988 ̈ قضايا ابستيمولوجية في علم النفس الاجتماعي1987..عمل مشترك. ̈ Processus de la socialisation en milieu urbain au maroc.1991. ̈ الطفولة و الشباب في المجتمع المغربي1991؛ ̈ قضايا في علم النفس الاجتماعي ؛ 2004. إلى جانب عدد كثير من المقلات التي نشرها في منابر فكرية و علمية مختلفة. و أبحاث مشتركة. 1. المقاربة السيكوسوسيولوجية كاختيار منهجي في أبحاث الدكتور المصطفى حدية: هذه الدراسات و الأبحاث خصصها الدكتور مصطفى حدية لمعالجة القضايا السيكوسوسيولوجية و التربوية في أبعادها و امتداداتها المتعددة و المتشابكة، متناولا إياها بنوع من التمحيص التشخيصي للوضع الذي تعرفه التنشئة الاجتماعية للطفل و الشاب المغربي، مختلفا كل الاختلاف عن المقاربات الأخرى التي تناولتها بالدراسة و التحليل........؛ فاتحا في استنتاجاته العامة آفاقا جديدة للتغيير من اجل تحقيق الارتقاء الاجتماعي و الثقافي المراهن عليه داخل المؤسسات الاجتماعية و التربوية، و هي أمنيته الدائمة في المطالبة بتنصيص مشروع اجتماعي لعملية التنشئة الاجتماعية و لمسألة الهوية النفسية الاجتماعية. ذلكم مشروع المصطفى حدية خلال مساره العلمي حيث سعى- اعتمادا على مقاربته السيكوسوسيولوجية- إلى إعطاء نوع من الاستقلالية لعلم النفس الاجتماعي في تناوله للوضعية النفسية الاجتماعية في تفاعلاتها البين ذاتية و الجماعية، خالصا بأن علم النفس الاجتماعي لا يمكن اختزاله لا إلى علم النفس كما ذهب إلى ذلك " تارد" و عدد كبير من الباحثين الأمريكيين، و أيضا بعض المؤلفين العرب مثل حامد زهران ، و فؤاد البهي السيد، و الشيخ كامل محمد عويصة.....؛ و لا إلى فرع بسيط من علم الاجتماع على النمط الماركسي و الدوركايمي كما هو مطروح في كتابات "سيرج موسكوفيشي" و "أبريك" و "جود ليت" و "ماموني" و غيرهم، و إنما اعتبره كعلم قائم بذاته........ أكثر من ذلك يشكل علم النفس الاجتماعي- في نظر " الباحث المصطفى حدية" ملتقى الطرق لمختلف العلوم الإنسانية و الاجتماعية، حيث تتحدد وظيفته كنواة محورية لما هو نفسي اجتماعي ثقافي و أيديولوجي و قيمي، و هذا ما عمل على تأكيده في كتابه السالف الذكر: "قضايا في علم النفس الاجتماعي": مشيرا بأن وظيفة علم النفس الاجتماعي تنحصر في عقد تصالح و توافق بين ما هو نفسي و جماعي، مما يجعل الممارسة النفسية الاجتماعية طريقة في التفكير و الرصد الإنساني و الاجتماعي، كوحدة تنصهر فيها بشكل متداخل عمليات نفسية و اجتماعية. بمعنى أن الاجتماعي مبني من خلال عمليات نفسية و العكس صحيح، أي أن الفرد نتاج علاقات اجتماعية و منتج لواقعه الاجتماعي، عبر التمثلات التي تتشكلن لديه كأفكار و كإدراكات يتم اعتمادها من أجل تفسير و تأويل المواضيع و القضايا المعيشة، سواء بشكل علمي خاضع لمعايير مقننة، أو بشكل ساذج حسب الخلفية الفكرية التي يملكها الفرد الاجتماعي المتمثل لها، و حسب السياقات السوسيوثقافية التي تؤثر فيه، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. و من شأن هذه الوظيفة المتميزة لعمل النفس الاجتماعي أن تجنبنا – في نظر الباحث المصطفى حدية- من المقاربات الثنائية، و النزعة السيكولوجية ذات الصبغة الاختزالية، و أيضا من الطروحات السوسيوتربوية، من خلال مناولاتها لموضوع الطفولة و الشباب، و لعملية التنشئة الاجتماعية في ديناميتها و تعدد مقاصدها من الناحية النفسية الاجتماعية و الثقافية و القيمية... و بذلك عمل الباحث – من منطلق المقاربة السيكوسوسيولوجية التي أطرت جل أعماله- على رفض واحدية الإنسان و فردانيته- أثناء الدراسة و التحليل، مع التأكيد على تعددية الكائن البشري، لاغيا في نفس الوقت جميع فرضيات الإنسان ذو البعد الواحد. مجتمع مركب يساوي إنسانا مركبافالمقاربة السيكوسوسيولوجية ليست مناولة منغلقة على ذاتها كما يعتقد البعض، تتقوقع داخل معرفة متخصصة محدودة أفقيا، كما أنها لا تعمل على تقطيع الظواهر السيكوسوسيولوجية المبحوث فيها، بقدر تحاول - اعتمادا على أدوات ميتودولوجية منفتحة على مناهج البحث العلمي – دراسة الظاهرة النفسية الاجتماعية دراسة شمولية ذات أبعاد تفاعلية و تركيبية. و تتقاطع وجهة النظر هاته مع الأطروحات المركزية التي طرحها إيذغار موران في كتابه الأخير المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل يقول في هذا الصدد: " تقوم الرؤية المقطعة و المبعثرة و الآلية والاختزالية والعازلة ...بتجزيء المشاكل و بفصل ما هو مرتبط ، و بإضفاء الطابع الأحادي على المتعدد الأبعاد................. فالمعرفة المتخصصة تعتبر شكلا من أشكال التجريد ... الإشكالات المركزية الكبرى التي يدافع عنها المصطفى حدية/ إذا ما قمنا بمسح شمولي لتوجهات و دراسات "الدكتور المصطفى حدية" سواء داخل الأعمال التي يشرف عليها أكاديميا إن على الصعيد المحلي أو الدولي، أو من منطلق الخلاصات التي توصل إليها من خلال مشاريعه العلمية، نلاحظ بأنها تمركزت حول المكونات الثالوثية التالية: الأسرة؛ المدرسة؛ و المجتمع؛ تتقاطع بداخلهم وظيفة التنشئة الاجتماعية الممارسة من طرفهم- على الأطفال و الشباب...- تحقيقا للهوية النفسية الاجتماعية المراهن عليها. و بناء على الاستقصاءات التي أسفرت عنها البحوث الميدانية المنجزة من طرفه سواء داخل الوسط الحضري او القروي عمد الأستاذ المصطفى حدية إلى إبراز العلاقات الموجودة بين المؤسسات الاجتماعية و التربوية الموكول لها ممارسة عملية التنشئة الاجتماعية- المذكورة سابقا-، و أشكال التفاعلات الحاصلة في تمثلات الشباب لأدوارهم بما يستجيب لتطلعاتهم المستقبلية؛ و يمكننا في هذا الصدد عرض بعض من هذه الاستنتاجات بشكل مركز في المعطيات التالية: المعطى الأول أشار الباحث ضمن سياق استنتاجاته العامة المستخلصة من بحوثه التطبيقية، وجود قطيعة بين المؤسسات الثلاثة، خصوصا على مستوى ممارسة وظيفة التنشئة الاجتماعية، و مرد ذلك- في نظره- إلى فقدان المجتمع المغربي لمشروع اجتماعي ذي بعد نسقي و تكاملي، سواء على المستوى النفسي الاجتماعي او على المستوى الثقافي و الأيديولوجي و القيمي؛ و الذي من شانه أن يكون نواة محورية بالنسبة لمختلف المؤسسات الاجتماعية و التربوية في ممارسة وظيفة التنشئة الاجتماعية....................................................................................... المعطى الثاني يخض وضعية التعليم بالوسط القروي:لقد ولجت المؤسسة المدرسية فضاء القرية- إبان الاستقلال- لتحتل مساحات تعليمية و ثقافية، تحت شعارات عديدة يجملها بعض الباحثين في المكونات التالية: Ø تعميم التعليم،Ø من أجل مدرسة وطنية،Ø محو الأمية ، تنمية التعليم بالوسط القروي،Ø تشجيع تمدرس الفتاة،Ø تطوير سياسة الاحتفاظ بالمتعلمين المسجلين بالمدرسة القروية ضمانا لتعليم أساسي لهم ،Ø انفتاح المدرسة على البيئة المحلية و الثقافية؛ و إذا كانت الجهود المبذولة في هذا الإطار- على المستوى الرسمي- عملت إلى حد ما على توفير بعض البنيات التحتية الأساسية- و بشكل محتشم- لتلبية حاجيات التمدرس في الوسط القروي، خصوصا من الناحية الديموغرافية و المعمارية كبنايات و كمرافق، فإن الاعتراف بمحدودية هذه المجهودات – كما هو وارد في استنتاجات الباحث المصطفى حدية- مازال أمرا ساري المفعول، و بخاصة إذا ما ربطناها بمتطلبات العالم القروي و احتياجاته، ليس فقط في مجالات التعليم و التربية و محو الأمية، و إنما في جميع الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الصحية و التنشئة الاجتماعية والسياسية و غيرها من المتطلبات الأخرى إسوة بالعالم الحضري. كما أن ربط المدرسة بمحيطها الاجتماعي رهان فقد مشروعيته بمجرد أن عجزت المدرسة في تصحيح تمثلات الآباء و الأبناء نحو وظائفها و أدوارها داخل المجتمع القروي، الشيء الذي جعل الآباء القرويون يتراجعون عن تحمل نفقات لا جدوى منها، مادام مستقبل الأبناء في نظرهم أصبح مبهما و غير واضح على المدى القريب. و في نفس الموضوع أشار الباحث المصطفى حدية بأن غياب دينامية داخلية كمطلب تربوي للمدرسة داخل الوسط القروي بشكل خاص، انعكس سلبا على بناء الهوية النفسية الاجتماعية لدى المراهق القروي، مع بروز حدة التمزق في بنائه النفسي الاجتماعي، من جراء طغيان النزعة البطريركية و السلطوية على عقلية الوالدين أثناء تعاملهم مع الأبناء ، و تفشي مواقف تربوية محتشمة لدى المدرسين الذين عجزوا هم الآخرون أن يجدوا مكانة تربوية و بيداغوجية داخل البيئة الثقافية المحلية المحيطة بالمدرسة القروية، اعتبار لوضعيتهم النفسية و انشغالاتهم الذاتية بظروفهم الاندماجية بداخل الوسط القروي بشكل عام؛ و اعتبارا أيضا لتمثلاتهم النفسية الاجتماعية السلبية للطفل القروي و البيئة الثقافية المحيطة به، من حيث كونُه أي الطفل القروي- كائنا معوقا معرفيا، لا يمتلك خاصية التدبير الذاتي لتفهماته و تعلماته، و قد أسفرت مثل هذه المواقف و التمثلات - يشير الباحث -إلى حالة من التمزق و الاستلاب في صفوف الأطفال و الشباب القرويين المتمدرسين، وصلت إلى مستوى بروز ردود أفعال ذات صبغ انتقاد ية للوضع المعيش كتعبير عن عدم الرضا ، و ليس عن تمرد أو ثورة على سلطة المدرسين و الآباء بحكم تشبثهم بالجانب الروحي للآباء مع تمنيهم و مطالبتهم بإصلاح ظروفهم المادية؛ و في ضوء هذا المعطى العام يرى الباحث المصطفى حدية بان الاختيار الأنسب بالنسبة لإشكالية المدرسة القروية، هو جعل الساكنة تطالب بالمدرسة، لتلبية احتياجاتها و أهدافها التي تستجيب لبيئتها المحلية الخاصة بها و لخصوصياتها الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية و ليس العكس، و ربطها بمشروع تنموي متكامل و شامل، لا يقتصر على رهانات التعليم كاختيار سياسي إلزامي، و إنما يمتد لباقي الهياكل الأخرى التي يحتويها المجتمع الحضري.. و مقارنة مع ظروف التنشئة الاجتماعية بالوسط الحضري خلص الباحث ، بان الشباب - بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية و ظروفهم الاقتصادية - يعملون على توجيه انتقادات حادة للوسط الذي ينتمون إليه– لكونه لم يعد يستجيب لاحتياجاتهم النفسية الاجتماعية و لتمثلاتهم المستقبلية، نتيجة غياب لغة التفاهم بينهما على المستوى الثقافي و القيمي و التربوي؛ اتخذت في غالب الأحوال- بناء على المقابلات المعتمدة في بحوثه الميدانية السالفة الذكر- ،صبغة نضالية و ثورية لتغيير الوضع القائم ، و الدفع بالمؤسسات الاجتماعية و التربوية إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها التربوية و الثقافية و التكوينية، بما يستجيب لمتطلباتهم و حاجياتهم النفسية الاجتماعية.............. المعطى الثالث عجز المؤسسة المدرسية عموما- في نظر الباحث- في التكيف مع متطلبات العصر، مما دفعها إلى التخبط في مشاكل و صعوبات ذات طابع بنيوي و مؤسساتي، جعلتها مصدر احتجاج من طرف الأطفال و الشباب بالوسطين معا؛ و هذا الوضع انعكس بشكل سلبي على عملية التنشئة الاجتماعية المدرسية، بحيث لم ترق لمستوى تحقيق الرهان المعقود عليها إن على مستوى تكوين التمثلات الاجتماعية و تكوين الهوية النفسية الاجتماعية للأجيال الشابة. المعطى الرابع خلص الباحث ضمن سياق استقصاءاته ...........إلى وجود انسلاخ شبه حاد في تمثلات الشباب بين ما هو معيش في واقعهم الاجتماعي و بين ما يتلقونه نظريا داخل المؤسسات الاجتماعية و التربوية، و هو ما انعكس سلبا على سيرورة التنشئة الاجتماعية و على بناء هويتهم النفسية الاجتماعية... المعطى الخامس إن التثاقف الحاد للأطفال و الشباب الناتج عن نماذج من القيم الاجتماعية التي تشربها لهم كل من وسائل الإعلام و المؤسسة المدرسية نجمت عنه اختلافات بين الآباء و الأبناء على مستوى الذهنية العقلية؛ مشيرا في نفس السياق بان هاتين المؤسستين ليستا إلا حقلين لممارسة مختلف عقد النقص و الإحباط التي يعاني منها المتمدرسون، ناهيكم عن غياب بنيات تحتية تستجيب لحاجياتهم النفسية الاجتماعية، و غياب بنيات بيداغوجية ملائمة و مكتملة تساهم في الرفع من مردوديتهم التعليمية التعلمية.إذن نحن هنا أمام أزمة مجتمع أزمة مدرسة؛ أزمة وسائل الإعلام، أزمة شباب يبحثون عن حل التناقض بينهم و بين المؤسسات التي تحتضنهم.لحل هاته الأزمات يشترط الباحث المصطفى حدية بناء مشروع اجتماعي ناظم للحقل التربوي و الثقافي و القيمي، و يعكس تطلعات الفئات المستهدفة في علمية التنشئة الاجتماعية، تحقيقا بطبيعة الحال لرهانات التنمية المستديمة المعول عليها من طرف كل فعاليات المجتمع المدني.