إن استحضار ذكرى وفاة بطل الريف المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي يوم 6 فبراير 1963 هو مناسبة لاستخلاص مجموعة من القيم والمبادئ الانسانية الكفيلة مستقبلا بتجاوز مختلف الصعاب المثبطة للعزائم في سائر الميادين والمجالات . في مقدمة هذه القيم الإيمان والصبر والتحدي ، تلك كانت الأسلحة الثلاثة التي صنعت انتصار أنوال في يوليوز 1921، انتصارا أذهل عقول القادة العسكريين في العالم أنذاك ، انتصارا لمجموعة من المقاتلين المغاربة الريفيين بقيادة الخطابي على جيش نظامي قوي بعدة وعتاد متطور ، وبرئاسة أعظم جنرالات الإسبان خبرة وتمرسا بالحروب . فمنذ انتصار الخطابي في هذه المعركة الخالدة ، والمقاتلون الريفيون بقيادته يوالون زحفهم على مواقع الحاميات العسكرية طيلة خمس سنوات ، حتى أصيب الجهاز العسكري الاسباني بالارتباك والدوار . وعندما أحس المحتل بأنه على وشك الاستسلام والانسحاب تحالف مع فرنسا ليتم اللجوء الى سلاح الطيران لقذف الريف بغازات سامة أهلكت الزرع والضرع ، والثرى والورى . وخوفا على الأهالي من استمرار حرب الابادة استسلم البطل محمد بن عبد ااكريم الخطابي سنة 1926 للأسر ثم النفي صحبة أسرته وذويه إلى جزيرة "لا رينيون" "la reunion" وهي مستعمرة فرنسية بالمحيط الهندي ، حيث سيعيش هناك منفيا احدى وعشرين سنة . وفي سنة 1947 ونظرا لتنامي اضطراب الوضع السياسي والأمني بالمغرب ضد المستعمر ، قررت فرنسا إرجاع الخطابي لاستعماله كورقة سياسية للضغط على محمد الخامس وكبح جماح انتفاضته . وفي الطريق البحري بين المنفى ومارسيليا عبر البحر الأحمر وقناة السويس تبخر المخطط الفرنسي عند ميناء بور سعيد ، حيث سيلجأ بطل الريف الى مصر بتخطيط من مكتب المغرب العربي بالقاهرة ومباركة الملك فاروق ، ليعيش هناك بقية عمره معززا مكرما الى أن وافته المنية يوم 6 فبراير 1963. إن المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي سيبقى رمزا وطنيا خالدا في اعماق الذاكرة التاريخية المغربية ، واستحضار ذكرى وفاته هو احتفاء بقيم الايمان والصبر والتحدي عن طريق التضامن والتلاحم بين سائر مكونات الشعب المغربي لمناهضة أسباب التفرقة والتشتت من أجل مغرب قوي وموحد /
-الصور المرفقة تمثل اثنتان منها لقاء محمد الخامس بمحمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة سنة 1958 ، والثالثة صورة لبطل الريف عندما كان قاضيا شرعيا بمدينة مليلية سنة 1918