يبحث المنتدى الإفريقي الثاني لمدبري الشأن الترابي ومعاهد التكوين، الذي انطلقت أشغاله اليوم الأربعاء بالسعيدية، قضايا متصلة بآليات تنمية الرأسمال البشري للجماعات الترابية الإفريقية، وذلك في أفق بلوغ أهداف التنمية المستدامة في إفريقيا. https://youtu.be/2QtFhEtmyWM وتندرج هذه الدورة، التي ينظمها مجلس جهة الشرق ومنظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية، بشراكة مع وزارة الداخلية وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، في إطار أنشطة الأكاديمية الإفريقية للقيادات المحلية. وتتوخى هذه التظاهرة الإفريقية، التي تمتد أشغالها على مدى يومين، أن تشكل فضاء لتبادل الممارسات الجيدة في مجالات تنمية الرأسمال البشري بالجماعات الترابية، وملاءمة الإصلاحات والإجراءات المتخذة على هذا المستوى. ويلتئم، خلال هذا المنتدى، مسؤولون وأطر إدارية مركزية ومحلية ومسؤولون بجماعات ترابية وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع الخاص من داخل إفريقيا ومن جهات أخرى من العالم. ويعكف المشاركون في هذا اللقاء على بحث أهم الإصلاحات التي ينبغي مباشرتها للارتقاء بمستوى أداء الإدارات المحلية وتحسين تدخلاتها وجعلها قادرة على جذب واستقطاب أطر شابة مستعدة للانخراط في مسار مهني يهم التدبير الترابي. وتعد هذه التظاهرة مناسبة لإعمال التفكير بشأن الآليات الكفيلة بتحسين الرصيد المعرفي للمسير الترابي، وتعزيز مجالات النقاش وتبادل الخبرات المرتبطة بتحسين التدبير داخل الجماعات الترابية. كما يهدف المنتدى إلى تعبئة كافة الجهات الفاعلة الإقليمية الإفريقية لصالح الاستثمار في الرأسمال البشري كمطلب رئيسي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتبادل وتحديد الاستراتيجيات الرامية إلى تحقيق الأهداف المعلنة في ما يخص الإصلاحات والممارسات والسبل والمسؤوليات والالتزامات. وفي افتتاح هذه الدورة، اعتبر رئيس مجلس جهة الشرق عبد النبي بعيوي أن مخرجات الحوار داخل هذا الملتقى، الذي تشارك فيه تمثيلية أكثر من 30 بلدا إفريقيا، “ستكون في مستوى تطلعات المواطنين التواقة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة”. وأكد أن غايات هذه التنمية “ينبغي تحديد مضامينها وهندسها على أساس الاستثمار في الرأسمال البشري وتكريس مبادئ الحكامة الترابية ومنهجية سياسة القرب ونشر قيم التضامن الاجتماعي والاقتصادي والمجالي”. وقال إن من شأن ذلك أن يعزز قدرات الجماعات الترابية ويمكنها من ممارسة اختصاصاتها وتطوير مردوديتها والارتقاء بأدائها، مؤكدا أن هذه الجماعات تضطلع بدور طلائعي، إلى جانب المؤسسات الأخرى، في المسار التنموي، باعتبارها شريكا أساسيا في صياغة السياسات العمومية وتنزيلها على أرض الواقع، فضلا عن دورها الرائد في مجال التعاون اللامركزي والتعاون الدولي. وفي هذا الصدد، أفاد المتحدث بأن مجلس جهة الشرق انخرط في مجموعة من المبادرات التي استهدفت تنمية التعاون بين الجهات الإفريقية في مجالات التدبير الإداري والترابي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي، من قبيل إبرام اتفاقيات شراكة مع جهات إفريقية لإرساء قيم التعاون والتضامن خدمة لتطلعات المواطنين في هذه الجهات. من جانبه، ألح والي جهة الشرق، عامل عمالة وجدة أنجاد معاذ الجامعي على أهمية تكوين وتأهيل الموارد البشرية في تنمية الجماعات الترابية، مبرزا الدور الحيوي للرأسمال البشري في تحقيق الدينامية اللازمة للتنمية المستدامة. وأضاف الجامعي، في هذا الصدد، أن برنامج التدريب الترابي، الذي أطلقته الأكاديمية الإفريقية للقيادات المحلية ومنظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية، بشراكة مع مجلس جهة الشرق، يعد تجربة غير مسبوقة قادرة على إعداد أطر وكفاءات المستقبل. من جهته، أبرز رئيس جامعة محمد الأول محمد بنقدور أن موضوع المنتدى يسلط أضواء كاشفة على الأهمية التي يكتسيها إرساء سياسة جديدة لتطوير الكفاءات على المستوى الجهوي، مؤكدا على الحاجة إلى جعل منظومة تدبير وتطوير الكفاءات على الصعيد الترابي رافعة حقيقية في خدمة الجهوية المتقدمة. وبحسب بنقدور، فإن السياسة الجديدة لتطوير الكفاءات ينبغي أن تستند إلى أربعة ركائز تتمثل في التواصل، وأدوات التنزيل، والتنفيذ التدريجي، ثم التقييم. وقال إنه في سياق كهذا، وبالنظر إلى الأدوار المنوطة بالمؤسسة الجامعية في التكوين والبحث، فإن جامعة محمد الأول بوجدة توجد “في صلب هذا الورش الكبير، وتعتزم الاضطلاع بدورها الكامل في تحقيق غاياته، في إطار الجهوية المتقدمة”. من جانبه، أكد الكاتب العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة لإفريقيا جون بيير إلونغ مباصي على ضرورة النهوض بالتعاون جنوب – جنوب بغية تحقيق التنمية المنشودة لصالح الأفارقة، داعيا إلى إيلاء مزيد من العناية لمهن الجماعات الترابية والتدبير الإداري، بما يؤدي إلى تطوير الرأسمال البشري وإلى استكمال الورش الواعد للاتمركز. وفي معرض حديثه عن اختيار مدينة السعيدية لاحتضان هذا المنتدى، أبرز مباصي أن جهة الشرق تعد بفضل موقعها الاستراتيجي حلقة وصل بين إفريقيا جنوب الصحراء وإفريقيا المتوسطية. وفي كلمة بالمناسبة، حث الأمين العام لوزارة التنمية المحلية بمصر محمد كمال حسين بنداري على السعي إلى تحقيق مزيد من التنمية والتواصل والتكامل بين البلدان الإفريقية، مؤكدا أن تحقيق هذه الغايات يستدعي العمل على تطوير الموارد البشرية. كما دعا المسؤول المصري إلى إرساء التعاون ونقل الخبرات في كافة المجالات، بما يعزز قدرات الموارد البشرية بالقارة الإفريقية، معربا عن الأمل في أن يفضي هذا المنتدى إلى اقتراح توصيات متصلة بتنمية هذه الموارد، تعود بالنفع على إفريقيا. إلى ذلك، سيجري خلال هذه الدورة، التي تنظم تحت شعار “التعبئة قصد تنمية الرأسمال البشري للجماعات الترابية: ضرورة حتمية من أجل بلوغ أهداف التنمية المستدامة”، انعقاد الجمعية العامة الأولى لمديري الموارد البشرية للجماعات الترابية في إفريقيا، التي تروم إنشاء الشبكة المهنية لهذا القطاع على المستوى المحلي، وتسليم شهادات التكوين للدفعة الأولى من الخريجين المغاربة في مجال التدريب الترابي.