توصل قادة منطقة اليورو، اليوم الاثنين، إلى اتفاق بشأن إطلاق حزمة إنقاذ ثالثة لليونان، عقب مفاوضات ماراثونية مع أثينا استمرت على مدى 16 ساعة. وقال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، في تغريدة له على موقع تويتر، إن قادة منطقة اليورو توصلوا إلى اتفاق بالإجماع، وإن “الجميع مستعد لبرنامج آلية الاستقرار الأوروبية (حزمة الإنقاذ الثالثة) من خلال إصلاحات يونانية جدية ودعم مالي”. وبذلك اضطر رئيس الوزراء اليوناني، ألكسيس تسيبراس، إلى التراجع تقريبًا عن جميع وعوده الانتخابية في إنهاء سياسة التقشف اليوناني، وشطب الديون، والتخلص من ترويكا الدائنين (المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي). ووافق تسيبراس على تطبيق إصلاحات سبق أن تعهد بها في سوق العمل ونظام التقاعد، وتنظيم ضريبة القيمة المضاعفة والضرائب الأخرى، وعمليات الخصخصة، إضافة إلى عودة ممثلي الترويكا إلى أثينا مخولين صلاحية الاعتراض على قرارات الحكومة اليونانية، وتسليم صندوق الخصخصة ما قيمته 50 مليار يورو من الممتلكات العامة. واشترط قادة منطقة اليورو تمرير الاصلاحات من البرلمان اليوناني مقابل الإفراج عن حزمة الإنقاذ الثالثة، البالغة 86 مليار دولار، لليونان، التي لم تتمكن من التخلص من أزمتها المالية رغم حزمتي الإنقاذ السابقتين. وأقرت دول منطقة اليورو حزمة الإنقاذ الأولى لليونان في أيار/ مايو 2010، أتبعتها بحزمة الإنقاذ الثانية في شباط/ فبراير 2012، وبلغت قيمة قروض الحزمتين 244 مليار يورو. وتضم منطقة اليورو 19 دولة هي بلجيكا، وألمانيا، وإستوينا، وإيرلندا ، واليونان، وإسبانيا ، وفرنسا، وإيطاليا ، ومالطا، وقبرص الجنوبية، ولاتفيا، وليتوانيا، ولوكسمبرورج، وهولندا ، والنمسا ، والبرتغال، وسلوفينيا، وسلوفاكيا، وفنلندا. واضطرت الحكومة اليونانية إلى الموافقة على الشروط القاسية لمنطقة اليورو، عقب مفاوضات ماراثونية مع قادة المنطقة استمرت حتى صباح اليوم الاثنين، من أجل الهروب من شبح الإفلاس والبقاء بين دول المنطقة. ومقابل الإفراج عن حزمة الإنقاذ الثالثة، البالغ إجماليها 82-86 مليار يورو، يبرز من بين الشروط التي رضخت لها أثينا: أولًا- استمرار سياسات التقشف مع رفع جرعتها، وتنظيم الضرائب بما فيها زيادة ضريبة القيمة المضاعفة، وإجراء إصلاحات في سوق العمل ونظام التقاعد، وخضوع اليونان لقانون مالي ينص على اقتطاعات أوتوماتيكية من الميزانية، وتعزيز استقلالية مؤسسة الإحصاء. ثانيًا: مراقبة صندوق النقد الدولي اليونان عن كثب. ويتم تجديد الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي عند انتهاء مدتها، وإلا فإن تعليق حزمة الإنقاذ الماليلأثينا سيكون بالمرصاد. وتعود وفود ترويكا الدائنين (المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي) إلى العاصمة أثينا وتراقب المؤسسات اليونانية على الأرض. ولن يكون بإمكان الحكومة اليونانية التصرف بمفردها في القضايا المالية، دون الحصول على موافقة ممثلي الترويكا. ثالثُا: عمليات الخصخصة تجري تحت إشراف الترويكا. وفي هذا الإطار يُؤسس صندق خصخصة بقيمة 50 مليار دولار في أثينا، وتُنقل إليه أهم الأصول العامة. ويُصرف نصف الدخول العائدة من عمليات الخصخصة كتقوية رأسمال للمصارف، وربعها في سداد الديون، والربع الأخير في الاستثمارات. رابعًا: تخفيض عدد العاملين في القطاع العام، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وخصخصة شركات خطوط نقل الكهرباء، وإصدار قوانين جديدة بخصوص الكثير من القطاعات. وحتى في حال تحقيقها كل هذه الشروط فلن يكون شطب ديون اليونان، ولو جزئيًّا، أمرًا واردًا، وإنما سيكون هناك تمديد لمهلة السداد، وخفض نسب الفائدة، في حال تحقيق شروط معينة.